الديب: إيرادات الميزانية السعودية تعكس قوة الاقتصاد وكفاءة الإنفاق    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأمير بدر بن عبدالمحسن -رحمه الله-    جثمان الأمير بدر بن عبدالمحسن يوارى الثرى    محافظ الطائف يرأس أجتماع المجلس المحلي    قروض صديقة للبيئة من بنك التنمية الاجتماعية    13 مليون عامل و1.2 مليون منشأة بالمملكة    اصطدام سيارة بإحدى بوابات البيت الأبيض ومقتل سائقها    قربان: قطاع الحياة الفطرية يوفر فرصًا استثمارية ضخمة في السياحة البيئية    "الأرصاد" ينبه من هطول أمطار على منطقة الرياض    المملكة تستضيف اجتماعيّ المجلس التنفيذي والمؤتمر العام ل"الألكسو"    كلوب: مدرب ليفربول المقبل لن يواجه صعوبات    منتدى المشاريع العالمي في يونيو المقبل بالرياض    التجارة غير النفطية تواصل النمو في أبريل    فرص واعدة لصُناع الأفلام في المملكة    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام هيئة التراث بالمنطقة    ميسي يسجل ثلاثة أرقام قياسية جديدة في الدوري الأمريكي    هل وصلت حرب غزة إلى طريق مسدود؟    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تطلق جولتها القرائية الخامسة    تدخل عاجل ينقذ حياة سيدة في عنيزة    كاسترو يكشف موقف تاليسكا وغريب من مواجهة الهلال    20 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح    ( مسيرة أرفى ) تعلن عن إنطلاق فعاليات شهر التصلب المتعدد    "باحث": لا يوجد أدلة على أن الاستمطار يحدث هطول أمطار شديد    الأمم المتحدة تكشف: آلاف السودانيين يفرون يوميا من جحيم الحرب    "تعليم تبوك" و"أرامكو" يطلقان حملة توعوية للوقاية من الحرائق    المملكة تعين وتروي المحتاجين حول العالم    "ميدياثون الحج والعمرة" يختتم أعماله    تنمية جازان تفعل برنامجًا ترفيهيًا في جزر فرسان    رونالدو: لا أركض وراء الأرقام القياسية    توقعات بهطول أمطار رعدية خفيفة على معظم مناطق المملكة    اللحوم والبقوليات تسبب "النقرس"    السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها    القبيلة.. وتعدد الهويات الوطنية    مسؤولون وفنانون وشعراء ينعون الراحل    البدر «أنسن العاطفة» و«حلّق بالوطن» وحدّث الأغنية    آه يا رمل وهبايب.. تدفن جروح الحبايب.. ورحت يا بدر التمام    تعديلات واستثناءات في لائحة ضريبة التصرفات العقارية    بأمر خادم الحرمين.. تعيين 261 عضواً بمرتبة مُلازم تحقيق في النيابة العامة    «المظالم» يخفض مدد التقاضي و«التنفيذ» تتوعد المماطلين    السعودية.. دور حيوي وتفكير إستراتيجي    عضوية فلسطين بالأمم المتحدة.. طريق الاستقلال !    معالي الفاسد !    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    الذهب يتأرجح مع تزايد المخاوف بشأن أسعار الفائدة    تقدير الجهود السعودية لاستقرار السوق العالمية.. المملكة تعزز تعاونها مع أوزبكستان وأذربيجان في الطاقة    رعى حفل التخرج الجامعي.. أمير الرياض يدشن مشروعات تنموية في شقراء    تحت رعاية ولي العهد.. وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل ويشهد حفل التخرج    موسكو: «الأطلسي» يستعد لصراع محتمل    الهلال يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الأهلي    منح تصاريح دخول العاصمة المقدسة    الطائي يتعادل مع الخليج سلبياً في دوري روشن    بتنظيم وزارة الرياضة .. "الأحد" إقامة المؤتمر الدوري للقطاع الرياضي    يجنبهم التعرض ل «التنمر».. مختصون: التدخل المبكر ينقذ «قصار القامة»    النملة والهدهد    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مشايخ تويتر».. مجهولون يتنافسون في الفتوى وحشد الأتباع!
