أسعد الله صباحاتكم، يا قراء هذه الجريدة العتيدة، اشتقت لكم بعنف، لن أقول لكم ماذا فعلت خلال الإجازة لأنني لم أفعل شيئا على الإطلاق، حاولت طيلة الشهر الماضي أن أتصل بالعالم الخارجي عن طريق تويتر، إلى درجة أنني توقعت أن تنشر «عكاظ» اليوم خبرا يقول: (عاد الزميل خلف الحربي من إجازة قضاها في ربوع تويتر)!، ولكن لسوء حظي أنه في الوقت الذي أقبلت فيه على تويتر تحول هذا الموقع إلى مساحة خطرة جدا، حيث وجد عدد من المغردين في المملكة ودول مجلس التعاون أنفسهم في مواجهة مع جهات قضائية لأسباب دينية أو سياسية؛ لذا ضغطت على دواسة الفرامل بقدمي الاثنتين كي لا تنشر «عكاظ» خبرا يقول: (أقدم المدعو خلف الحربي على التغريد في موقع تويتر)!. وإذا أضفنا إلى التغريدات الدينية والسياسية الحساسة ما تنظرة المحاكم في سائر دول الخليج من قضايا في جرائم سب وقذف وتشويه سمعة حدثت على ساحات تويتر، نجد أننا سوف نكون أمام آلاف المتهمين الجدد الذين لم نحسب لهم حسابا في يوم من الأيام، ولا حتى السلطات المختصة في دول مجلس التعاون حسبت حسابا لهم، وأعتقد أنه إذا استمر التعامل مع تويتر بهذه الحساسية المفرطة، فإن دول الخليج سوف تحتاج إلى قوات خاصة لمتابعة كل صغيرة وكبيرة في هذا الموقع وإدارات متطورة وأجهزة متقدمة لحفظ الأدلة، خصوصا أن الغالبية العظمى من رجال ونساء وأطفال الخليج يتواجدون اليوم في تويتر، وفيهم العاقل والمجنون، والعالم والجاهل، ومن تتضح أهدافه من تغريداته ومن (يدرعم) على غير هدى، بعضهم يغرد بكل عفوية بعد أن وجد فضاء حرا للتعبير، وبعضهم يتابع بصمت وقد ربط منقار التغريد يسلسلة حديدية، بعضهم يغرد باسمه الصريح، وبعضهم يستتر باسم مستعار.. باختصار، الكل لديه جوال ذكي، فيغرد ويحلل ويتأمل ويعلق ويحتج ويحرض ويصدق ويكذب ويتجمل ويشتم ويتهم، فهل ستلاحق السلطات كل هؤلاء؟. وللتنبيه أنا لا أقول هنا بتجاهل ما يخالف القوانين، ولكني أرى ضرورة التعامل مع الأمر وفق الإطار الذي يناسبه، فالمواد في تويتر ليست مثل المواد التي تنشر في وسائل الإعلام، حيث تمر المادة بمراحل التقييم والفلترة قبل ظهورها إلى العلن، بينما في تويتر فإن المواد غالبا ما تكون وليدة انفعال لحظي، فالحال في تويتر أشبه ما يكون بوضع سماعات ومايكروفونات في كل البيوت والغرف والشوارع والأسواق، حيث يردد الناس ملايين العبارات التي تكون أحيانا بلا معنى وبلا هدف، وفي أحيان أخرى تدخل في باب إساءة التعبير، وهذه المواد (التغريدات) حجمها كبير جدا، بحيث يستحيل ضبطها، وإذا لم تعدل قوانين الجرائم الإلكترونية بحيث تركز على الغرامات المالية والعقوبات البديلة وتخفف بقدر الإمكان من عقوبة السجن، فإننا سوف نحتاج إلى سجون خاصة بالمغردين نرسم على جدرانها السميكة السميكة عصافير زرقاء!. أعود من حيث بدأت لأقول بأن تويتر ليس مكانا جيدا لقضاء الإجازات، فقد كان أكثر شيء تخيلته في هذه الأجواء التي يسودها التوتر والاحتقان صورة مواطن خليجي يدخل بكل براءة مطار بلد خليجي شقيق، فيمنعه موظف الجوازات من الدخول، وحين يسأل عن السبب يقولون له: «أبدا يا الطيب.. مسوي ريتويت»!.