مسبار صيني يجمع عينات من القمر    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقا عسكريا مع الشمالية    مبابي يشعر بارتياح للانضمام إلى ريال ويحول تركيزه إلى بطولة أوروبا    نيمار: فينيسيوس هو من سيفوز بجائزة الكرة الذهبية هذا العام    تعديل نظام مراقبة شركات التمويل وتنظيمات ل 11 هيئة    برعاية الملك.. مؤتمر دولي للتوائم الملتصقة نوفمبر المقبل    معالجة المستنقعات بالمبيدات الكيميائية    العمل جاري على إطلاق اسم بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق الرياض    ضبط (3) أشخاص بجازان لترويجهم (142) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    رئيس تجمع عسير الصحي يُكرّم ١٩ منشأة صحية حققت اعتماد «سباهي»    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأمريكي المستجدات في قطاع غزة    برجيل القابضة الإماراتية وكيرالتي الكولومبية تعلنان مشروعاً مشتركاً لحلول الرعاية الصحية الفعالة من حيث التكلفة في السعودية    أمير القصيم يبارك حصول الإمارة على شهادة الأيزو ويرأس إجتماع لجنة المشاريع المتعثرة    دراسة: الحياة على الأرض نشأت في السعودية    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 52 لإغاثة الشعب الفلسطيني    350 ألف طالب وطالبة يؤدُّون اختبارات نهاية العام بعسير    أمير تبوك يستعرض الجهود والإمكانيات لخدمة ضيوف الرحمن    كيفن دي بروين يفتح الباب أمام انتقاله للدوري السعودي    وفد المملكة يشارك في أعمال دورة مجلس الاتحاد الدولي للاتصالات 2024م    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران في زيارة لمدير الجوازات    قطاع ومستشفى محايل يُنفّذ حملة "التوعية بلقاح حج"    زين السعودية أول مشغل اتصالات يوفر تغطية شاملة للمشاعر المقدسة عبر شبكة الجيل الخامس 5G    توقعات الانتخابات الهندية تشير إلى فوز مودي بأغلبية ضئيلة    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضاً عند مستوى 11612 نقطة    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس الجمعية التاريخية السعودية        إطلاق المنصة الخليجية الإلكترونية الموحدة للجامعات    أمير الحدود الشمالية يتسلّم تقريرًا عن مهام وجهود حرس الحدود بالمنطقة    مقترح «هدنة» غزة رهن الضوء الأخضر    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو (9 كرات) بجدة    قوافل الحجاج تغادر المدينة إلى المشاعر المقدسة    تقنية الطائف تكرم متقاعديها من المدربين والإداريين    شراكة استراتيجية بين طيران الرياض والخطوط السنغافورية    رئيس هيئة الأركان العامة : جامعة الدفاع الوطني تؤسس لمرحلة جديدة وانطلاقة مشرقة لمستقبل تعليمي عسكري احترافي    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    الصمعاني يدعو خريجي المركز العدلي إلى الممارسة المهنية الشغوفة    «قرار طبي» يبعد أيمن من معسكر «الأخضر»    «العقار»: تراخيص جديدة للبيع على الخارطة ب 6 مليارات ريال    تعاوُن سعودي – برازيلي في الدفاع    الخريف يبحث دعم ترويج الصادرات السعودية بالمغرب    «الصندوق الزراعي»: 479 ألف مشروع بقيمة 65 مليار ريال في 60 عاماً    محفظة Nusuk Wallet لخدمة الحجاج والمعتمرين    «التنسيق السعودي الكويتي»: رؤية مشتركة في الثقافة والإعلام والسياحة والتنمية الاجتماعية    جيسوس وبونو يُعبّران عن مشاعرهما تجاه جائزتي الأفضل    جماهير الهلال تترقب موقف بن نافل    كلما زاد زملاء الدراسة المضطربين عقلياً.. زادت فرص إصابتك !    المثقف والمفكر والفيلسوف    سفير خادم الحرمين لدى كوت ديفوار: خدمة ضيوف الرحمن مبدأ ثابت في سياسة المملكة    الاغتيال المعنوي للمثقف    منفذ حالة عمار يواصل خدماته لضيوف الرحمن    أمير عسير يفتتح مقر" رعاية أسر الشهداء"    محافظ بيش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية بالشخوص ميدانياً    القرار    الحركة و التقدم    نهاية حزينة لحب بين جنية وإنسان    « شاهد على وطني » .. الفال يرسم شمس المستقبل    محمد بن سلمان.. الجانب الآخر    السكر الحملى: العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام الجديد
نشر في أنباؤكم يوم 25 - 12 - 2011

الفائدة والمتعة معًا جعلتنِي أقضي وقتًا لا بأس به مع أصدقاء (الفيس بوك)، و(تويتر)، تعوَّدْتُ على صياغة العبارات الموجزة المُشْبَعَة بالمعنى، تعبيرًا عن تجربة عابرة أو عميقة في الحياة، أو إشراكًا للآخرين في حالة شخصية أو موقِف إنساني.
