الحديث إلى شباب وشابات الوطن في الابتعاث كان يتدافع لدي وجدانياً مع اتصال أ. سعد الحرقان المسؤول بإدارة العلاقات العامة بوزارة التعليم العالي وبرنامج خادم الحرمين للابتعاث ليبلغني الدعوة الكريمة من الوزارة لحضور حفل تخريج دفعة جديدة من البرنامج في واشنطن في 24 مايو الجاري ضمن التوجه الدوري لمشاركة الشباب مع الفعاليات الاعلامية والثقافية في الوطن وتفاعل البرنامج التعليمي لاطلاع الحركة الثقافية في الوطن على خطوات البرنامج ونتائجه ، وأول ما أتحدث معهم كمدخل هو جسور المودة والحب التي أُريد أن أوصلها لكل أبنائي وبناتي في الابتعاث وكلهم كعبد العزيز بن مهنا في بعثته ، فلذات أكباد تسعى بين صروح العلم وجامعات الغرب سواءً كانوا في الولاياتالمتحدةالامريكية أو في أوروبا أو حيث حطّت رحالهم، نستحضر غربتكم حتى ولو كانت بين طبيعة العالم الشمالي الخلابة فللغربة حضور تبدو فيه حُصيّات الصحارى ونخيلنا الباسق ولفحات الحر مع بسمات الأهل وبركات الوالدين وأمواج بحرنا الدافئ أحّنّ الى القلب من ناطحات السحاب ونسائم البرد الجميلة وأجواء الطبيعة التي لها حظ كبير من النفس والمتعة لكن يبقى للوطن وأرضه وأهله شريان لا يُغادر إنسانه مهما عبرت الحياة في مهجره . لا تستعجل بالتفريط بهذه الرسالة المتكاملة فلسفيا وروحيا ومادياً مع كل المحن والتحديات بسبب أحاديث عاصفة لا تقوم على قواعد حوار ولا جدل منطقي ونظّم فكرك وعقلك وأطلق روحك تستهدي بخالقك سوف تجد نفسك تردد لقد وجدتُ الطريق. ولذلك اقول لأبنائنا نحبكم ونصلي لنجاحكم وعودتكم سالمين غانمين قد اثبتم تفوقكم ووثّقتم حضوركم العلمي في سجلات الغرب ، نفرح لصعود كل فردٍ منكم من كل بقعة في وطننا لينجح لذاته ولأهله ولوطنه ونقول مبروك تصفّق بها القلوب وتمسح على جبينكم بعد التعب ودوائر تحديات الغربة وظروفها المختلفة ونتألم أن لا يوفّق البعض من انجاز مهمته وتغلب عليه شهوات لحظة على سعادة مرحلة ونجاح رحلة فيسقط من الركب فيعصر قلب والديه ووطنه ، ونقول له مجدداً إن ادركت الركب فلا تتمهّل عد الى برنامج النجاح واصلح ما بينك وبين ربك وبينك وبين وطنك وأكمل رسالتك سوف نحتضنك ونضمك ونفخر بك أن ضممت لوطنك شهادتك . أحبائي في الابتعاث حيث كنتم اردتُ أن يكون حديث الوجدان هو السُلّم الذي ننطلق منه وعبره وأنتم اليوم في غمار تجربة خاضتها دول عديدة وهي حركة الابتعاث للتعليم والتحصيل ، أحاديث كثيرة عن مشروع خادم الحرمين للابتعاث خاضها الناس لكن الحقيقة أنها مثّلت للشباب مشروع انقاذ مرحلي مهم ، حين عطّلت ارتال البيروقراطية والمصالح تقدم الوطن منذ زمن لتحقيق نهضة علمية اكاديمية وبرنامج توظيف متاح لكل شباب الوطن ، فتعرضت المرحلة الى نقص كبير في فرص التعليم الجامعي ومن ثم الوظيفة لكل مستحق فدخلنا في مرحلة فراغ خطيرة ، وأعتقد أن برنامج الابتعاث اليوم قد ساهم في الخروج منها ، حيث تبنى إعطاء فرص تعليمية هي في ذاتها دخل مؤقت للمبتعث أو المرافق لتحقق استيعاب واسع لهذه الشريحة الشبابية ، فتحتضنهم للدراسة وتهيّئهم للوظيفة مستقبلاً وهو التحدي الصعب والمهم أمام الدولة بان يُعّد له مبكراً منذ بدئه وأن تُشحذ الهمم الوطنية لاستيعابكم وزملائكم في تعليم الداخل بعد أن أنجزتم رسالة التعليم العالي والاكاديمي , وهي مهمتنا ككتُاب ومثقفين أن نُجسّد هذا المشروع التوظيفي كحق لكل شبابنا بعد التخرج