منصور الجفن يكتب: البعض يستغل العواطف الدينية لدى البسطاء لتشكيل آرائهم وفق مايراه
نشر في أنباؤكم يوم 12 - 09 - 2015

وسط هذه المعركة مع أعداء الوطن يبرز لنا كل يوم وجه قديم متجدد من أوجه الاستهداف والعدوانية ضد عقيدتنا وثوابتنا ولحمتنا الوطنية، وضد القيم الإسلامية والأخلاقية التي تربى ونشأ عليها أبناء هذا الوطن، وفي مقدمة ذلك من أوجه هذا الاستهداف محاولة زرع بذور الغلو والتطرف لدى شبابنا عبر تلك الفتاوى المغرضة التي يضخها لمجتمعنا مشايخ ومفتون مجهولون عبر برنامج «تويتر» وبعض برامج التواصل الاجتماعي، وعبر ما تبثه بعض تلك القنوات الفضائية من جميع أصقاع المعمورة، والتي تصب جميعها في إطار خدمة مشروعات التطرف والإرهاب، بغية استقطاب هؤلاء الشباب للزج بهم تارة في بؤرة جرائم الإرهاب والتطرف وتارة أخرى بهدف تشكيكهم بثوابت وطنهم وسلامة عقيدته وقيادته الرشيدة وعلمائه الأجلاء.
ولا شك أن هذا الزخم وهذا السيل الجارف من فتاوى «مشايخ تويتر» المضللة لن يمر عابراً دون أن يكون له تأثير على العقول التي لا تملك ما يكفي من الثقافة الفقهية للتحصن من اسقاطات تلك الفتاوى المسيسة في كثير من أحوالها.
وأمام هذا الزخم من حراك «مشايخ تويتر» ونحن هنا لا نتحدث عن المشايخ المعروفين الذين لهم جهد وباع طويل ويشهد لهم الجميع بالصدق والخير ولهم مكانة مرموقة في أوساط المجتمع، لكن نحن هنا أمام أولئك الذين يقدمون فتاوى أو معلومات كاذبة وملفقة في كثير من الأوقات، ومن المؤسف أنهم لا يملكون من فقه الشريعة ما يجعل بعضهم قادراً على فهم نواقض الوضوء وبالرغم من ذلك منحوا أنفسهم صفة المشايخ تحت أسماء مجهولة وبألقاب تفضح غموض شخصياتهم ووضوح مقاصدهم السيئة، وللأسف فإنهم يجدون من يصدقهم وينخدع بهم وهذا مكمن الخطورة.
هذا الوضع الخطر والمقلق يجب عدم الاستهانة به، كما يتطلب من المنابر الدعوية على مختلف مناشطها أن تنفض غبار الكسل والتكاسل للوقوف في وجه هؤلاء والتصدي لهم والتحذير منهم لأن تمادي هؤلاء العابثين بالفتوى وتجييرها لصالح مخططاتهم المتطرفة دون ان يكون هناك مواجهة ملموسة من الجهات المعنية سيجعلنا أمام وضع غير محمود العواقب، ومن جانب آخر فإنه من الضروري قيام علمائنا الأجلاء للمبادرة والتصدي لهذه التجاوزات والمغالطات والعبث في الفتاوى أو تصدر المشهد لحشد الأتباع وصنع جماهيرية سطحية تنقاد له ويتلاعب في أفكارها ومفاهيمها كيفما يشاء ويطوعها ويحقنها ضد الدولة وضد المجتمع كل يوم وكل ليلة ويستغل كثير من المواقف والاحداث لتمرير أجنداته وإسقاط مايريد على كل حدث.
