ترمب يفرض رسوماً ب30 % على المكسيك و«الأوروبي»    واجهات جدة البحرية وحدائقها العامة تعزز جودة الحياة    إيران: «شكل جديد» للتعاون مع الوكالة الدولية    سورية تسيطر على معظم حرائق الغابات    "الشؤون الإسلامية" تطلق الدورة العلمية لتأهيل الدعاة في بنجلاديش    فرنسا تعتمد برامج جامعة نايف    الشورى يدرس 10 موضوعات    رئيس بلدية الخفجي يُدشن مركز اختبار وتقييم العاملين في منشآت الغذاء والصحة العامة    القبض على (13) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (169) كيلوجرامًا من "القات"    أمير منطقة جازان يقلد عددًا من القيادات الأمنية رتبهم الجديدة    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    أمير منطقة جازان يستقبل محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة    أمير القصيم يستقبل محافظ ضرية ويتسلّم تقريري مزادات الإبل وفعاليات يوم التأسيس    "زين السعودية" تتعاون مع "سيسكو" لتطوير بنية تحتية متقدمة مرتكزة إلى الذكاء الاصطناعي    استشهاد 10 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي لنقطة توزيع مياه    اطلاق المرحلة الثانية من "تحدي الابتكار للاستدامة" من بوسطن    ورشة عمل وصالون ثقافي في مكتبة الملك عبدالعزيز احتفاء ب"عام الحرف 2025"    أمير الشرقية يستقبل سفير جمهورية جورجيا لدى المملكة    موعد مباراة سان جيرمان وتشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية    كوكب زحل يصل اليوم إلى نقطة الثبات    القيادة تهنئ رئيس الجبل الأسود بذكرى اليوم الوطني لبلاده    صندوق الاستثمارات يطلق شركة تسامى لتعزيز منظومة خدمات الأعمال بالسعودية    الضمان الصحي يوضح معايير صرف الأجهزة الطبية    «اليونسكو» تدرج نقوش موروجوغا الصخرية الأسترالية ضمن قائمة التراث العالمي    الأرصاد: رياح على 5 مناطق و طقس حار في الشرقية    الياباني GO1 يتوّج بلقب FATAL FURY City of the Wolves    مبعوث ترمب في طريقه إلى كييف.. أوكرانيا تؤكد استئناف الإمدادات العسكرية من واشنطن وأوروبا    وسط تصاعد التحذيرات الدولية.. إدانة أممية لعرقلة الحوثي جهود إنقاذ البحارة المفقودين    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    السعودية تؤكد التزامها الكامل باتفاق «أوبك+»    ضبط 21058 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في مناطق المملكة    الاتحاد يكشف عن قائمة الفريق المغادرة للمعسكر الخارجي    الزعيم يسابق الزمن لحسم صفقة" كين"    النصر يخطط لمبادلة لابورت بالأمريكي بوليسيتش    صورة مميزة لمونرو تباع بمزاد    568 مبتعثا ثقافيا للخارج والأولوية للبكالوريوس    فيلمي القادم سيصور بالرياض.. الفنان أحمد السقا ل"البلاد": الهلال شرف العرب في كأس العالم    رنا جبران تجسد الأمومة الجريحة في مسلسل"أمي"    دمج «قسد» ضمن الدولة قيد البحث.. لا" تخطيط أمريكي" لبقاء القوات في سوريا    «الشؤون الإسلامية» تعزز نشر المنهج الوسطي بالمالديف    تعديل جيني بديلا لأبر التنحيف    قطة تكتشف سلالة فيروسية نادرة    الدماغ لا يتوقف عن النمو    الإفراط في تناول دواء شائع يسرع شيخوخة كبار السن    «الصحة» تقدم 7 إرشادات لتجنب ضربة الشمس    نائب أمير الرياض يشرف حفل السفارة الفرنسية.. ويطّلع على جهود "الأمر بالمعروف"    الكتاب العظيم يستحق مشروعا عظيما    الفارس"المبطي"يحقق المركز الثاني في بطولة ڤالكينزڤارد بهولندا    