الاستقرار الاجتماعي    المؤتمر الصحفي الحكومي يستضيف وزير الصناعة.. غداً    النفط يرتفع مع تغلب اضطرابات الإمدادات الفنزويلية على مخاوف فائض المعروض    "تقييم الحوادث" يفند الادعاء بقيام قوات التحالف باستهداف (تراكتور) في منطقة (يسنم) بمديرية (باقم) بمحافظة (صعدة) في 2018    حكومة نتنياهو لا تستجيب للضغوط الأميركية للانتقال للمرحلة الثانية    قيادة الكويت تستقبل تركي بن محمد    ولي العهد يستعرض مع البرهان المستجدات في السودان    الفيصل يحفز لاعبي الأخضر قبل مواجهة الأردن.. فالكم الفوز    أمير منطقة الرياض يوجه الجهات المعنية بسرعة رفع تقارير نتائج الحالة المطرية    مشاركة 14 مدينة في «مشاة الزلفي»    غوتيريش: بناء الجسور بين الثقافات يتطلب شجاعة سياسية    تجمع مكة الصحي يُفعّل مبادرة «10KSA»    في ندوة بمعرض جدة للكتاب 2025| الثقفي: الدبلوماسي السعودي من الأكفأ عالميًا    تعديل السلوك    فيديوهات قصيرة تهدد نمو الأطفال    وميض ناري على مذنب    جريمة قتل حامل تهز سكان المنوفية    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات آسفي    10.6% نمو بقيمة الصفقات السكنية    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    تراجع الدولار وتباين لسياسات العالم النقدية    مبادرة لتأهيل قطاع التجزئة    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    موعد نهائي كأس العرب بين الأردن والمغرب    الأردن تتغلب على السعودية وتتأهل لنهائي كأس العرب    بلدية محافظة الشماسية تنهي معالجة آثار الحالة المطرية التي شهدتها المحافظة    عبدالعزيز بن سعد يستقبل رئيس جامعة حائل المكلّف    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    "إثراء" يحتفي بيوم اللغة العربية على مدار ثلاث أيام    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    "سعود الطبية" تنجح في إجراء قسطرة علاجية نادرة لطفلة بعمر خمسة أشهر    أمير منطقة جازان يستقبل إمام المسجد النبوي    دور إدارة المنح في الأوقاف    كايا كالاس: محادثات قرض التعويضات لأوكرانيا "تزداد صعوبة"    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    قبيلة الجعافرة تكرّم الدكتور سعود يحيى حمد جعفري في حفل علمي وثقافي مهيب    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    السعودية تدين الهجوم الإرهابي.. دمشق توقف 11 عنصراً للتحقيق في هجوم تدمر    القراءة الورقية.. الحنين إلى العمق والرزانة    بحثا تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.. ولي العهد ووزير خارجية الصين يستعرضان العلاقات الثنائية    صينية تعالج قلقها بجمع بقايا طعام الأعراس    ديبورتيفو الكوستاريكي يتوّج ببطولة مهد الدولية للقارات لكرة القدم    نجوم القارة السمراء يستعدون لترك أنديتهم.. «صلاح وحكيمي وأوسيمين» تحت المجهر في كأس أمم أفريقيا    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    أطلقها الأمير فيصل بن مشعل.. مبادرة لتعزيز الأعمال والتقنية بالقصيم    استضافت اجتماع اللجنة التنفيذية ل«البرنامج التعاوني».. السعودية رائد عالمي في مجال أمن الطيران    أمير نجران يُشيد بإنجازات "الصحة" في جوائز تجربة العميل    دراسة: دواء جديد يتفوق على «أوزمبيك» و«ويغوفي»    في ورشة عمل ب"كتاب جدة" خطوات لتحفيز الطفل على الكتابة    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    الأحمدي يكتب.. وابتسمت الجماهير الوحداوية    الغامدي يزور جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية    نمو أعداد الممارسين الصحيين إلى 800 ألف    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلامة ابن بيه وبرنامج «همومنا»
نشر في أنباؤكم يوم 06 - 02 - 2014


اليوم - السعودية
عبدالله بن بيه، ليس سياسيا فقط، قدر ما له في الفقه وعلوم الشريعة والدين، وهذا ما جعله يختلف عن أقرانه الآخرين ومختلفا عنهم أيضا، فالرجل لا تقدر ثروته بالمليارات، قدر ثروته المعرفية، وتواضعه الجم، واتباعه منهج العلماء الاجلاء في البحث العلمي، والابتعاد عن الشطط وركوب الموجة، ووضع علمه الشرعي في خدمة الدعاية السياسية، والسياسة بطبيعتها متحولة ومتغيرة وقصيرة الأجل، وهذا لا ينطبق على الدين، والسياسة دائمة التدخل في المناطق الملتهبة والمحرمات، وعبور نقاط المتشابهات والتلاعب بعواطف الناس، والهاب حماستهم، أو دفعهم للهياج والفوضى.
