جابر محمد الهاجري - القبس الكويتية رواية للمبدع السعودي يوسف المحيميد «الحمام لا يطير في بريدة»، هذه الرواية من النوع الذي يجعلك تقسم ألا تتركها حتى نهاية صفحاتها الأربعمائة تقريبا، في سرد روائي مشوّق، وان كانت تتميز بجرأة شديدة من حيث تصوير أفراد مجتمع الرواية بأنهم يعانون اضطرابات نفسية ناتجة عن الكبت والقمع الديني جعلتهم ينفّسون عنه بالبحث عن اللهو غير البريء! وفي الرواية نقد صريح ومباشر لسيطرة رجال الدين أو «مطاوعة» هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتدور أحداثها ما بين منطقة «بريدة»، التي تعتبر عاصمة للفكر الديني المتزمّت، والرياض العاصمة الكبرى، وذكريات وقصص متتالية وأحداث بطلها هو «فهد» ومعاناته المريرة التي يتذكرها وهو في القطار المتجه من مدينة لندن إلى «غريت يارموث» الساحلية. في الرواية اسقاطات اجتماعية وسياسية كثيرة وتصوير حي لواقع تسييس الدين وتجييره ضد العلاقات الانسانية البريئة، ويأتي هذا في مشهد دخول رجال الهيئة وإلقاء القبض على بطل الرواية في مقهى بعد محاولة خداعه وسؤاله عمن تكون بصحبته، وما تلا ذلك من تدمير مع سبق الإصرار والترصد لسمعة وحياة فردين التقيا في مقهى أمام أعين الناس جميعا، وليس في مكان أو خلوة قد يكون الشيطان ثالثهما!! ولكن بما أن هناك من يفرض وصايته على الناس بالقوة، وبما أنه يرى في كل هؤلاء البشر شياطين من الإنس وهو وحده سفير الملائكة في الأرض، فلا بد أن يكون فظا غليظا مع أولئك المتهمين بالمعصية، حتى يثبت العكس، والى ان يثبت المرء هذا العكس يكون قد أصبح في خبر كان. ولعلّ الرواية التي كان اول مشاهدها بوليسياً وارهاباً دينياً مقيتاً، الا ان هناك حقائق تحتويها وقد يتعمد هذا الروائي النخبوي جلد الذات أو كشف المستور خاصة عندما نعلم أنه من أهل بريدة. المضحك أن الحمام لا يطير في الكويت ايضا، خاصة ان هناك من سلب وزارة الداخلية سلطاتها وتهجّم على حفل وطني للجالية السيلانية في منطقة الجهراء قبل أسبوعين، وقام بطرد المحتفلين من أطفال ونساء وعائلات في مشهد مخجل جداً.. ويا خوف فؤادي ألا نكتب غداً عن حمائمنا التي لن تطير إلاّ بإذن اولئك الذين قاموا قبل أيام بتوجيه التحذير لفرنسا إن لم تتراجع عن منع «النقاب» فإنه سينالها الويل والثبور، ونتوقّع أيضاً ان تتوجه حاملات الطائرات والغواصات النووية، التي تشقّ أعماق المحيطات، من ميناء الشويخ الى سواحل فرنسا لفرض حصار عليها.. يا للهول!! *** نقطة أخيرة: الرواية تباع في مكتبات الرياض وممنوعة في الكويت!!