المدخلي رأس خصوم الإخوان    إطلاق مشروع "صيف زهر" للفتيات في مدينة أبها بنسخته الرابعة    اطلاق النسخة الثانية من مشروع "رِفْد" للفتيات في مدينة أبها بدعم من المجلس التخصصي وأوقاف تركي بن عبد الله الضحيان    جدة تستضيف الجولة الرابعة من بطولة العالم لسباقات الزوارق السريعة F1H2O    هنا السعودية حيث تصاغ الأحلام وتروى الإنجازات    رئيس هيئة الأركان العامة يتفقد منظومة الدفاع الجوي «ثاد»    "الشؤون الإسلامية" تُكمل فرش جامع الملك فهد في سراييفو    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القياصرة الأميركيون.. قدر أوباما

أصدر المؤرخ البريطاني المعروف، نايجل هاميلتون، مؤخرا كتابا بعنوان «القياصرة الأميركيون: حيوات الرؤساء الأميركيين من روزفلت إلى جورج بوش جونيور» (2010). هاميلتون الذي يحظى باحترام واسع في الأوساط الأكاديمية لمتانة ورصانة أعماله التاريخية، حاول من خلال الكتاب تلخيص سير اثني عشر رئيسا أميركيا على طريقة المؤرخ اليوناني القديم سيوتونيوس (200 قبل الميلاد) الذي أرخ لحياة اثني عشر من القياصرة اليونانيين. ما يميز كتاب هاميلتون هو أنه استطاع أن يرسم شخصية كل رئيس كما رآها النقاد وكما رآها صاحب الشخصية نفسه. ولعل ما يلفت الانتباه هو تقييمه غير المعتاد لشخصية الرئيس جورج بوش الابن، الذي قال عنه إنه واحد من أكثر الرؤساء الأميركيين تأثيرا، وإن فترة رئاسته كانت معقدة ومليئة بالأضداد - الخير والشر -. يشرح هاميلتون أن الرئيس بوش الذي كان يعاني من صعوبات تعلم وعدم القدرة على التركيز لم يكن غبيا كما صوّره الإعلام، بل إن جهله الظاهر علميا كان يخفي تحته حذقا وفطنة شديدة على المستوى الاجتماعي، مما جعله قادرا على أن يكون رجل قرار حازما، وأن المشكلة في تاريخ رئاسة بوش - كما في رئاسة ليندون جونسون - هو أن الناس حاكموه لدخوله حرب العراق، وأهملوا الباقي، بحيث أصبح الحكم على الشخص لا على جملة قراراته ومشروعاته.
يواجه الرئيس أوباما تحديا مماثلا ولكن من الزاوية المقابلة. فقد دخلت حملة الرئيس أوباما للرئاسة كواحدة من أهم الأحداث السياسية في التاريخ الأميركي. إذ قدم المرشح نفسه بطريقة مثالية مسالمة، وبشعارات حملت أمل التغيير لأميركا، وبحيث أثرت تلك الرسالة في الملايين حول العالم. يمتلك أوباما مواهب وقدرات ربما لا تتوافر لعدد من الرؤساء الأميركيين، فقد صنع نفسه بنفسه وأصبح قصة نجاح لا توازيها أي حكاية سياسية في أميركا للحد الذي طبعت معه سيرته الذاتية بالملايين وترجمت لأغلب اللغات الحية.
بيد أن هذه التجربة الفريدة التي أوصلت أوباما إلى كرسي الرئاسة باتت مصدر إزعاج له، ولكبار مساعديه. إذ يبدو أن الهالة الكبيرة التي نسجت حوله باتت تتطلب منه فوق طاقته، وبحيث أصبح غير قادر على تلبية الطموحات والآمال التي علقت عليه. أي إن العالم الواقعي - بصعوباته وتعقيداته - بات يفرض على الرئيس خيارات وحلولا من قبيل «أحلاهما مر». خلال هذا العام ارتفعت نسبة عدم الرضا عن أداء الرئيس من 20 في المائة (يناير/كانون الثاني) إلى 40 في المائة (يونيو/حزيران) بحسب تقرير راسبوسين للاستطلاعات. أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد أعلن رئيس ال«سي آي إيه» (يونيو) أن إيران باتت تملك نسبة من اليورانيوم المخصب كفيلة بصنع قنبلتين نوويتين، ولمح إلى أنه ومنذ بداية الحملة العسكرية الأخيرة في أفغانستان فإن الإدارة الأميركية لم تحقق نجاحا يذكر في مواجهة طالبان.