نطالب به ونسعى لتذكير المؤسسات الرسمية بمسؤوليتها عنه ، ضمن الاستحقاق الوطني للفرد ، والذي سيجعل مشروع خادم الحرمين لبنة تأسيس لتحقيق نهضة اكاديمية ووظيفية متطورة للجيل الجديد ، ومهمتنا الآن ان نتفاعل مع المشروع لكي يحقق أعلى درجات الفائدة الوطنية العامة والخاصة ونسعى لتعديلات ايجابية وتجاوز السلبيات فيه لا أن نتجادل عنه . نعم الأصل حين تكتمل الثمرة أن تكون لدينا مؤسساتنا الأكاديمية التي تحتضن كل طلابنا بمنهج علمي متقدم ،وأن تكون الثروة التي تتحصلها جامعات الغرب هي مشروع تأسيس أكاديمي ضخم لنا ، لكن كان واضحاً أن بنية هذا المشروع لم تتحقق ولذلك شكّل مشروع الابتعاث تغطية مرحلية مهمة لصالح الشباب كفرص تعليم وصالح الوطن لبناء العهد العلمي والوظيفي الجديد ، وهذا سيتحقق حين نستقبلكم بعد عدة دورات وقد تكاملت شخصيتكم الفكرية والعلمية والثقافية وطنياً وإسلامياً وإنسانياً ,فتشكل لنا قاعدتكم الشبابية الاكاديمية اليوم مناراً للمستقبل , وقد ساهمت حركة الابتعاث القديمة في تقديم جيل وبرنامج قدّم مشاريع تطوير وتحديث للبنية المدنية للدولة في مجالات عدة، وقد لا تكون هذه المشاريع اُستكملت وواجهتها عوائق الفساد والمصالح أو البيروقراطية لكن شخصياتها الوطنية ذات النزعة العروبية او الاسلامية الغيورة على وطنها ساهمت بما تستطيع في حركة التحديث والتنظيم للأجيال الوطنية التي تلتها . أبنائي وبناتي لا أحب أحاديث التوجيه في المسارات الفكرية وإنما القناعة التي تتولد من الشاب والشابة ، ويعيش زمننا المعاصر عهد أسئلة التغيرات الثقافية الكبرى في الوطن العربي يتجاذبكم صراعات وحوارات ونزاعات في قضية الإنسان والحياة والعلاقات الوطنية والإنسانية مع نزعة استهداف لرسالة الاسلام تُطرح لدى البعض كقيم تمرد للحرية، وكرسائل رئيسية نُذكر أن هذه الدلالة في استشعارك الرضا والسمو الروحي والتدفق الوجداني بالطمأنينة حين تناجي ربك أو تصطف في محرابه هي رسالة ضميرك ودلالة لقلبك وعقلك بسر سعادة الانسان وسر وجوده وأن جودي الانقاذ هي سفينة الاسلام ، ليس لقول واعظ كريم أو واعظ مسرف على نفسه لكنه ضميرك الفطري السليم , والاسلام أكبر من اجتهادات شخصيات أو جماعات لها فضل أو عليها خطيئة ولكنه قصة وجودك وراحلتك المطمئنة لنجاح الدارين معا في اختصار بليغ لقصة الانسان : فضيلة وتقدم وحرية راشدة لا بهيمية وعدالة حين تُحقق رسالته في الحياة وسعادة ونجاة في الآخرة , فلا تستعجل بالتفريط بهذه الرسالة المتكاملة فلسفيا وروحيا ومادياً مع كل المحن والتحديات بسبب أحاديث عاصفة لا تقوم على قواعد حوار ولا جدل منطقي ونظّم فكرك وعقلك وأطلق روحك تستهدي بخالقك سوف تجد نفسك تردد لقد وجدتُ الطريق. وفي مضمارنا الوطني الانساني نحن نراهن على صناعة أرضية وطنية انسانية مؤسّسة تحت تشريع الاسلام الحق ترعى الفرد في وطننا أكان ملتزماً به أو منزوياً عنه وله رؤيته ، لكن الله امرنا بالعدل والإحسان لا فتنة الانسان , وهنا سيكسب الوطن حين يتخلق جيل البعثات ببرنامج العهد الجديد الذي يُسقط العنصريات والعصبيات ويسعى للتكامل مع مشروع الاصلاح الذي أطلقه خادم الحرمين ويتقاطع مع طموح المثقفين وكل المواطنين ونسعى لدعمه لسكة التنفيذ ..عدالة اجتماعية ومساواة وطنية وتقدم حقوقي بدستورنا الاسلامي ,فأهلا بكم وبارك الله عليكم فأنتم يا أبنائي وبناتي حلمنا الوطني والاسلامي .