سهولة الاتصال والتواصل
----------------------------------
في البداية يقول د. مزيد المزيد -الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة القصيم- أن الفتوى أمرها عظيم في الإسلام، ولذا فقد جعلها الله وظيفة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فقال تعالى:﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾، ومن عظم شأن الفتوى أن الله سبحانه أسند القيام بها إلى العلماء العالمين بكتاب الله وسنة رسوله، وكلف المخاطبين بأن يتجهوا في استفتائهم إليهم، فقال تعالى مخاطباً المستفتين: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾(النحل:43) يعني أهل العلم بالكتاب والسنة، وحرم الله تعالى التساهل في أمرها فقال تعالى مخاطباً المفتين: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾
وأشار إلى أن أهمية الفتوى تزداد في هذا العصر الذي تميز بالانفتاح بين الدول والشعوب، وتميز بتعدد وتنوع وسائل الاتصال والتواصل بين الناس، مما يحتم على الأمة مواكبة هذا الانفتاح وسهولة الاتصال والتواصل، بتجديد وسائل الفتوى، وتسهيل الوصول إلى المفتي، وتأهيل المفتين بما يواكب هذه المستجدات، لأن الفتوى اليوم لم تعد تواصلا بين شخصين المفتي والمستفتي، أو تواصلا بين المفتي وجماعة المسجد، بل الكلمة الآن تقال في شرق الأرض فيسمعها من في الغرب في نفس الوقت، وهذا يستوجب أن يكون المفتي ملماً بأقوال العلماء في المسألة، وعارفاً بما عليه عمل المسلمين في الدول الأخرى، ومدركاً للخلاف المذهبي بين الشعوب الإسلامية.
كثير من فتاوى تويتر وممارسات التحريض والتهييج كانت نهاياتها وخيمة
صناعة الرأي العام
--------------------
وأضاف د. المزيد أن الفتوى وتقرير الأحكام الشرعية لم تعد وظيفة العالم الشرعي، بل أصبحت نشاطاً إعلامياً، يتخذها البعض للتواصل مع الجمهور، وصناعة الرأي العام، ويوظفها البعض لنشر أفكار التكفير والتطرف والإرهاب، ويستعملها البعض لزعزعة واستقرار الدول، كما يستغلها البعض لمحاربة الدين، والتشكيك في ثوابت الأمة، وإذا كان هذا العصر بتقنياته المتنوعة قد سهل الاتصال والتواصل بين الأفراد والمجتمعات، واستفاد منها الكثير في مختلف الجوانب، إلا أن هذه التقنيات الحديثة مع إيجابياتها الكثيرة، فإنها قد أفرزت ممارسات خاطئة من البعض، والدليل ما نشاهده اليوم من تصدر البعض للفتوى وهو غير أهل لها، خصوصاً في وسائل التواصل الاجتماعي، وبالذات (تويتر)، الذي يفتقد إلى مرجعية علمية تشرف على جانب الفتوى فيه، وتتأكد من الكفاءة العلمية للمشارك فيه، مما أتاح لغير المؤهلين الولوج إلى باب الفتوى من خلاله، وأصبح البعض يخلط بين التعبير عن آرائه الشخصية، وبين التوقيع عن رب العالمين ببيان الأحكام الشرعية، لأن الفتوى حكم شرعي يبنى على أصول وموازين استدلالية متفق عليها بين علماء المسلمين، وقد يتجاوز البعض ذلك خطورة باستغلال العاطفة الدينية للقراء والمتابعين من غير المختصين، بتوظيف الفتوى عبر تويتر لخلخلة بناء المجتمع، ببث الفتاوى المضللة، ونشر الفتاوى الشاذة، وتبني المذاهب المنحرفة، والأقوال الضعيفة، فنجد من يحاول تمييع الدين، ونزع هيبته من القلوب، كما نجد من يشدد على الناس، ويقنطهم من رحمة الله وسعة فضله، ونجد من يحاول تلبيس مواقفه السياسية والاجتماعية لبوس الدين كي يغرر بالعامة وأنصاف المتعلمين، استغلالاً لعاطفتهم الدينية، وهو يروم إلى بث الفرقة في المجتمع المسلم، والتشكيك في ولاة أمرهم، والمسؤولين فيهم، وتصنيف المجتمع، وفقد الثقة في مقدرات الوطن، وقد يكون هؤلاء المفتون مجهولين، لا يعرف منهم، وقد يكونون مدسوسين من أعداء الإسلام لبث الفرقة في المجتمعات الإسلامية، وزعزعة الاستقرار في دولهم.
