ليفربول يُعلن عن ثالث أعلى صفقة في تاريخ كرة القدم    رسميُا.. الوداد يتعاقد مع عمر السومة    بعثة "الأخضر السعودي" تغادر غداً إلى لاس فيجاس استعداداً لمواجهة ترينيداد    كأس العالم للأندية 2025: للمرة الرابعة "الأحوال الجوية" توقف مباراة في المونديال    استعدادًا للمواجهة التاريخية في سبتمبر.. نجما الملاكمة كانيلو وكروفورد يصلان الرياض    بنفيكا يتفوق على أوكلاند سيتي بسداسية    وفد منظومة الطيران المدني يزور مصنع «إيرباص»    المنهاج التعليمية تتفاعل مع قصة الطفلة زارعة الكبد اليمنية ديانا عبدالله    إسرائيل تستهدف منشأة بوشهر الإيرانية ومخاوف من «كارثة نووية»    الأهلي المصري يعلن جاهزية كوكا لمواجهة بورتو في «مونديال الأندية»    أرامكو السعودية تدشن المركز الإقليمي للتنمية المستدامة للثروة السمكية في جزيرة أبوعلي    ضبط مصريين و6 مواطنين في تبوك لترويجهم مواد مخدرة    جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ضمن أفضل 100 جامعة عالميًا    جثمان الشاعر موسى محرق يصل اليوم والصلاة عليه غدًا    خطيب المسجد النبوي: التفكر في تعاقب الأيام سبيل للفلاح وميزان للربح والخسران    خطيب الحرم: محاسبة النفس دليل على كمال العقل وسبيل للفلاح    مدير تعليم جازان يكرم "افتراضيًا" الطلبة المتفوقين دراسيًا والمتميزين في الأنشطة المدرسية    اغبرة تغطي معظم مناطق المملكة    هبوط خام برنت    أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    أمير المنطقة الشرقية يؤدي صلاة الميت على والدة سعود العطيشان    تغير خطط سفر السعوديين أزمات العالم    الكونجرس : تحديث أسلحة أمريكا النووية الأكثر تكلفة في التاريخ    أمير الشرقية: تسجيل مدينة الخُبر قفزة عالمية في مؤشر قابلية العيش تجسيد لدعم القيادة    هل ستدافع عن موظفيك؟    الأردن: إصابة طفلين وأضرار مادية جراء سقوط طائرة مسيّرة    الرياض على موعد مع انطلاق كأس العالم للرياضات الإلكترونية "2025"    تجريد المساحة وإعادة تركيب الذاكرة البصرية    خدمة الحجيج.. ثقافة وطن وهوية شعب    سجين العقل    الاحتلال يسابق الزمن لابتلاع «سبسطية» الأثرية..    1200 كائن فطريّ في الطبيعة    مشاعر الحج    عشرة آلاف خطوة تقي من السرطان    زرع مثانة في سابقة عالمية    أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    أمير منطقة جازان يتفقد مكتب الضمان الاجتماعي بمحافظة جزر فرسان    الولايات المتحدة تقرر فحص حسابات التواصل الاجتماعي لجميع المتقدمين للحصول على تأشيرة طالب    وكيل وزارة الحج والعمرة يدشّن جائزة "إكرام للتميّز" لتحفيز مراكز الضيافة خلال موسم حج 1446ه    الهلال الأحمر وتجمع نجران الصحي "بمنطقة نجران يدشّنان حملة للتبرّع بالدم    شاشات تفاعلية ذكية في المسجد النبوي تُقدّم محتوى توعويًا وإرشاديًا ب23 لغة عالمية    2.7 مليار تمويلات زراعية    جامعة الملك فيصل ضمن" التصنيف العالمي"    " مركز الدرعية" يطلق برنامج تقنيات السرد البصري    حققت حلمها بعد 38 عاما.. إلهام أبو طالب تفتتح