إلى حد كبير كان الأستاذ عبدالرحمن الهزاع، المشرف على الإعلام الداخلي بوزارة الثقافة والإعلام، معقولا في دفاعه عن التنظيم الذي ستطبقه الوزارة على وسائل النشر الإلكتروني. وقد قلت «دفاعه» لأن الحوار الذي أداره الدكتور عبدالعزيز قاسم في برنامجه «البيان التالي» كان في مجمله اتهاميا للوزارة بالحد من الحرية وتكميم الأفواه، كما قال المداخلون في البرنامج، ومرر الأخ عبدالعزيز مداخلاتهم بشيء من الموافقة أو الاتفاق، إلى حد إلقاء قصيدة بالنيابة عن أحد المدونين، استعارها ووضعها في مدونته لأنها تتباكى على الحرية الغائبة. أولا، يجب ألا ننتقص من مساحة الحرية الكبيرة التي أصبح إعلامنا يتمتع بها. هذا القول ليس مزايدة ولا مجاملة، بل الواقع الذي يلمسه كل من له علاقة قريبة وطويلة بوسائل الإعلام تمكنه من المقارنة بين الماضي والحاضر. وبالتأكيد لا يوجد حد أو سقف للحرية يمكنه إرضاء الكتاب وأصحاب الرأي، فكلما ارتفع السقف تطلعوا إلى سقف أعلى، وهذا تطلع مشروع لكنه لا يبرر تحجيم واقع الحرية الإعلامية الآن. نعود إلى موضوع الحلقة وهو النشر الإلكتروني ونقول إنه كان على الأخ عبد لعزيز أن يختار للمداخلات أشخاصا يتصفون بالمعقولية والحياد وفهم معنى الحرية وأبعادها وكيفية توظيفها إيجابيا، وليس من يزايدون عليها لخدمة أغراض محددة، معروفة مكشوفة، كما هو حال «أبو لجين إبراهيم» الذي قال كلاما عجيبا غريبا في مداخلته، ضمنها ألفاظا لا يجب أن تقال بحق ضيف البرنامج أو وزارة الثقافة والإعلام. وحين يطالب أبو لجين بضبط الصحافة الورقية أولا وإتاحة المجال فيها للأدباء والمثقفين وأصحاب الرأي والعلماء والأكاديميين فإننا نسأل: ومن هم الذين يكتبون فيها الآن غير هؤلاء؟ أم أن هناك نماذج أخرى غيرهم تنطبيق عليهم هذه الصفات، لا يوجدون سوى في ذهن أبي لجين.. ومرة أخرى نسمع نغمة صغار الكتاب الذين يتطاولون على العلماء والعقيدة والشريعة في الصحافة، وهي نغمة مشروخة أصابتنا بالملل حين يرددها أمثال أبي لجين دون كلل.. خلاصة القول إن هناك البعض الذي يريدها حرية تخدم الخراب والظلام، وهناك البعض الذي يريدها حرية تخدم التنوير والمعرفة. هناك من لا يفرق بين الشعرة الفاصلة بين الحرية والفوضى، وهناك من يحترم الحرية الحقيقية ويطمح إلى المزيد منها وحمايتها ممن يحاولون تلويثها من الجهلة والمزايدين والمؤدلجين.