فوضى تويتر
--------------
وعن الواجب الأول على المستفتي خصوصاً، وطالب العلم عموماً، قال د. المزيد على كل شخص ألا يأخذ دينه من أي شخص، وإنما يرجع إلى العلماء المعروفين الموثوق بعلمهم وأمانتهم، يقول ابن سيرين: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم)، أما العبء الأكبر حيال معالجة مشكلة فوضى الفتاوى وتقرير الأحكام في تويتر فيقع على المؤسسات والجهات الرسمية، فغياب هذه المؤسسات والجهات، أو حضورها بشكل غير مناسب لهذه التقنية، هو الذي أتاح لهؤلاء الأشخاص والحسابات من غير المؤهلين للدخول في الفتوى وتقرير الأحكام الشرعية، فالفتوى وتقرير الأحكام في تويتر يختلف لغة وأسلوبا عن الفتوى الشفهية، أو الفتوى في المسجد، أو الفتاوى في الإذاعة والتلفزيون، لأن الفتوى عبر تويتر لها سمات وخصائص محددة تتناسب معها من حيث الصياغة ونوع المتلقي، وكما يعلم الجميع أن لكل عصر أدواته وأساليبه.
ما ينشر في تويتر يفتقد للمرجعية الشرعية الصحيحة ويؤثر في مفاهيم الشباب
باب الفتنة!
----------------
بدوره قال د. صالح الصقري -استاذ التاريخ والحضارة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- بأن كل شخص يقوم بعمل ما يحاول أن يجد له تأصيل شرعي ليبرر لنفسه القيام بهذا العمل ويحاول في البداية أن يجد الدليل بنفسه لكن أحياناً تكون القضايا أكبر وشائكة فيحاول أن يبحث عن من يعطيه الفتوى في القضايا الكبرى والخطيرة وبإمكان هذا الشخص إذا كان يريد الفتوى الحقيقية فسيبحث عن علماء مشهود لهم بالإخلاص والعلم وعدم وجود الهوى لديهم وسيجد الإجابة الشافية لهذه الأحكام العظيمة لأن الأمة لا تخلو طوال تاريخها من علماء ربانيين أخذوا هذه الأمانة بقوة ويخافون الله فيما يقولون لكن المشكلة أن بعض هؤلاء الذين يبحثون عن فتاوى الأمور الخطيرة لا يريدون إلا إجابة تحقق ما في أذهانهم فيذهبون إلى مفتين قليلي العلم وقليلي الخبرة وقد يكونون غير معروفين ممن يطلق عليهم مشايخ الإنترنت فيجدون إجابة لمجرد اقناع انفسهم لما سيقومون به من أعمال خطيرة على مستقبلهم في الدنيا والآخرة، مشيراً إلى أن هناك آيات صريحة تنص على أن قاتل المؤمن خالد مخلد في النار، لقوله تعالى: "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً" الآية.