القصة ليست مجرَّد تدوين، بل مدرسة للتواصل الاجتماعي، ونقل للخبرة البشرية، وتحقيق لطبع الإنسان في المدنيَّة والتخاطب، ونمط جديد في التثاقُف والحوار، من شأن هذا كلِّه أن يشيع الأمل والتفاؤل والإيجابية في الحياة.
التواصل جزء من كينونتنا منذ القِدَم؛ فحياة المرء هي مجموعة من العمليات التواصلية مع النفس أو مع الآخرين.
حديث النفس الهامس الطويل أو المتقطِّع يتمُّ عبر خواطر أو حوارات، لا أحد يسمعها غيرك، تقتطع جزءًا واسعًا من عمرك، تسميه أنت: سرحانًا، أو استذكارًا لماضٍ، أو هاجسًا.. هو عندي مهمٌّ فلا تكتفِ بمجرد الانسحاب منه لتعيش لحظتك، استرسل معه، وزاوِج بينه وبين قَدْرٍ من الوعي والتأمُّل، ربما كان احتجاجًا على خطأ، أو نذيرًا لحفرة في طريقك، أو تأنيبًا، أو صرخة في وجه تجاهلك لنداءٍ من داخلك.. أيًّا ما كان، يمكنك أن تَسمَعَه (بفتح التاء) أو تُسمِعَه (بضمها). العملية التواصلية مع أخٍ أو صديق أو جارٍ أو شريك أو زوج.. هي جزء من الإعلام الإنساني المؤثِّر بعمق، حين نقطع أواصرنا عمن حولنا نعيش عزلةً خانقة مخيفة، وتنهشنا أشباح الموت ونحن أحياء، لسنا جزرًا معزولة ولا أفلاكًا فضائية سابحة، وحتى الجزر والأفلاك بينها وشائج وأواصر، جمال الحياة هو لذة الوصل. الصحافة، الإذاعة، التلفزة، ثم الإنترنت وسَّعت دائرة التواصل المحلي، فالعالمي، وأصبح الفتى أو الفتاة يقضي أمام الشاشة ضعف ما يقضيه في المدرسة.
التأثير هائل الأصوات، الصور الألوان العاطفة الاستمتاع مخاطبة العقل بالإقناع، المحاكاة وانتقال الأنماط السلوكية والحياتية التي تتكرَّر عبر الأدوات الجديدة، كالدراما والبرامج الواقعية.
التحول الضخم هو دخول المتلقِّي العادي ضمن المنظومة الإعلامية، فلم يَعُد الإعلام رسالةً من طرف واحد يتلقَّاها الآخر دون خيارٍ، الخيارات هائلة، والمتلقِّي هو جزء من العملية، فهو مرسِل في الوقت ذاته، إنه (إعلام الناس) كل الناس، مقابل إعلام تقليدي معبر عن فئة أو جهة.
الإعلام القديم هو إعلام فئة أو حزب أو حكومة أو تيار.
جمهورية المُهَمَّشين عبر الأدوات البسيطة التي لا تتجاوز امتلاك جهاز محمول، سمحت للملايين بالتعبير عن صوتها وكسرت احتكار الإعلام، وغيّرت كثيرًا من المقولات التقليدية المتعلقة بالسلطة أو بالمعارضة، ولذا كانت الثورات العربية تعبيرًا عن رغبة الناس، ولا تمثِّل حزبًا ولا تيارًا، بل تمثِّل جميع الأحزاب والتيارات والأفراد العاديين غير المنتسبين، وبمقتضاها لم يَعُد ثَمَّ إقصاء لأحد حكوميًّا كان أو معارضًا أو مستقلًّا.
إنَّها (صوت الناس الداخلي) المعبِّر عن تطلعاتهم اليوم، وهو صوتهم الداخلي المعبِّر عن تطلعات الغد، والتي قد تكون نقيض ما يفكِّرون فيه اليوم.
هذَا التحول ألغى سلطة الرقابة، فلم يَعُد في الإعلام الجديد وزير ولا رئيس تحرير، إنَّما الرقابة الذاتية التي تنطلق من الإنسان ذاته.
بساطة هذا الإعلام وعَفْوِيّته وفطريته هي التي جعلته يستحْوِذ على الكثير من المتابعين دون أن يَرْكَن إلى سلطةِ رجلِ أعمالٍ أو مال أو صاحب نفوذ.
