تدشين 48 مشروعاً لمنظومة البيئة والمياه والزراعة شمال السعودية    الصين تريد من الولايات المتحدة تخفيف قيود تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    السعودية تحصد لقبها الثاني في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    السفير الصيني: 52 شركة صينية تشارك في معرض الصقور    النصر يعلن تعاقده مع المدافع مارتينيز لموسم واحد    جامعة الباحة تعلن استحداث القبول للدراسات العليا    الطريق إلى شرق أوسط مزدهر    الاحتلال يمضي في خططه للسيطرة على غزة.. السعودية تدين وترفض إمعان إسرائيل في الجرائم ضد الفلسطينيين    إيران تضبط 20 مشتبهاً بالتجسس لصالح الموساد    تطور المدفوعات الإلكترونية.. السعودية.. تسريع التحول الرقمي والشمول المالي    دعم إعادة التمويل العقاري    أخضر ناشئي اليد يتأهل لثمن نهائي بطولة العالم    بعد ضم مدافع برشلونة.. النصر يسعى لحسم صفقة كومان    يوتيوبر مغربي يحصل على حقوق نقل دوري روشن    موجز    آل طارش والعبدلي يزفون سامي    الشمراني عريساً    «المنافذ الجمركية»: تسجيل 1626 حالة ضبط خلال أسبوع    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    عزنا بطبعنا    العصرانية وحركة العصر الجديد    «التواصل» السلاح السري للأندية    فدوى عابد تنتهي من «برشامة» وتدخل «السلم والتعبان»    مدل بيست تختتم حفلات الصيف في جدة والرياض    مرحلة جديدة من الإبادة الجماعية.. إدانات دولية واسعة لقرار إسرائيل    ممرضة مزيفة تعالج 4000 مريض دون ترخيص    هيئة الصحة تستهدف وقايتهم من مخاطر السقوط.. 4 منشآت صديقة لكبار السن مع خطة للتوسع    الغاز الطبيعي يشهد تحولات عالمية    لماذا يبقى الذهب الملاذ الآمن رغم ارتفاع أسعاره    المملكة تعزّي لبنان في وفاة وإصابة عددٍ من أفراد الجيش    «موانئ» تحقق ارتفاعًا بنسبة 12.01% في مُناولة الحاويات خلال يوليو 2025    أسعار النفط تحت وطأة شائعات السلام وحرب التعريفات    الفرنسي"إينزو ميلوت"أهلاوياً ل 3 مواسم    مساعدات المملكة.. نبعٌ لا ينضب    ستة قتلى من الجيش اللبناني جرّاء انفجار ذخائر من مخلفات إسرائيلية    الخليج يدعم صفوفه بالعمري    خطيب المسجد الحرام: تعاونوا على مرضاة الله فهي غاية السعادة    إمام المسجد النبوي: الأمن من الخوف سكينة تغمر الحياة    فيصل بن فرحان يتحرك دبلوماسياً لوقف الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني    القبض على يمني وإثيوبي في جازان لترويجهما (9) كجم "حشيش"    قرص يومي لإنقاص الوزن    إكرام الضيف خلق أصيل    تحت رعاية الملك.. انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن    النفط الجديد من أجسادنا    المملكة تعزي لبنان إثر وفاة وإصابة عدد من عناصر الجيش    تهنئة سنغافورة بذكرى اليوم الوطني    سفير اليابان يزور المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    تحذيير من استمرار الأمطار الرعدية على مناطق عدة    محافظ خميس مشيط يتفقد مركز الرعايه الصحية بالصناعية القديمة    فريق النجوم التطوعي ينفذ مبادرة صناعة الصابون لنزيلات دار رعاية الفتيات بجازان    المملكة ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لن تصبح «البت كوين» عملة المستقبل
نشر في أنباؤكم يوم 28 - 02 - 2014


الاقتصادية - السعودية
في الأسبوعين الماضيين ناقشنا إمكانية أن يتوافر من البت كوين كميات كافية تكفي احتياجات العالم من النقود، وكذلك جوانب التهديد التي تمثله البت كوين للسياسة النقدية إذا ما حلت محل العملات المحلية لدول العالم، اليوم نناقش الفرضية التي يروج لها مؤيدو البت كوين بأنها سوف تصبح عملة المستقبل للعالم أجمع نظرا للمزايا التي تتمتع بها، وهو الاحتمال الذي أراه مستحيل التحقيق من الناحية العملية لعدة أسباب أهمها:
- أثبتنا في الأسبوع الماضي أن السلطات النقدية في العالم ستقاوم انتشار البت كوين، بصفة خاصة عندما تبدأ عمليات استخدامها على المستوى الدولي في الاتساع على النحو الذي يهدد العملات الرئيسة في العالم، وحتى الآن لا توجد بوادر لحدوث ذلك، لذلك لا نجد السطات النقدية الرئيسة في العالم قلقة من انتشار هذه العملة، وأعتقد أن ما يوصف بأنه مزايا هذه العملة يصل بنا إلى خلاصة مفادها أنه يستحيل تصور أن تصبح هذه العملة الافتراضية العملة الرسمية لدول العالم.
