روسيا تدين توسيع سلطات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها في قطاع غزة    ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 7.9% خلال يونيو 2025    الجزائر تدين المخططات الإسرائيلية لإعادة احتلال قطاع غزة    الأمم المتحدة ترحب باتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    الصين تجدد إصدار التحذير باللون الأصفر من العواصف المطيرة    أمطار رعدية غزيرة وسيول متوقعة على عدة مناطق بالمملكة    جامعة الملك فيصل تفتح باب التسجيل في البرامج التعليمية إلكترونيا        فريق بصمة الصحي التطوعي يطلق فعالية «اﻻﺳﺒﻮع اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺮﺿﺎﻋﻪ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ» بجازان    تدشين 48 مشروعاً لمنظومة البيئة والمياه والزراعة شمال السعودية    جمعية "نبض العطاء بجليل" تطلق مبادرة أداء مناسك العمرة    الصين تريد من الولايات المتحدة تخفيف قيود تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي    السعودية تحصد لقبها الثاني في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    النصر يعلن تعاقده مع المدافع مارتينيز لموسم واحد    السفير الصيني: 52 شركة صينية تشارك في معرض الصقور    جامعة الباحة تعلن استحداث القبول للدراسات العليا    تطور المدفوعات الإلكترونية.. السعودية.. تسريع التحول الرقمي والشمول المالي    أخضر ناشئي اليد يتأهل لثمن نهائي بطولة العالم    بعد ضم مدافع برشلونة.. النصر يسعى لحسم صفقة كومان    يوتيوبر مغربي يحصل على حقوق نقل دوري روشن    دعم إعادة التمويل العقاري    موجز    الطريق إلى شرق أوسط مزدهر    آل طارش والعبدلي يزفون سامي    الشمراني عريساً    «المنافذ الجمركية»: تسجيل 1626 حالة ضبط خلال أسبوع    الاحتلال يمضي في خططه للسيطرة على غزة.. السعودية تدين وترفض إمعان إسرائيل في الجرائم ضد الفلسطينيين    إيران تضبط 20 مشتبهاً بالتجسس لصالح الموساد    عزنا بطبعنا    العصرانية وحركة العصر الجديد    «التواصل» السلاح السري للأندية    فدوى عابد تنتهي من «برشامة» وتدخل «السلم والتعبان»    مدل بيست تختتم حفلات الصيف في جدة والرياض    الأمم المتحدة تحذّر من تردي الأوضاع في الفاشر    القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    ممرضة مزيفة تعالج 4000 مريض دون ترخيص    هيئة الصحة تستهدف وقايتهم من مخاطر السقوط.. 4 منشآت صديقة لكبار السن مع خطة للتوسع    أسعار النفط تحت وطأة شائعات السلام وحرب التعريفات    الغاز الطبيعي يشهد تحولات عالمية    المملكة تعزّي لبنان في وفاة وإصابة عددٍ من أفراد الجيش    «موانئ» تحقق ارتفاعًا بنسبة 12.01% في مُناولة الحاويات خلال يوليو 2025    الفرنسي"إينزو ميلوت"أهلاوياً ل 3 مواسم    إمام المسجد النبوي: الأمن من الخوف سكينة تغمر الحياة    الخليج يدعم صفوفه بالعمري    القبض على يمني وإثيوبي في جازان لترويجهما (9) كجم "حشيش"    خطيب المسجد الحرام: تعاونوا على مرضاة الله فهي غاية السعادة    إكرام الضيف خلق أصيل    تحت رعاية الملك.. انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن    النفط الجديد من أجسادنا    المملكة تعزي لبنان إثر وفاة وإصابة عدد من عناصر الجيش    تهنئة سنغافورة بذكرى اليوم الوطني    استمرار الدعم الإغاثي السعودي في سوريا والأردن    محافظ خميس مشيط يتفقد مركز الرعايه الصحية بالصناعية القديمة    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحولات السلفيين بعد ثورة المصريين

أخذت ثورة ميدان التحرير سلفيي مصر على حين غرة، فاحتاروا في كيفية التعامل معها، فهم وإن قدموا أنفسهم نظريا كأفراد وآحاد، إلا أنهم يتعاملون مع الواقع كحزب، بل كأحزاب تبعا للتباين الفكري «النسبي» فيما بينهم، وتبعا للأبعاد الشخصية أيضا.
السلفيون الذين نعنيهم هنا ليس من بينهم السلفية الجهادية من دون شك (هناك تيار سلفي حركي كانت له مواقف إيجابية من الثورة)، بل نعني السلفية التقليدية أو المحافظة أو العلمية بحسب التسمية التي يفضلها كل طرف وكل صاحب رأي، وهؤلاء لم يكونوا جزءًا من الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح، بل وقف كثير منهم على الدوام ضد المظاهرات والاعتصامات ونددوا بها وطالبوا بطاعة ولي الأمر ولو جلد الظهور وسلب الأموال ما دام يأذن بالصلاة. وعندما اندلعت الثورة ورأوا بأم أعينهم التأييد الجارف لها في أوساط الجماهير لم يجدوا مصلحة في الصدام معها، باستثناء قلة قليلة لم تجد حرجا في ذلك مثل محمود المصري ومحمد حسين يعقوب، وكان أن التحق بعضهم بها كما هو حال الشيخ محمد حسان (بعد تردد)، وساندها آخرون كما هو حال بعض سلفية الإسكندرية، فيما ابتعد آخرون ولم يتدخلوا لا سلبا ولا إيجابا هو حال الشيخ «أبو إسحق الحويني» وسواه.