وربما كانت مصداقيته أعلَى؛ لبعده عن الضغوط الناتجة عن ألوان الرعاية والدعم، ورغبة الممول أو المعلن. الصَّنْعة والتكلُّف صفة رديئة في الإعلام التقليدي، جعلته يعجز عن المنافسة؛ لأنه لا يمتلك أدواتها ولا يمتلك الجرأة على ممارسة الحياة بشكلها الصحيح. كلما استطاعت الأداة الإعلامية أن تكون عفوية ومنسجمة مع طبيعة الإنسان ونفسيته وطموحه، كانت أقرب للنجاح وأعمق في التأثير. الإعلام الجديد إعلام تفاعلي، يقرأ ما يفكِّر فيه الناس، وما يريدون، ويتفهَّم حاجاتهم ومطالبهم وشكاواهم، ويسعى في تحقيق ذلك، بعيدًا عن المبالغات والتهويل، وبعيدًا عن التجاهل وإغماض العيون، وبعيدًا عن الفرض والقسرية. الإعلام هنا يمكن أن يكون تنمويًّا تربويًّا، بل أداة للنهضة؛ لأنه يدرك الحالة التي عليها الناس، ويساعدهم على الرُّقِي إلى ما هو أفضل منها، ويمنحهم الحق في المشاركة والنقد والتعبير.
الإنسان ليس حَجَرًا ولا حيوانًا ولا نباتًا يكفي أن توفِّر له الماء والهواء والطعام لينمو، كلا.. هو عقل يفكِّر وروح تتطلَّع، وقلب ينبض، هو أحلام مستقبلية جميلة يخرج بها من آلام الواقع، هو كَيْنُونة خاصة وبصمة مختلفة لا ينوب عنه أحد، وله معاناته ورؤيته ونظرته، صوابًا كانت أو خطأ، لا الأب ولا الزوج ولا الشريك ولا الحبيب يمكن أن يكون صورة طبق الأصل عنه، الإعلام الجديد يسمح له أن يفتتح موقعًا في (الفيس بوك) وأن يُعلِّق، ويُعبِّر عن رأيه المختلف، وأن يُصوِّت مع أو ضدّ وأن يُعلِّق موافقًا أو مخالفًا أو مستدركًا أو مُضِيفًا، وأن يشرح معاناته الخاصة ويستمع إلى مقترحات الآخرين، وأن ينقل الخبر والتحليل والحدث أولًا بأول.
وكثيرًا ما تعتمد قنوات عالمية شهيرة على صورة أو رواية لعابرِ سبيلٍ تصبح هي مَحَطَّ الأنظار.
لم يعد الإعلام رسالة رسمية تحتشد بعبارات المديح والثناء والإطراء، ولا محتوى يُفْرَض من فوق، بل هو تفاعل وتواصل واستماع متبادل.
الإعلام الجديد منافس خطير، سهل، رخيص، سريع، إنساني، وما لم يُطوِّر الإعلام التقليدي من ذاته وأدواته وأفكاره فسوف يصبح جزءًا من التاريخ.
الوسائِل العادية لن تفلح في الحفاظ على المواقع القديمة، وحين يكون هدفنا نشر قِيَم الفضيلة والأخلاق والعدل وتنمية الروح الفاضلة فلن يتمَّ هذا بمعزل عن الناس الذين نريد أن نحقِّق لهم ذلك، الإعلام ليس وصاية على الناس.
لم يبعث الله رسولًا إلا وجرى بينه وبين قومه حوارات ومجادلات، حكى لنا الله في القرآن الكثير منها؛ حتى نعلم كيف نُوظِّف الأداة الإعلامية في الاستماع كما نُوظِّفها في الإقناع، وكانت الأمم تطلب إنجاز العذاب على سبيل التحدِّي فيقول الرسول: {مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ}.
وكان الفتى يجيء إلى الرسول يقول: «ائْذَنْ لي بالزِّنا». فعوضًا عن أن يطرده أو يحبسه أو يقول: اغرب عن وجهي، كيف تتحدَّث بهذا الأسلوب؟ كان يقول له: «ادْنُهْ». ويضع يده على صدره، ثم يحاوره ويسأله، لم تكن محاضرة ولا درسًا طويلًا، كان حوارًا: «أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ؟». قال: لا والله، جعلني اللهُ فِدَاكَ. قال: «ولا الناسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهاتهم». قال: «أَفَتُحِبُّهُ لابْنَتِكَ؟». قال: لا والله يا رسولَ الله، جعلني اللهُ فِدَاكَ. قال: «ولا الناسُ يُحِبُّونَهُ لبناتهم». قال: «أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ؟». قال: لا والله، جعلني اللهُ فِدَاكَ. قال: «ولا الناسُ يُحِبُّونَهُ لأخواتهم». قال: «أَفَتُحِبُّهُ لعَمَّتِكَ؟». قال: لا والله، جعلني اللهُ فِدَاكَ. قال: «ولا الناسُ يُحِبُّونَهُ لعمَّاتهم». قال: «أَفَتُحِبُّهُ لخَالَتِكَ؟». قال: لا والله، جعلني اللهُ فِدَاكَ. قال: «ولا الناسُ يُحِبُّونَهُ لخالاتهم». قال: فوضَعَ يدَهُ عليه، وقال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذنبَهُ، وطَهِّرْ قلبَهُ، وحَصِّنْ فرْجَهُ». قال: فلم يكنْ بعدُ ذلك الفتى يَلْتَفِتُ إلى شيءٍ.
صلى الله عليه وسلم، ورزقنا اتِّباعه، والتأسِّي به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.