إذا رأيت طلابا ما .. يكرهون المدرسة وينتظرون بفارغ الصبر أن يدق الجرس فاعلم أن هناك مشكلة كبيرة جدا تتحمل مسؤوليتها إدارة المدرسة ومديرها بصورة خاصة ..ويرى خبراء التربية أن مدير المدرسة هو العقل المدبر والمخطط وهو عنوان المدرسة وبدون أدنى شك تتأثر أجواء المدرسة بأسلوب وطبيعة ومزاج هذا المدير فإما أن تجد الجميع في حالة بهجة وأريحية ونشاط وتنافس محموم للأفضل ..وإما أن تجد تلك المدرسة كئيبة كأنها أطلال أو خرابة يشمئز الطالب والمعلم منها .. وفي كل الحالات لك الحق أن تعد تلك الصفة هي صفة المدير نفسه . لم تعد القيادة أن يكون مدير المدرسة مثل الآلة الجامدة لا يتكلم إلا بالنظام واللوائح ويبيت ليله يخطط ويرتب لكل عقوبة على موظفيه أو طلابه وهو إنما يفعل ذلك لأنه مفلس تماما ولم يعد له دور قيادي ولا كاريزما فنية يؤثر بها في مدرسته . إن المدرسة مع هذه النوعية هي سلبية ومنهارة تماما وتدعو للرثاء ..وتأثير تلك السلبيات سيكون طويل المدى على الطلاب لأنه لا يمكن لأي مدير جديد أن يغيّر في الجو العام الذي تسبب في تسميمه المدير السابق ويحتاج لضعف المدة كي يبرز شخصيته وأسلوبه الجديد على المدرسة . لقد كنت مديرا سابقا وأعترف أني لم أنجح في التأثير على طلابي إداريا مع أني نجحت معهم معلما وبرغم قسوتي معهم إلا أن أغلبهم يحبونني حتى الآن وأجدها فرصة كي أعتذر منهم لأني قسوت عليهم ذات يوم وكانت الغاية مصلحتهم ولا أعد هذا مبررا كافيا بالنسبة لي . ليست الغاية من الإدارة أن يقال عنك : مدير .. إذ مازال الكثير من صغار العقول يجدون هذا المنصب يغطي نقصهم الداخلي ليكتسبوا وجاهة فقط فيستميتون على الكراسي برغم إفلاسهم وتكريسهم لمنهج وسلوك كارثي على الطلاب في ظل غفلة الإدارة العامة التي ليس لها إلا الظاهر وربما لا يريد المشرفون الزائرون فتح مشكلة كبيرة قد تطالهم نيرانها إن هم فتحوا ملفات تلك المدرسة أية مدرسة . إن المدير القابع على مكتبه والمنكب على سجلاته يحسب كل صغيرة وكبيرة على موظفيه وطلابه تتشكل لديه سلوكيات نابذة لهم ويأخذ انطباعا عنهم أنهم مقصرون ومتهاونون فيبدأ يفكر في معاقبتهم وبالتالي تشيع أجواء الخوف والكره في أجواء المدرسة وينعكس ذلك على الطلاب . لم تعد التربية والتعليم مجرد كتاب يقيس عليه المدير السلبي نشاط معلميه وطلابه بل ينظر لمدى تأثير هذا المعلم على سلوكيات طلابه وهل هم يحبونه ويتأثرون به ؟ عندها تستطيع إذا كنت مديرا أن تستفيد من أمثال هذه النوعية من المعلمين لإبراز نموذج يقتدي به الجميع . إن المدير الذي لا يأبه لظروف الطلاب ولا يتفاعل معهم ولا يتلمس رغباتهم ومشاكلهم سواء داخل المدرسة أم خارجها ولا يعمل على حلها ..هو مدير لا إنساني بالدرجة الأولى يفتقد الإنسانية قبل كل شيء ومن يفتقد الإنسانية لا ينفع أصلا في التربية والتعليم فكيف بتسنم منصبا قياديا ؟ في هذا العصر أصبح الطلاب أكثر استيعابا لإيقاع العصر من بعض المعلمين والمديرين فيجب أن يكون مدير المدرسة والمعلمون على اطلاع ومعرفة بالإنترنت وثقافة العصر ليتعرفوا على نمط وسلوكيات وتوجهات واهتمامات طلابهم والاستفادة من ذلك في تحويلها لصالحهم . إن بعض المعلمين ومديري المدارس يسمعون عن الإنترنت سماعا ولا يعرفون عنه أي شيء فلا أدري كيف يتعاملون مع الطلاب ؟ ولا أدري ما معنى التعليم لديهم ؟ إن المسافة شاسعة بينهم وبين طلابهم فهل هم يحتاجونهم ؟ لا أعتقد ذلك بل إنهم يسخرون منهم لأنه يعيشون في عصور متأخرة كثيرا . كما لا أدري لماذا يبقى المدير لأحقاب طويلة في الإدارة ؟ .. فهو ملّ وكلّ ولم يعد لديه ما يقدمه خاصة إذا كان لم يقدم شيئا يستحق طيلة بقائه كل تلك السنين .. ومادام هو لم يحترم نفسه ويطلب الإعفاء فالواجب على الإدارة العامة إعفاؤه ليريح ويستريح . ربما قد يرى آخرون أن هذا الكلام ليس مهما ..لكننا لو تأكدنا أن تأثير المدير على مدرسته سلبيا ينعكس على مئات وآلاف الطلاب الذين بدورهم سيكتسبون تلك السلبيات وتترسخ لديهم في اللاوعي ليطبقوها على من هم دونهم وتحت مسؤوليتهم مستقبلا .. فلتتصوروا طبيبيا سلبيا ومهندسا سلبيا وطيارا سلبيا وعاملا سلبيا وممرضا سلبيا وأبا سلبيا وأخا سلبيا وجارا سلبيا إلخ.. لا شك إنه عالم من السلبية ومرض يتوارثه المجتمع لا يثمر إلا كرها وبغضا وظلاما يبقى للأبد .. فهل سنعي ونلتفت للخطر المحدق بمستقبل أبنائنا وأجيالنا؟! 1