معرضها الشخصي    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    الإطاحة بمروجي مادة الأفيون المخدر في تبوك    عريجة يزف نجله محمد    وزارة الصناعة تشارك في معرض باريس.. السعودية تستعرض فرص الاستثمار في صناعة الطيران    لن نستسلم وسنعاقب تل أبيب.. خامنئي: أي هجوم أمريكي عواقبه لا يمكن إصلاحها    دعوات لتسريع تطبيق حل الدولتين.. إدانة دولية متصاعدة لانتهاكات الاحتلال في غزة    دول «التعاون»: اعتداءات تل أبيب «انتهاك صارخ».. روسيا تحذر أمريكا من دعم إسرائيل    يوليو المقبل.. إلزام المنشآت الغذائية بالكشف عن مكونات الوجبات    العلاقات الأسرية تساعد الأطفال على النوم الهادئ    ميكروبات المطاعم تقاوم العلاج بالمضادات الحيوية    أمير الرياض يوجه بتسمية إحدى حدائق العاصمة باسم "عبدالله النعيم"    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الحريصي في منزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في اللهب ولا تحترق
نشر في أنباؤكم يوم 15 - 11 - 2011


د. حسن بن فهد الهويمل - الجزيرة السعودية
هذا عنوان مقال لطيف، يستهويني اقتناصه في مناسبات كثيرة متفاوتة، كتب قبل ثمانية عقود أو تزيد، بقلم أمير من أمراء البيان العربي، يضارع حامل اللقب: «شكيب أرسلان» في ثرائه اللغوي وفصاحته الأسلوبية، ذلكم هو «مصطفى صادق
..... الرافعي». وللمقال قصة طريفة، على الرغم من أن توارده على الخاطر استدعته تلك الظروف العصيبة، التي يمر بها العالمان: العربي، والإسلامي. و»الرافعي» - رحمه الله - ثالث ثلاثة نسل من بين أساليبهم أسلوبي، وهم (أحمد حسن الزيات) و(طه حسين) ومن قبل هؤلاء (مصطفى لطفي المنفلوطي). وهؤلاء هم أصحاب الأساليب المتأنقة.
أما (العقاد) فقد أثر بي فكرياً ليس إلا، وحين فضَّلْت (العقاد) على (الرافعي)، ثارت ثائرة الكتَّاب ذوي النزعة الإسلامية، وهذا اللغط كشف لي عن خلل واضح في النَّسيج الفكري، يتمثل بالقراءة عن الأشياء، لا قراءتها، وتلك إشكالية السواد الأعظم من الكتاب، ذلك أنهم لو قرؤوا «الرافعي»و»العقاد» من خلال ما كتبا، لا من خلال ما كتب عنهما، لما أثارهم تفضيلي «للعقاد» على «الرافعي».
أما قصة مقال (الرافعي) الطريفة، فتتمثل في مكيدة حبكها طلابه ومريدوه. ذلك أنه كان رجلاً متدينا، ومتصوفاً، ومصاباً بعاهة الصمم، فلا يسمع الأصوات، وتواصله مع الآخرين عن طريق الكتابة. وكان بعض طلابه ينقطعون عنه في بعض الليالي، لحضور حفلة رقص وغناء، ويجدون حرجاً من ذلك، حين يعاتبهم، وللخلوص من حرج المساءلة لفقوا له حكاية طريفة، مفادها: أن فتاة جميلة تشبه (رابعة العدوية) تحيي أول الليل في الرقص والغناء، وآخره في الصلاة والتهجد، وطلب المغفرة، وأنها عفيفة متدينة، وحببوا إليه حضور سهرتها. و(الرافعي) بقلبه الطفولي، وعاطفته الجياشة، وحبه الدفين، وغزله الرقيق، يُصدِّق مثل تلك المفتريات، ولم يتردد من الذهاب معهم في إحدى الليالي، ولما سهر، وأشبع ناظريه من مفاتن تلك الفتاة الراقصة، بهره جمالها، وأثاره تدينها، وأعجبته عفتها، فكتب مقالته: (في اللهب ولا تحترق).