وأضاف: حينما تأتي مثل هذه الآية الصريحة سيذهب البعض ممن في نفسه هوى إلى أي مبرر ليُخرج هذا الحكم من اطاره الحقيقي فيبحث عن فتوى أخرى لتقول له: إن هذا المؤمن ليس بمؤمن بل هو كافر مرتد، وحتى عندما يجد آيات تحرم قتل الإنسان فسيبحث أيضاً عن فتاوى أخرى ومبررات تبيح له قتل هذا الإنسان وهذا ينطبق على قتل الإنسان لنفسه وهو أيضاً محرم في الإسلام، ثم يبحث عن نصوص لتبرر عمله هذا فلا يجد أيضاً من النصوص التي تؤيده ويضطر مرة أخرى للبحث عن فتاوى أخرى تبرر له هذه الأعمال المحرمة ويقع فريسة للهوى الذي في نفسه فيأخذ بأضعف الفتاوى التي تؤيد ما بداخله أصلاً فالمشكلة في مثل هؤلاء أنهم بدأوا بالمقلوب حيث أرادوا عملاً ثم بحثوا عن حكم يؤيده بينما المفترض أن يبحث الإنسان عن حكم أو فتوى من علماء مشهود لهم بالعلم وبالأمانة وتحري الحق ولديهم ايضاً معرفة بما تؤول إليه مثل هذه الأعمال وما تؤدي إليه من مفاسد وما تجره على الأمة من ويلات ونكبات واستغلال الأعداء لهذه القضايا لينشروا فيها سمومهم وأفكارهم، وحينما نقرأ التاريخ نجد أن ما تعرضت له الأمة من ويلات وفتن وضرب للإسلام والمسلمين في عقر ديارهم إنما يأتي أحياناً بتصرف أفراد بدون الاهتمام بما سيجر هذا الأمر من فساد على الأمة حيث تصل الفتنة حتى باب بيته وأهله ووالديه وولاة أمره ووطنه الذي كان آمناً يؤدي فيه أمور حياته وشعائر الإسلام بكل أمن وطمأنينة، بينما إذا فُقد الأمن في أي بلد فُقد معه كل شيء.
الفتاوى المغرضة
--------------------
وأكد الصقري هنا على ضرورة قيام علمائنا الأفاضل للتصدي لمثل هذه الظواهر الخطيرة وإبرازها ومعالجتها من جميع الجوانب وتقديمها للأمة ليكونوا على بينة وبصيرة من أمرهم حتى ولو لم يطلب منهم فتوى بهذا المجال، وأن يستخدموا جميع الأساليب المعاصرة في الوصول إلى جميع أفراد المجتمع أياً كان مكانهم لتوصيل المعلومة الصحيحة إليهم وتكون هذه المعلومات جاهزة ومؤصلة شرعياً وليست نتيجة ردود أفعال، كما لفت إلى أن المشكلة ليست بالفتوى فقط إنما ما يسبق الفتوى من غسيل المخ واستغلال عاطفة وفورة الشباب ومحدودية فهمهم والقدرة على استخلاص الأحكام الشرعية وهذا الأمر يتطلب علماء يقرؤون ويحللون ويؤلفون في القضايا التي تسبق الفتوى والأمر المهم أن كثيراً من الشباب وللأسف الذين وقعوا في مشاكل التكفير والتفجير يعلمون تمام العلم أن الفتاوى التي أخذوها من أشخاص من خلال مواقع مجهولة يعرفون انها ليست المحرك الوحيد لهم بل هم يريدون اقناع وتغرير بشباب آخرين ليسلكوا مسلكهم وأن ما يقومون به يرتكز على فتاوى وأدلة شرعية دون التحقق من مصادرها، فهم بحقيقة هذا الأمر أنهم من البداية آمنوا بالفعل ثم أرادوا أن يبحثوا عن دليلاً لأن الآخرين يطالبونهم بدليل على عملهم الخاطئ ولهذا كما يقال هم سيقومون بالعمل سواء وجدوا فتوى أو لم يجدوا فتوى.
د. مزيد المزيد
د. صالح الصقري
دور المنابر
--------------
وأضاف د.الصقري بأن هذا الموضوع الخطير الذي يتعلق بالأعمال المنافية لحقيقة الإسلام وحقيقة وجود الإنسان في هذه الحياة يتطلب من جميع المنابر الدعوية والإعلامية ورجال العلم الشرعي وعلماء الاجتماع وعلماء النفس والتربية والتاريخ التصدي لمثل هذه الظواهر التي لا تمس فرداً بعينه وإنما تمس جميع أفراد المجتمع وتمس مستقبل الإسلام والمسلمين في أي بقعة من بقاع الأرض وهناك قضايا يجب إبرازها وهي أن هذا الدين جاء رحمة للعالمين، وهنا الرحمة لا تعني أن يؤذي الإنسان نفسه أو مجتمعه، كما أشار إلى أن من القضايا المهمة والتي يجب التركيز عليها أن الأصل في هذا الدين وفي جميع الأحكام والشرائع أنه جاء للمحافظة على حياة الإنسان، كما يشمل المحافظة على حياة كل شيء يدب على هذا الأرض.