في الحلقة الأولى من سلسلة حلقات برنامج همومنا بجزئه الرابع، والذي استضيف فيها العلامة والشيخ عبدالله بن بيه، استاذ الفقه الاسلامي، وعضو المجامع الفقهية، تطرق فيها إلى أسباب الفوضى التي تعيشها المنطقة، وبخاصة في جانبها الديني، مؤكدا أن كثيرا من الفتاوى الراهنة، باحثة عن الأضواء والجمهور، وفيها استعجال وقصور في التأصيل، وهي بذلك فتاوى خادعة ومزيفة، وهدفها إحداث بلبلة بين الناس، لان الفتاوى لها ضوابط وأسس، ولا ترتبط بالاحداث السياسية والموقف منها، ما جعلها فتاوى مفخخة وقاتلة، ومغررة بشبابنا، ومؤدية في ذات الوقت الى اهدار طاقات الأمة،وتفرقها.
وينطلق ابن بيه من ثوابت رئيسة في معالجته الفكرية لما يسمى بالفتاوى الطائرة، والباحثة عن الشهرة، بأن ظاهرها ايجابي، وباطنها سلبي، كونها مؤثرة في العامة من الناس، ومسببة الاختلاط وتزييفا للوعي، وهادفة إلى ضرب مؤسسات الفتوى الرئيسة في العالم الاسلامي، والتطاول على المرجعيات، ومخالفة الاصول، من خلال اعتمادها على جزئيات لتكون محور الحكم الشرعي، بينما ينظر العلماء وكبار العلماء الى الجزئي من خلال الكلي وليس العكس.
وفي اللقاء الضافي يؤكد ابن بيه على أن السبب في الاعتماد على الجزئيات هو ضعف في الوعي الشرعي، وأيضا سوء في المنهجية التأصيلية المتبعة، ورغبة في الظهور والغلبة والاختلاف، ومخالفة العلماء، والخروج على الدولة والمجتمع باستسهال تكفيرهما، ومحاربتهم لها، وكأن هذا هو هدف الاسلام، بينما ما لم يقله ابن بيه أن بعضا من مفتي الفضائيات ومشاهير الاعلام الجديد، أصبحوا أدوات مجندة لخدمة سياسات دولية واقليمية، وان العبث بالأمن الفكري والشرعي للناس، هو هدف خلق الفوضى بين الناس، فعندما تختلط عليهم الفتاوى، يصبح الناس في حيرة من أمرهم، لكن العقلاء ممن يتخذون الفتوى من مؤسسات مستقرة ليست ذات علاقة باجندات سياسية أو أمنية أو من على ساحات الاعلام الجديد، بل على العكس ان الفوضى غير الخلاقة، تؤكد وتعزز مكانة العلماء الاجلاء، ومؤسسات الفتوى المرموقة.
