أكّد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم") على ضرورة الاهتمام بشَبَكة المعلومات الدولية "الإنترنت" كوسيلةٍ من وسائل العمل الدعوي، مشيرًا إلى أنَّ فضيلته كان أول من دشَّن موقعًا إسلاميًّا بين زملائه وأبناء جيله. ونقلا عن موقع " الاسلام اليوم " فقد قال الشيخ سلمان، في حوار أمس السبت مع برنامج "جيل الرسالة"، والذي يُبَثُّ على فضائية الرسالة: لقد دَشَّنَّا موقعًا إسلاميًّا قبلَ عشر سنوات من الآن، حيث كانت المعرفة بالإنترنت محدودة، وكان استخدامه يقتصر على عددٍ من المواقع الرسميَّة المحدودة جدًّا؛ مثل مستشفى الملك فيصل التخصُّصي بالرياض، أو في بعض الاستخدامات الوظيفية. جاء ذلك تعقيبًا على مداخلة تقول: كثيرٌ من الناس يعتقد أنَّ العلاقة بينَ شخصيةٍ عامَّةٍ بحجم نشاط وشهرة الشيخ سلمان العودة وبين الإنترنت تكاد تكون في قطيعةٍ دائمةٍ، وأنه لا يجد وقتًا لكي يفتح الإيميل، أو يطَّلع على شيء في الإنترنت، في حين أنَّه من الواضِح أنَّ الدكتور العودة يجلس أمام الإنترنت ويقرأ ويكتب وعنده حساب في "الفيس بوك". استثمار دعوي وأضاف فضيلته: لقد كان كثيرٌ من الناس قبل خمسة عشر سنة لا يَعْرِف اسم "الإنترنت"، ولكنِّي التَقَطْتُه أول مرة من إذاعة BBC "هنا لندن"؛ حيث كانوا يتحدثون عن هذا المُنْتج الجديد الذي بَدَأ يغزو العالم. مشيرًا إلى أنَّه على الرغم من أنَّ الظروف في هذا الوقت كانت لا تسمح في التفكير في الظهور على الشبكة، لكن كان لدينا نوعٌ من الإصرار على استِثْمار هذا المجال الجديد في العمل الدعوي. وأوضح الدكتور العودة: أنَّ موقع "الإسلام اليوم"، والذي يُشْرِف عليه فضيلته كان منذ البداية حريصًا على التفاعل مع أحاسيس الناس، وقضاياهم المختلفة، بحيث يكون جزءًا من معايشتهم في الواقع، فضلًا عن كونه فرصةً لإعطاء كثيرٍ من المفاهيم والأفكار للناس في أوقات الأَزَمات. وضرب فضيلته مثالًا لذلك بالعدوان الصهيوني الأخير على المسجد الأقصى؛ حيث دشَّن الموقع نافذةً تفاعليةً تحت عنوان "شاركنا الغضب"؛ لإتاحة الفرصة للقراء للمشاركة في التعبير عن غضبهم ورفْضِهم لمثل هذه الانتهاكات الصهيونية. العودة.. والفيس بوك وذكر الشيخ سلمان أنه بسبب انشغاله قد يكون قليلَ المُرُور على الموقع إلَّا في أوقات معينة، خاصةً في أوقات الأزمات، مثل قضية القدس؛ حيث يجب مشاركة الناس والتفاعل معهم في مثل هذه الأزمات. ولفت فضيلته إلى أنَّ دخوله إلى ال"فيس بوك" كان مبكرًا أيضًا، موضحًا أنَّ تفاعله مع هذا الموقع يكون في الغالب في أوقات الأجازة يجلس مع ابنته التي تقوم بطباعة وتجهيز المداخلات والرسائل التي تحتاج إلى ردود ؛ حيث يقوم فضيلته بالتعليق على بعض المواد أو التعليقات المنشورة، فضلًا عن مشاهدة بعض الكلمات أو التفاعلات، كذلك فتح نوافذ من الحوار والتفاعل مع بعض الإخوة والأخوات المتواجدين online . تصميم.. وإرادة وردًّا على سؤال يقول: هل كان لدى فضيلتكم اهتمام بمسألة التنظيم في فترة الشباب؛ من وجود مكتب، ومكتبة، وأرشيف، وتصنيف، ومصنفات، أم كنتم كبقية الشباب تنطلقون بسَجِيَّة وعفْويَّة؟ قال الشيخ سلمان: لقد كنت أقرب للعفوية، ولكننِي كنت مصمِّمًا وصاحبَ إرادة قوية. مشيرًا إلى أنَّه كان يحرص على القراءة منذ الصغر. وأضاف فضيلته: إنَّ مكتبة الكتب التي أحتفظ بها يوجد فيها كتب منذ أن كنت في المرحلة المتوسطة، هذا إضافة إلى مكتبات أخرى لإخوانِي؛ حيث تجد مكتبة عبد الله العودة وإخوانه، حيث كنَّا نجمع الكتب، منها ما هو مؤرَّخ بسنة 1395ه، ولكن مع الوقت تطوَّر الأمر وأصبح عندي مكتبة كبيرة، كذلك المشاريع الأخرى، فمع الوقت ومع مخالطة الناس والقراءة والتجارب الحياتية تولّد عند الإنسان خبرة تتعلَّق بالتنظيم ليست بالحرفية ولكنها تلقائية. احترام الوقت وأوضح الدكتور العودة: أنَّه عنده حرص شديد على الوقت، وإن كان غير مُولَعٍ بترتيبه من خلال كتابة أو تصميم جداول كما يفعل بعض الشباب، ثُمَّ في النهاية، ربما لا يستطيع أن يستمرَّ عليه، مشيرًا إلى أنه إذا كان عند الإنسان إحساس داخلي بأهمية الوقت فإنَّه يستفيد منه كيفما اتَّفق، فقد يسترسل الإنسان مع نفسه، أو مع أولاده وأسرته، أو مع أصدقائه، ويعطي نفسه حقَّها بعيدًا عن التكلُّف، كما أنَّ الإنسان قد يسهر ليلةً كاملة أو وقتًا متواصلاً في برنامج وهو يشعر بقدرٍ من الارْتِياح. وتابع فضيلته: إنَّني لا أقول لك أنِّي مُرَتَّب، لكن عندي صبر واحترام للوقت ولطلاب العلم الذين يَتَلَقَّون منِّي. مشيرًا إلى أن فضيلته قلَّما يَدْلِفُ إلى برنامج إلَّا وهو مستعِدٌّ بإعدادٍ جيدٍ وكثيرٍ من القراءة قد تصل إلى مائتين أو ثلاثمائة أو أربعمائة صفحة، ومن الشرق إلى الغرب، بحيث يتكوَّن عنده أفكارٌ أكبر بكثير من الوقت، وأكبر من طاقته فيأتِي منها نسبة جيدة والباقي يحتفظ به الإنسان. عادات حميدة وردًّا على سؤال يقول: هل مقالات الشيخ سلمان وقصائده تُكْتَب في مكتبه في طقوس مُعَيَّنة، أم أن الأمر متروك لوقت وُرودِ الفِكْرة؟ قال الشيخ سلمان: إنَّ أجمل شيء أن يكون الإنسان عنده عادات حميدة. مشيرًا إلى أنَّ من هذه العادات أن يكون القلم عند الإنسان مثله مثل مفتاح البيت لا يَنْفَكّ من جيبه، وكذا الدفتر؛ حيث يجب أن يحتفظ الإنسان دائمًا بدفتر صغير، بحيث يكتب فيه كلما حضرت له فكرة. وأضاف فضيلته: إنَّ الكتابة الآن أسهل عندي من الكلام؛ لأنني أكتب بسرعة، كما أنَّ الأفكار تنهال على الإنسان في أي وقت، فتجد أن الإنسان إذا عَنَّت الفكرة فإنَّ القلم موجود، فيَمْتَشِق الحسامَ والوَرَق ويكتب، فإذا اتَّجهتُ لفكرة لا أتوقف حتى أنتهي منها، لافتًا إلى أنَّ هذا نتيجة أنَّ فضيلته كان منذ الصغر يُحبّ الكتابة والشعر. شِعْر الطفولة وكشف الدكتور العودة عن أنَّ هناك بعضَ القصائد التي كتبها فضيلته في مرحلة الطفولة، وهي قصائد مَوْزُونة ومُقَفَّاة وفيها معنًى جميل، ولكن عقَّب ذلك بقوله: قد لا يستطيع أبنائي الآن الذين هم في مرحلتِي آنذاك أن يقرؤوها. وأضاف فضيلته: إنَّ هناك نِيَّة أن لجمع هذه القصائد، وشَدْو الطفولة، ويضعه مستقلًّا حتى يأخذه الناس بالجوِّ والفترة التي قيلت فيها. لافتًا إلى أن بقية القصائد وإن كانت وسطًا، فإنَّنِي ناقِد أكثر منِّي شاعر، فأنقد شعري أنَّ الغالب فيه عاديّ، والقليل منه هو ذلك الشعر الجميل الذي فيه رُوح الشعر، وخاصةً أنه قد يكون قد نضَج على نار المُعاناة في حالاتٍ مُعيَّنة. قراءة شرعية وردًّا على سؤال يقول: هل كان فضيلتكم في فترة الشباب يختار كتبًا معينة لقراءتها، أم كنتم تنتقلون بين كل فترة وأخرى من حقل معرفِيٍّ إلى حقل معرفي آخر؟ قال الشيخ سلمان: لقد كان الغالب علينا هو القراءة الشرعية؛ فقد درست بالمَعْهد العلمي، كما درست عند المشايخ، ثم درست في كلية اللغة العربية سنتيْن، ثم حوّلت إلى الشريعة وتخرّجت فيها، ثم كانت دراسة الماجستير والدكتوراه في علوم السُّنَّة؛ فغالب الجوِّ الذي أعيش فيه هو جوٌّ شرعي، ولذلك فأغلب قراءاتِي كانَت لكتبِ التفسير والحديث. وأضاف فضيلته: إنَّ كثيرًا من هذه الكتب مُدَوَّن بها تعليقات منذ ذلك الوقت؛ لأنه قلّ أن يوجد عندي كتاب قرأتُه إلا وأضع عليه تعليقات، والمتقدِّمون كانوا يقولون: " الكتاب لا يشرق حتى يُظلم" فإذا اسودّ بكثرة التعليقات أصبح له قيمة إضافية. مشيرًا إلَى أنَّ فضيلته عنده تعليقات على معظم الكتب المشهورة، لافتًا إلى أنَّ هذه التعليقات هي في الغالب عبارة عن فوائد من الكتاب وليست نقدًا للكتاب. اهتمام باللغة والشِّعر وأردف الدكتور العودة: ولكن اهتمامي باللغة العربية فتح لي بابًا لتذوق الأدب والشِّعر، فضلًا عن وجود تطلعٍ عندي للقراءة؛ فقد قرأت في المرحلة المتوسطة والثانوية ل"علي الطنطاوي"، و"المنفلوطي"، كما حاولت أن أقرأ للرافعي ولكنِّي غَصِصْتُ بأسلوبه الصعب، فحاولت أن أحفظ كتاب "المساكين"، وجلستُ لفترة أحاول حِفْظَه بدون أن أفهم المعنى، ولكنَّني بعد ذلك صَرَفْت النظرَ عنه، وكما قرأت لكثير من المتقدمين. وتابع فضيلته: كذلك الأمر في الشِّعر؛ فقد قرأت المجموعات الشعرية والنثرية للجاحظ والأصمعيات والمفضليَّات، وكُتُب اللغة والدواوين ثم الكتب المعاصرة، وعلى سبيل المثال؛ فقد بدأت أقرأ روايات "نجيب الكيلانِي" في الصِّبا، حتى قرأتها كلها تقريبًا، حيث كنت أسلك "نظام الجملة" في القراءة، أي أنني إذا أعجبنِي كاتب قرأتُ له كلَّ ما وَقَعَت عليه يدِي؛ فقد قرأت كلَّ كتب "على الطنطاوي"، كما أذكر أنَّه كان عندي كتاب ممنوع له اسمه "في سبيل الإصلاح"، فاجتهدت حتى حصلت عليه، وهكذا الأمر بالنسبة لكتّاب آخرين. سلسلة تقارير يُذْكَر أنَّ هذه كانت أول حلقةٍ في سلسلة تقارير يعرضها برنامج "جيل الرسالة" على قناة "الرسالة" الفضائية، عن مستشار البرنامج الأول د.سلمان العودة (المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم"). وتَمّ تصوير التقارير في منزل الشيخ العودة ومكتبته في بُرَيدة، حيث تظهر تفاصيل حياته الشخصية وعلاقته بأبنائه بعيدًا عن زَخَم العمل العام الفكري والدعويِّ وأضواء الشهرة والنجومية. حافز.. وثقة وكان مقدمَا البرنامج الشابّ منهل عبد القادر والشابّ عبد المجيد الفوزان قد عبَّرَا في تصريح خاصّ لشبكة "الإسلام اليوم" عن سعادتِهِما بهذه الثقة التي يمنحها لهما فضيلة الشيخ سلمان باستمرار، واعتبروها حافزًا يحثّهم مع بقية أبناء الجيل على التواصُل مع القِدَى والرموز التي تؤثر في حياة الشباب والأمة. يُشار إلى أنَّ برنامج "جيل الرسالة" يُعرض أسبوعيًّا كل سبت الساعة 10 مساءً بتوقيت مكةالمكرمة على قناة "الرسالة" الفضائية، ويُعاد يوم الأحد الساعة 1 ظهرًا.