الأخذ بالضعيف وترك الصحيح
--------------------------------
من جانب آخر قال الشيخ فهد التويجري -مساعد المشرف التنفيذي على البرامج العلمية بمواسم الحج والعمرة- ان هذه الفتاوي المشبوهة والتي لا تستند على قواعد شرعية أو أنها جاءت بصيغة أحاديث تعارضها أحاديث أخرى، أو أنها منسوخة أو مقيدة أو أن في السنة ما يفسرها مثل قضايا أعيان أو نوازل معينة، علينا أن نستشعر خطورة تلك الفتاوى التي تضخها وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية عبر أشخاص أصحاب نوايا فاسدة لا يحملون علماً مؤصلاً ولا يستمدون فتاويهم من كتاب ولا سنة، أسمائهم مجهولة وفتاويهم معلولة وفي وقتنا هذا اختلطت الأوراق، وكثرة الهتافات، وتنوعت النداءات، وتعددت الشعارات وأصبح كل حزب بما لديهم فرحين، حتى وقعت العامة في الحيرة والتردد، بل وقليل من الخاصة، فأكثرهم يسمع كل ناعق، ويجلس إلى كل متكلم، ويأخذ بكل فتوى، وينظم لأي جماعة، طالباً للحق أو مستمتعاً بالحديث، أو محباً للاطلاع والفضول، حتى اختلط الحق بالباطل، وتفرق الناس.
الشيخ فهد التويجري
خالد المقبل
دور العلماء
-------------
وحول دور العلماء قال التويجري: إن العلماء ورثة الأنبياء ودورهم في هذا كبير وعظيم حيث إن الناس تعتمد على فتاويهم، والواجب عظيم والحمل ثقيل فمما يجب على علمائنا بيان الحق بدليله والصدع به وأن لا يأخذهم في هذا لومة لائم، كما يجب عليهم رد الشبه وبيان الحق ونصرة المظلوم والوقوف مع ولي الأمر بالحق، كما يجب عليهم كلاً حسب وسعه المشاركة في النزول إلى الساحة والدخول إلى المواقع المشبوهة وتسنيد شبة المارقين وإجهاض فتاوى المبطلين، مشدداً على أهمية رعاية الأبناء وتحصينهم من هذه الفتاوى التي تطلقها بعض المواقع الإلكترونية أو القنوات الفضائية، لأن أبنائنا هم فلذات اكبادنا ينبغي أن نجلس معهم الوقت الكافي ونسمع كلامهم ونتحاور معهم ونفهم طرحهم ونتعرف على علة مصادرهم في المعلومة كي يتضح لنا مشربهم ومصدرهم حتى نستطيع ان نتعرف عليها ومصدرها لأن المصدر الذي يستقي منه الشاب أفكاره وآراءه في بعض القضايا هو السبب في انحرافه وهو مكمن الخطورة، موضحاً إن على المنابر سواء منابر الخطباء أو المنابر الإعلامية ايضاح الحق بدليلة وأن نضع النقاط على الحروف ونذكر الأشياء بأسمائها.