- يستند مؤيدو فكرة أن البت كوين ستصبح عملة العالم إلى أنها متحررة من أي تأثير للسلطات النقدية في العالم عليها، الأمر الذي يضمن استقرار الكميات المصدرة منها، لأن هناك حدا أقصى حول الكميات التي يمكن تعدينها، فضلا عن أن كل وحدة يتم تعدينها غير قابلة للتكرار على نظام التعدين، غير أن ذلك الأمر يعكس أيضا خاصية سيئة جدا للبت كوين وهي أن فقدان أي وحدة من هذه العملة يعني فقدانها للأبد واستحالة إحلالها بوحدة أخرى، أي أن العملة تحمل في طياتها عوامل انهيارها. فمن وقت لآخر تأتينا التقارير عن فقدان كميات من البت كوين على النظام، آخرها ما أعلن عنه موقع MtGox لتداول البت كوين هذا الأسبوع أن نحو 750 ألف وحدة تم فقدانها من محافظ العملاء على الموقع، الأمر الذي ترتب عليه توقف أهم مواقع تداول العملة عن العمل نهائيا وضياع عملات الأعضاء المسجلين فيه، إن صحت هذه التقارير فإن ذلك يعني أن نحو 5.8 في المائة من الكميات المتداولة "13 مليون وحدة تم تعدينها حتى الآن"، ونحو 3.6 في المائة من الحد الأقصى للعرض المفترض لهذه العملة فقدت إلى الأبد بين عشية وضحاها، وبالطبع لا يوجد بنك مركزي لكي يعوض العالم عن هذه الكميات التي تم فقدانها منها من خلال إعادة اصدارها مرة أخرى.