* * *
هذا العنوان يلح بحضوره، كلما أجلت النظر في القنوات الفضائية، وشاهدت وسمعت الأحداث الجسام، والكوارث العظام، والنكبات الموجعة، والنكسات المؤلمة، التي تجتاح عالمنا العربي والإسلامي :- ثورات دامية، و(دكتاتوريات) متسلطة، وفقر مدقع، وبطالة مستحكمة، وكساد خانق، وتصحر مترمد، وجفاف معجف، وكوارث مدمرة، وأوبئة مستشرية، وتنازع طائفي، وتناحر عرقي، وتدخلات مريبة، تدمر كل شيءٍ أتت عليه. وبلاد الحرمين الشريفين وسط هذا اللهب آمنة مطمئنة، تتدفق عليها الخيرات من كل جانب، وتهوي إليها أفئدة ذوي الحاجات من كل صقع، ويتفجر من تحت أقدام أهلها معبود الماديين، وتنشق صحراؤها عن كفاءات بشرية، تتلقى رايات العز باليمين، وأهلها متلاحمون فيما بينهم، متصالحون مع حكومتهم، تمتلئ بهم ساحات المساجد، وتفيض بهم أروقة الجامعات، وتئط منهم أسواق التجارة، وتجبى إليهم ثمرات كل شيء، وسلطتها مدعومة من جبهتها الداخلية. وإسهاماتها الإنسانية و»اللوجستية» تمتد عبر كل الاتجاهات، جسور جوية للإغاثة، وقوافل أطعمة وأدوية، للبلاد المنكوبة أو الموبوءة، ومشورات ونصائح، واستقبال وتوديع، ومبادرات وقرارات، وأوامر ملكية، تبادر الخلال، وتسد الثغرات، وفي كل يوم تطلع فيه الشمس تنداح دوائر العطاء، من دعم للسلع أو فك للاختناق، أو تسوية للمشكلات، أو محاصرة للأزمات التي تجتاح العالم، وتحز الرقاب: كالبطالة والإسكان والغلاء والجوع والخوف. إنها في (اللهب ولا تحترق). وليس غريباً أن تتلاحق القرارات الإيجابية والأوامر السديدة والمبادرات الكريمة، ولكن الغريب أن هذه البلاد تعيش وسط لهب المشكلات العربية والإسلامية، ثم لا يمسها سوء، ولا تخترقها فتنة، ولا يطالها مكر، وتلك من النعم التي يمن الله بها على من يشاء من عباده.
والأهم من كل تلك الغرائبيات، أن يعي المواطن هذه الحياة الاستثنائية، وأن يعرف أنها تفضّلٌ من الله، وأن الله وضع بين يدي العامة ترهيباً وترغيباً:- {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}. فهل نحن وسط هذا اللهب دون أن نحترق، نتعامل مع هذه النعم بما يقرها؟ أم أننا نقترف بالتقصير ما يساعد على فرارها، إن على المواطن السعودي، وهو ينعم بالأمن والرخاء والاستقرار، ويستقبل كل يوم مبادرة كريمة، أن يعرف الفضل لذويه، وأن يسعى جهده لشكر المنعم المتفضل، وأن يجتهد ما وسعه الاجتهاد لقيد أوابد النعم بالشكر لله أولاً، والشكر قول وعمل: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}. والدعاء ثانياً لمن أجرى الله هذه النعم على يديه، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وأن يوازن بين الاستغلال المفرط لهذه الخيرات والتفاعل معها، والأداء السليم من خلالها، وليجتنب التبذير:- {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}. والوضع العربي والعالمي المتقلب يتطلب من عقلاء الأمة حمل العامة على وعي المرحلة، والتعامل معها بحذر شديد، وإذ عرف المشركون خالقهم عند ركوب الفلك، لوقوعه في أتون الخطر، فإن على المسلمين، وهم الأدرى بخالقهم، أن يلوذوا به، وهم في وضع أشبه ما يكون بركوب البحر الهائج المائج، وكيف لا يخاف العاقل والعالم العربي في أتون اللهب:
- دماء تتدفق.
- وقلاع تهدم.
- وأمن يتهاوى.
- وكساد يستشري.
- وخوف يشيع.
- وتسلط همجي يتحكم.
وقنوات فضائية فضولية، ترصد الأحداث، وتنقلها بكل بشاعتها ووحشيتها.
فهل تغني الآيات والنذر، بحيث نفر إلى الله امتثالاً لنصائح الرسل:
(فَفِرُّوا إلى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.