الرئيس أوباما، كغيره من الرؤساء والزعماء، غير مهتم كثيرا بهذه الأخبار والأرقام حسبما صرح مؤخرا، بل إن مساعديه يشيرون إلى أن الرئيس تمكن خلال مدة قصيرة من تحقيق أهداف كبيرة، أبرزها تمرير مشروع الإصلاح الصحي، الذي لم يتمكن منه رؤساء سابقون، وكذلك توقيع معاهدة «ستارت» الجديدة مع روسيا لخفض التسلح النووي. كما أن الإدارة نجحت في تصحيح العلاقات مع روسيا والصين بحيث استطاعت فرض حزمة عقوبات رابعة على طهران، وأهم من كل ذلك - كما يقول مؤيدو أوباما - فقد ساهم طرحه السلمي وكاريزماه الشخصية في ترميم صورة الولايات المتحدة في أنحاء كثيرة من العالم. وقد ذهب رام إمانويل - كبير موظفي البيت الأبيض - في حوار أجرته «نيويورك تايمز» (13 أبريل/نيسان) إلى أن أوباما أكثر براغماتية وواقعية من غيره، وأنه في الوقت الذي يصنف السياسيون الأميركيون بين «المثالية» و«الواقعية» فإنه «لا يسعك أن تصنف أوباما إلا واقعيا، تماما مثل بوش 41». ولكن هل أوباما هو جورج دبليو بوش؟
الجواب هو لا، فالرئيس أوباما قد يكون براغماتيا وواقعيا في سياسات معينة، كتأجيل إغلاق معسكر غوانتانامو، وتمديد «الباتريوت آكت»، أو إرسال جنود إضافيين إلى أفغانستان، ولكن كون المرء واقعيا فإن ذلك يستدعي منه المزيد من الحلول البراغماتية، وشيئا من الحزم ضد المشاغبين، وقليلا من الوعظ الأخلاقي. لقد كان أداء إدارة أوباما حيال عدد من الملفات ضعيفا، فقد استطاع بيبي نتنياهو مناورة أوباما مرتين دون أن تتمكن الإدارة الأميركية من التحكم في زمام المبادرة. وقل ذات الشيء عن ملف طهران النووي، والذي خرج بحزمة عقوبات ضعيفة. أما ما يخص مسألة تحسين الصورة فذلك أمر نسبي، كما يقول نقّاد أوباما، وكدليل على ذلك يشير البعض إلى أن نسبة الثقة في الولايات المتحدة قد تراجعت في منطقة مثل الشرق الأوسط بنسب تراوحت بين 13 و18 في المائة منذ بداية هذا العام (غالوب للاستطلاعات).
هذا الأداء الباهت على مستوى السياسة الخارجية - حسب وصف البعض - لا يقارن بسنوات بوش 41، والتي كان الثلاثي - بوش، بيكر، سكوكفرت - قد نجحوا خلالها في احتواء أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، كما استطاعوا التبشير بنظام عالمي جديد، وكانت لديهم القدرة على تأديب أولئك الذين خرجوا على قواعد اللعبة الجديدة، كنظام صدام حسين. أما أوباما فتعاني إدارته من عجز واضح في الوفاء بوعودها فيما يتعلق بالانسحاب من العراق وأفغانستان، أو تفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط. كما أن الإدارة تعاني أزمة ثقة مع حكومة حامد كرزاي، وهي لم تستطع التوفيق بين الأحزاب العراقية في صراع على السلطة يوشك أن ينفجر.
يشير المؤرخ والتر رسل ميد إلى أن أوباما بحكم تكوينه كان رجلا براغماتيا - توفيقيا - منذ أيام شيكاغو، وأنه وبعد تسلمه الرئاسة حاول جاهدا أن يسير باتجاه وسطي - توفيقي - داخليا، ولكنه وبسبب انعدام خبرته في السياسة الخارجية طوال سيرته المهنية أصبح بطيئا، ومعتمدا على كبار مساعديه، في حين أن الأوضاع السياسية في الخارج تحتاج إلى حلول خلاقة. اليوم يجد أوباما الوسطي نفسه حائرا بحيث يعارضه المحافظون - الذين يشكلون 40 في المائة من الناخبين الأميركيين -، وانزوى عنه الليبراليون - 20 في المائة - بسبب وسطيته. أما في الخارج فإن خصوم وأعداء الولايات المتحدة لا يجدون أنفسهم قادرين على استيعاب رسائل أميركا التي تتأرجح ما بين الإقدام والإحجام، وهو موقف لا يبعث الثقة في صفوف الأصدقاء ولا الحزم في وجه الخصوم.
كغيره من القياصرة الأميركيين، يواجه أوباما تحديات صعبة ولكن ما زال بحوزته الكثير من الوقت، وقد تكون انتخابات التجديد النصفي القادمة الاختبار الأبرز لهذه السياسة الوسيطة ما بين المثالية والواقعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.