- لكي تصبح العملة مثلى يفترض أن تتمتع بقدر ما من الاستقرار النسبي، أي لا تنخفض بصورة كبيرة وكذلك لا ترتفع بصورة كبيرة أيضا، بالطبع أفضل وضع لعملة العالم هو أن تتمتع بالاستقرار المطلق، حيث لا تتغير قيمتها حتى لا تؤثر على القيمة الحقيقية للكميات التي يحتفظ بها العام منها، وأفضل مثال على ذلك هو الدولار الأمريكي في مرحلة اتفاقية بريتونوودز التي أوقف العمل بها تقريبا في أوائل السبعينيات من القرن الماضي. فعبر الفترة من 1945 إلى 1970 ظل السعر الرسمي للدولار بالنسبة للذهب ثابتا عند 35 دولارا للأوقية، ولكن هذا الثبات المطلق لقيمة الدولار استوجب تعاون العالم كله مع الولايات المتحدة للحفاظ على استقرار سعر الذهب بالنسبة للدولار، وهي مهمة فشل العالم فيها، بصفة خاصة الولايات المتحدة التي لم تحافظ على العلاقة الثابتة بين الكميات المصدرة من الدولار ومخزون الذهب لديها فكان أن انهار النظام نتيجة لذلك، البت كوين أيضا تفتقر تماما إلى هذه الخاصية، ذلك أن استمرار قدرة البت كوين على توفير الكميات اللازمة لاحتياجات المعاملات في العالم يتطلب استمرار ارتفاع قيمتها مع نمو الطلب عليها، وقد يرى البعض أن استمرار ارتفاع قيمة البت كوين يمثل ميزة لضمان استقرار القوة الشرائية لهذه العملة، غير أن لهذا الارتفاع عيوب أيضا حيث سيصاحبه آثار انكماشية كبيرة، مع انخفاض كبير في القيمة الاسمية للأصول حول العالم، بينما ترتفع القيمة الحقيقية للدخول في الوقت ذاته، على النحو الذي يقتضي ضرورة مراجعة الأجور بتخفيضها من وقت لآخر حتى لا ترتفع تكلفة عنصر العمل مع ارتفاع قيمة البت كوين على النحو الذي يهدد قدرة المنتجين على مسايرة الارتفاع في القيمة الحقيقية للأجور، وهي مسألة ليست سهلة لأن الأجور تتسم بعدم القابلية للانخفاض.
- بما إن البت كوين لا تخضع لسيطرة أية سلطة نقدية محددة في العالم، كما لا تخضع عملياتها لأية مراقبات رسمية من خلال النظم المصرفية في العالم، وبما أنها عملة رقمية، فإن هذه العملة تظل في النهاية مجرد أرقام يتم اكتنازها في محافظ رقمية على الإنترنت، الأمر الذي يفتح المجال على مصراعيه للسطو عليها من خلال اختراق المواقع الإلكترونية التي تحتفظ بهذه المحافظ وسحبها إلكترونيا دون أي تعويض يمكن أن يحصل عليه مودعها، ومن ثم تفقد هذه العملة عنصر الأمان مقارنة بالعملات التقليدية التي غالبا ما تتمتع المودعات بها بالضمان الحكومي أو المصرفي من خلال التأمين عليها.
- إن سهولة التعامل بالبت كوين خارج النظم المصرفية في العالم جعلت من السهل استخدامها في تمويل العمليات غير القانونية عبر أنحاء العالم، وحاليا كل من يحتفظ بالبت كوين يمكن أن يوجه إليه هذا الاتهام، وقد تم القبض على مجموعة من المتعاملين منهم أحد المديرين التنفيذيين لاستخدام محتفظاتهم من البت كوين في تمويل العمليات المشبوهة مثل غسيل الأموال وتجارة المخدرات وتمويل الجريمة المنظمة... إلخ، بالطبع، هذه العمليات غير القانونية يتم عمليات تمويلها حاليا بعملات العالم، بصفة خاصة الدولار، ولكن ليس على هذه الصورة السهلة وهو ما يعني أن تبني العالم للبت كوين كعملة سينعش عمليات تمويل الجريمة المنظمة عبر أنحاء العالم حيث ستصبح عمليات تمويلها والاستفادة من عوائدها أمر في غاية السهولة عبر نظم تداول البت كوين، وقد أخذت العديد من دول العالم إجراءات تستهدف أساسا الحد من استخدام مثل هذه العملات الرقمية، وعلى رأسها البت كوين، على سبيل المثال الصين وروسيا.
باختصار شديد إن تحول البت كوين إلى عملة العالم يتطلب وجود بنك مركزي عالمي مختص بها ينظم أوضاعها والتحكم في قيمتها وطرق استخدامها... إلخ حتى يمكن السيطرة على أسعارها السوقية والتأكد من أنها لا تتطور على نحو يضر بالاقتصاد العالمي، وهو شرط أعتقد أنه يصعب وجوده في الوقت الحالي أو في المستقبل، فسوف تظل الاعتبارات الوطنية في عمليات إدارة السياسة النقدية هاجسا أساسيا لدول العالم على اختلاف نظمها الاقتصادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.