وهنا يؤكد ابن بيه أن انضباط الفتوى ومنهجيتها، وعدم استعجال اطلاق الفتاوى قبل البحث المعمق، وقبل ادراك تحولات الحالة السياسية، ومعرفة طرائق العابثين بالأمن والاستقرار في المنطقة، يؤكد أن الانسان غير مطلق الحرية في تقرير أمر العامة انطلاقا من علو سلطة الكلي على الجزئي، ومن ينظرون لمصلحة الأمة، ويبتعدون عن الانخراط في سفاسف الأمور، ولا ينساقون بخديعة أو بمعرفة لتوجيهات خارجية، تهدف لضرب تقدم وتطور المنطقة من خلال فوضى الفتاوى، هم من يؤخذ برأيهم الشرعي، خاصة وأن الجهاد في الأصل كما يقول ابن بيه هو تدبير حكومي وليس للأفراد أن يقوموا به على ما يرونه أو يعتقدون بصحته، لان الجهاد الطلبي والفردي هو حالة من العبث والجنون ولا يقره الشرع.
وفي ذات السياق وفي مقابلات صحافية سابقة يؤكد ابن بيه على رد الفتوى لأهلها، ويرى أن من شروط الكمال فيمن يفتي أن يكون ذا أناة وتؤدة متوخيا الوسطية بصيرا بالمصالح وعارفا بالواقع متطلعا إلى الكليات ومطلعا على الجزئيات موازنا بين المقاصد والوسائل والنصوص الخاصة، ذلك هو الفقيه المستبصر ،لا بل ويطالب الجهات المختصة بأن تردع وتمنع غير الأهل من الفتوى.
ومن الآداب الواجب أن يتحلى بها المفتي من وجهة نظر العلامة ابن بيه قوله: ما قاله الإمام أحمد رحمه الله تعالى: لا ينبغي للرجل أن ينصب نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال: أولها: أن تكون له نية فإن لم تكن له نية لم يكن عليه نور ولا على كلامه نور. والثانية: أن يكون له حلم ووقار وسكينة. والثالثة: أن يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفته. والرابعة: الكفاية (أي من العيش) وإلا مضغه الناس. والخامسة: معرفة الناس.
ما قاله ابن بيه في الحلقة الأولى في همومنا وعلى الرغم من انه أخذ وقتا في تسجيل الحلقات الاربع، وبعد المونتاج، وتوقيت البث، يتسق والأمر الملكي الأخير فيما يتعلق بمن يشارك في الأعمال القتالية في مناطق الصراع والنزاع والانتماء للجماعات التكفيرية المتطرفة والمصنفة باعتبارها جماعات ارهابية، ومن يقوم بأعمال التغرير للشباب وحثهم ودفعهم وتحريضهم للذهاب إلى مناطق الصراع التي لا يمكن النظر إليها إلا من خلال عمليات الصراع بين الدول ومصالحها، الدولية والاقليمية، وبين استخدام القوة والأسلحة المحرمة ضد شعوب لا تملك الا الارادة لمواجهة الظلم والاستبداد ومقاومة النفوذ الخارجي.
ابن بيه علامة من نوع خاص، وهو شخصية اتسم سلوكها بالاعتدال والاستقلالية والنظرة الثاقبة، وهو شخصية لها تجربة في مقارعة الاستعمار وبناء الدولة، والمؤسسات المالية والاقتصادية الاسلامية، بفهم وسطي معتدل وليس بفكر ايديولوجي أو انفعالي، وانما كان شخصية معاصرة، لها في الثقافة والمعرفة والاتصال الانساني، وكان له موقف ورؤية واضحة من العلاقة مع ايران بعد اتخاذها الجانب المذهبي اداة لتحقيق نفوذها وتأثيرها في المنطقة.
هذا النوع من العقلاء والعلماء، هو من يسطع نوره، بمنطقه الشرعي، وابتعاده عن المخادمة المهلكة، والازدواجية المقيتة، وهذا النوع من العلماء الاجلاء ممن تحتاجهم الأمة، ويدرس على ايديهم العلوم الشرعية، ومقاربتها للأحوال السياسية والاجتماعية دون انفعال أو فتنة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.