مشايخ تويتر
---------------
من جانبه قال رجل الأعمال خالد المقبل: في الزمن الماضي كانت المجتمعات تأخذ فتواها من علمائها ومشائخها الثقات والمشهود لهم بالعلم والحكمة والمنهج المعتدل، ولكن فى الآونة الأخيرة وبعد ظهور القنوات والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ظهر ما يطلق عليهم مشايخ ومفتي تويتر والإنترنت، وهم عبارة عن شخصيات مجهولة لا يمكن الوثوق بعلمهم ومصداقيتهم مما أدى الى تداخل الفتوى واختلافها من شيخ الى آخر وتغير المفاهيم والاتجاهات التي أدت الى تشتت القارى والمتابع لهذه الفتاوى، فأصبح كل من قرأ كتاباً او برز فى مجال معين يعلو لمنبر الفتوى ويأمر وينهى عن أمور قد تكون اكبر من علمه وأكبر من نظرته، ومن المعروف ان الاعجاب فى الاشخاص قد يجعل من يتلقى يتقبل منهم كل ما يصدر عنهم من آراء او فتاوى او توجهات، وهذا هو الشاهد والمحك والسر فى كثير من الشباب حيث إن أغلب شبابنا إذا بدأت النقاش معه حول التطرف والإرهاب تجده قد تمسك فى احاديث ضعيفة او منسوخة او فتوى حصل عليها من الإنترنت، أو اطلع على كتاباً محرفاً أو أخذ من شخص له توجهات فكرية وعقائدية غير سليمة، ولهذا مما يحتم علينا كمجتمع ومسؤولين فى الدولة التعرف على هذه المنابع والمصادر التي تغذي وتزرع افكار التطرف والإرهاب، سواء فى الانترنت او الكتب وسحبها من الأسواق او معرفة الاشخاص ذوي الفكر الضال المنحرف وعزلهم ومنعهم عن بث سمومهم بين ابنائنا وبناتنا.
غزو العقول
---------------
وقال خالد المقبل ينبغي علينا مواجهة المخاطر العشوائية وفوضى الفتاوى التي تقدمها برامج التواصل خاصة "تويتر" لشبابنا ومجتمعنا وذلك من خلال استخدام نفس الوسائل التقنية من الانترنت وبرامج التواصل الاجتماعي فى الرد والتضييق على كل من أفتى بغير علم أو أعطى أفكاراً ضالة للمجتمع، مع تفنيد وإزالة الشبهات التي يضخها هذا الغزو فى عقول المجتمع، يضاف إلى ذلك التركيز على الفئة العمرية من ابناء وبنات المملكة فى التوجيه الصحيح ومتابعتهم وعدم تركهم عرضة للتيارات والأفكار المضللة، هذا إلى جانب عرض ونشر حالات كل من وقع فى افكار هذه الفتاوى ليكون عبرة لغيره لعدم تكرار الوقوع فيها من أشخاص آخرين، كما دعا إلى اتفاق اتحاد علماء المملكة والعالم الإسلامي تحت مظلة واحدة لتوحيد الصف وعدم الاختلاف حول أمور فقهية صغيرة تشغلهم عن قضايا الأمة وعن مواجهة فتاوى هؤلاء الدخلاء المغرضين.
توحيد الرأي في القضايا الكبرى
--------------------------------------
اقترح د. مزيد المزيد الأخذ بعدد من المقترحات لضبط الفتوى ومواجهة الفوضى الحاصلة في مواقع التواصل الاجتماعي ومن ذلك وضع استرتيجية وطنية لتقرير ونشر الأحكام الشرعية، تراعي فيها لغة العصر وأدواته، وتنوع المتلقين، ويحدد من خلالها الأولويات، وتوضع الأسس التي تبنى عليها صياغة الفتوى، وصناعة المفتي، وتحديد القضايا الكبرى التي ينبغي أن يوحد فيها الرأي، كما تتضمن معالجة مشكلات المجتمع الثقافية، يشترك في إعدادها جميع ذوي الاختصاص، لأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر العلم الشرعي لم تعد مهمة مقصورة على العالم الشرعي، بل ينبغي أن يشاركه فيها المختصون في الإعلام، وعلم الاجتماع، كي تحقق الفتوى أهدافها، كما يجب توعية المجتمع بكافة فئاته بأن هناك حربا فكرية تبث في المجتمعات الإسلامية، لتشكيكها بثوابتها، وزعزعة استقرارها، وزرع الفرقة والاختلاف بين أبنائها باسم الدين.
