الآيات والأحاديث تُقرِّر أهميَّة أنْ يتوفَّر للإنسان أمران ضروريان ، هُما : الأمن والغِذاء. . قال تعالى:( ... الذي أطعمهُم من جوع وآمنهم من خوف). أزمةُ كورونا ، والمناخ ، وأسعار الطَّاقة ، والحروب ، والنزاعات الإقليميَّة ، أو الأهليَّة ؛ ستُزيح الستار مرَّةً أُخرى ، وتكشف الخلل ، في قضيَّةٍ إنسانية واقتصادية وإسلامية بالدرجة الأولى ، حول الأمن الغذائي في البلدان الإسلامية. الأمن والغذاء وصحّة البدن ، نِعَم تُعادل امتلاك الدنيا .. جاء في الحديث الشريف قوله- صلى الله عليه وسلم-: ( من أصبح منكم مُعافى في جسده ، آمناً في سِربه ، عندهُ قُوت يومه، فكأنَّما حِيزت له الدُنيا). السؤال الذي يطرح نفسه دائماً ، ولكن لم نرَاه على أرض الواقع المأمول: ما دور المنظمة العربية للتنمية الزراعية؟! نحنُ نُريد تكامل أُممي بين أبناء الأمة الإسلامية ، وليس قُطري! كانت أزمة الغذاء العالمية ، في عامي 2006 و2007م كاشفةً لهذا الفشل ، في المشروع العربي والإسلامي ، في تحقيق الأمن الغذائي. لعلَّ من أهم الأسباب التي طغت على هذا التفكك بين الأمم الإسلامية ، هو جانب السياسة ، والتدخلات الخارجية ، بالإضافة إلى المعونات التي تُقدَّم لبعض الدول الفقيرة ، من الدول الغربية. إنَّ مُثلَّث الانطلاق لكل عمل ، هو تحقيق الأمن والغذاء والصحة . حينها سيكون الطريقُ مُعبَّداً للانطلاق إلى مصاف الدول الإسلامية الصاعدة ، أمثال: ماليزيا وأندونيسيا وتركيا. قديماً ، في العصور السابقة ، ضمنت الدول الإسلامية الغذاء للفقراء ، والإسلام دائماً ما يحث المسلمين على زراعة الأرض واستصلاحها ، قال - صلى الله عليه وسلم:( من أحيا أرضاً ميتة ، فهي له). وكان أبناء الأمة ، في العصر الإسلامي ، يتقاسمون الرَّغيف فيما بينهم ، قال عليه السلام:( إنَّ الأشعريين إذا أرملوا في الغزو ، أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة ، جمعوا ماكان عندهم في ثوبٍ واحد ، ثُمَّ اقتسموه بينهم في إناءٍ واحد بالسويَّة ، فهُم منِّي وأنا منهم). واليوم ونحنُ نرى أبناء الأُمَّة ، يتسابقون على تعبئة بيوتهم بالمؤونة ، بإسرافٍ بيِّن ، يتخللهم في ذلك الخوف من الشُّح في الأزمات . حقيقةً أنَّ العالم اليوم بأسره ، يُعاني من التضخُّم ، وهذا ما عكس عليهم بالدرجة الأولى ، من اختلال في ماهيَّة الاقتصاد الدولي ، الأمر الذي أدخلهم في الكساد والبطالة والديون ، فالعالم يئن من عُقود ، والمحللون الاقتصاديون قالوا كلمتهم ؛ لكنَّ السباق على الخروج من المأزق ، زاد الأزمة ضيقاً ، وتسبب في التواءات سياسية خبيثة ، و استنبات للشر ، من كثير ممَّن يملكون المال ، فالحال لا يسر ، وهذه الأزمة الحقيقية التي يُعاني منها العالم اليوم ستطول ، وسيكون لها تبعات سلبية ، قد تمتد إلى ستة أشهر!!