سيمارون هؤلاء بأنهم ليسوا حزبا ولا أحزابا، ولكن كيف تصنف تجمعاتهم وجمعياتهم في مصر مثل جمعية أنصار السنة والجمعية الشرعية والحركة السلفية، وماذا يعني مركز الألباني هنا، وماذا يعني التكتل الذي يمثله والاجتماعات والبيانات التي يصدرها، ثم ما هو الحزب ابتداءً، أليس تجمعا يؤمن أفراده بأفكار معنية، وهل ثمة حزب في الدنيا يحدد لأتباعه ما عليهم أن يفعلوا من المهد إلى اللحد كما هو حال السلفية التقليدية؟! أيا يكن الأمر، فمن حق أي أحد أن يتبنى الرؤية التي يراها صوابا ما دام يحترم الآراء الأخرى ولا يراها ضربا من الكفر الضلال، أو يحتكر النجاة في الآخرة لنفسه تاركا الآخرين نهبا لجهنم بدعوى افتراق الأمة على 73 فرقة كلها في النار إلا واحدة، وهو حديث لا يصح كما يرى الشيخ الغزالي لأنه يخالف القرآن الكريم الذي وصف المسلمين بأنهم خير أمة أخرجت للناس، بينما يرى آخرون تأويل الحديث بالقول أن الفرق المقصودة ليس الجماعات الدينية الحالية ولا الفرق المعتبرة في التاريخ مثل الأشاعرة والماتريدية وحتى المعتزلة.
ما يعنينا في هذه السطور هو تأثير الواقع السياسي على الأفكار الدينية، الأمر الذي ينكره أولئك في الكلام، بينما يؤيده واقعهم المعيش، ولعلنا نتذكر هنا موقف بعضهم من مسألة المشاركة في الانتخابات (التصويت بشكل خاص) وكيف تحولت تبعا لمتطلبات السياسة من عدم الجواز إلى الجواز، ولا نعرف ماذا سيقولون بعد ذلك فيما يتصل بالمشاركة (ترشيحا)، مع أنها ستكون جائزة بالضرورة تبعا للفتوى الأولى، وهل سيشاركون هم، أم يدفعون أحدا للمشاركة ويدعمونه.
مثالنا الذي سنقدمه هنا هو الشيخ محمد حسان الذي كان ينتمي إلى التيار السلفي التقليدي، وامتحن في انتمائه من قبل رمزين من مركز الألباني هنا في شهر أيار من العام 2008، حيث وُجهت إليه جملة من الأسئلة حول سيد قطب وأسامة بن لادن وتنظيم القاعدة والعمليات الانتحارية، وعن طاعة ولاة أمور المسلمين اليوم، فأجاب بالطبع أنها «واجبة واجبة» (المكالمة موجودة على الإنترنت صوتا ونصا)، وعندما سُئل عما إذا كانت قناة الرحمة ذات صلة بالشيخ سفر الحوالي أو سلمان العودة (هناك موقف سلبي منهما عند أولئك)، أقسم أنه لا علاقة لهما بالمحطة، مضيفا «أن القناة لا تنتسب إلى جماعة ولا إلى حزبٍ، وإنما منهجها القرآن والسنّة بفهم سلف الأمَّة».
اليوم وبعد الثورة ها هو الشيخ نفسه، وبعد أن تخلى عن آراء قومه في طاعة ولي الأمر، وفي المظاهرات والاعتصامات وتشكيل الأحزاب، وربما في التعامل مع النصارى أيضا (كان الرجل ممن حاوروا الأقباط أثناء الأزمة الأخيرة معهم عندما هدمت إحدى الكنائس)، ها هو يعلن أن التيار السلفي سيشارك في الانتخابات وأنه سيشكل حزبا سياسيا أيضا.
هكذا تتساقط «الثوابت» التي طالما كالوا الشتائم للآخرين بسببها، ما يذكرني بما هو أقل شأنا مثل الموقف من التصوير، إذ كان بضعهم قد أوجعوا رؤوسنا بفتاوى عدم جواز التصوير الفوتوغرافي، فضلا عن الفيديو، مع شتم التلفزيون جملة ووصفه بال»مفسدين»، ثم بادروا بعد ذلك إلى إنشاء فضائية وصاروا ينصبون كاميراتهم داخل المساجد لتصوير الدروس وبثها.
الدرس الذي ينبغي أن يأخذه الجميع من هذا كله هو ضرورة أن يتواضع جميع الإسلاميين عند إصدار الفتاوى واتخاذ المواقف، لاسيما المتصلة بالعمل العام، وليكن شعارهم بين بعضهم البعض «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»، لا أن يقول إن رأيه الحق وما سواه الضلال كما يفعل أولئك القوم في سياق من التسفيه الذي يقترب أحيانا من حدود التكفير، بل يتجاوزه في بعض الأحيان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.