وأضاف أن من الحلول كذلك تحصين الشباب من مناهج التكفير، وأفكار الغلو والتطرف، والأخذ بأيديهم إلى نهج الوسطية والاعتدال، ومحاربة هذه الأفكار المنحرفة، والرد على شبهات أصحابها بالحجج والأدلة، وإقامة دورات وملتقيات للمفتين لتدريبهم على صياغة الفتوى التي تراعي أسلوب أدوات التواصل الاجتماعي الحديث، وما تتميز به من بناء منهجي للمعلومة بإيجاز، ونوعية وثقافة المتلقين فيها، وأهمية المبادرة في الحضور، وسرعة الانتشار، وعالمية المحتوى، كما ينبغي حض الجامعات على بذل المزيد من الجهود (وفق رؤية وطنية متكاملة) لتحصين الشباب (ذكورا وإناثا) من الأفكار المنحرفة والأفكارالهدامة، والعناية بمشاكلهم الحالية والمستقبلية، ودراسة الحلول الملائمة لها، لأنهم عماد المستقبل، ولأن جل الأفكار المنحرفة موجهة لهم بكل أسف، استغلالا لحماسهم، وقلة خبرتهم، وتفعيل قرار إنشاء المجمع الفقهي السعودي، الصادر بالأمر الملكي رقم أ/73 التاريخ: 13/4/1432ه، ليضطلع بدوره المأمول منه، لأن هذا العصر بتعقيداته، وما يستجد فيه بشكل متسارع من قضايا ومسائل متنوعة، لم يعد مجديا فيه الاجتهاد الفردي، بل يقتضي تفعيل دور الاجتهاد الجماعي، لتتكامل الرؤية ويعظم الأثر.
كيف نقصي الغث والسيىء من تويتر؟
-------------------------------------------
وقال خالد المقبل إن على علماء بلادنا الأجلاء دورا كبيرا في مواجهة مثل هذه الفتاوى، يبرز في مقدمتها تكاتف العلماء وطلبة العلم وأصحاب الفكر مع علماء الدول الإسلامية من خلال انشاء امانة عامة لدور الفتوى فى العالم الاسلامي، وتأسيس مركز عالمي لإعداد الكوادر القادرة على الافتاء عن بُعد، والتواجد بشكل منظم فى مواقع التواصل الاجتماعي للتعريف بالصحيح وإبعاد الغث والسيىء من الفتاوى والأفكار الضالة والمضللة، هذا إلى جانب اطلاق مركز عالمي لفتاوى الجاليات المسلمة لتثبيت الاعتدال والوسطية ومقاومة التطرف، وتنفيذ مشروع علمي يرمي لتفنيد الفتاوى التكفيرية والشاذة.
وأضاف أن على وزارة الشؤون الاسلامية توجيه أئمة الجوامع والمساجد فى خطب الجمعة لطرح القضايا المعاصرة للمجتمع وعرض المشاكل والتحديات التي تواجه المجتمعات الحالية فى ظل التحديات الراهنة التي تتعلق بالفكر التكفيري والغلو والتشدد الذي أدى الي نفور الناس من الدين بسبب سوء عرض تعاليمه وتشويه صورته وتعمد استخدام النصوص فى استباحة القتل والتفجير وسلب الاموال وانتهاك الاعراض، كما دعا لتحصين الشباب، لأنه لو نظرنا بتمعن لعمر شبابنا المتأثرين بهذه الافكار الضالة وبهذه الفتاوى المضللة لوجدنا انها تتراوح ما بين 18- 35 سنة وهو العمر الذي دائماً يكون فيه الانسان يتطلع الى البروز وإظهار الذات والتميز على أقرانه في اي مجال من مجالات الحياة، مما يحتم علينا وعلى المسؤولين التركيز على هذه الفئة العمرية سواء بالجامعات او بعد التخرج لتوجيههم الوجهة الصحيحة واستقطاب افكارهم وتوجهاتهم نحو المفيد والمثمر وعدم تركهم فرصة وهدف أمام الافكار السيئة والمتربصين بأبناء وبنات المجتمع، وهذا طبعاً من خلال المناهج في الجامعات التي تركز على توجيه فكر الشباب وتوعيته وزرع روح المواطنة لديه وتثبيت الاسس الشرعية والعلمية الصحيحة للإسلام .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.