لا يختلف احد في أن للمجتمع دورا في النهوض بالابداع والمبدعين الى الاعلى او جعلهم في درك النسيان، وفي نفس الوقت يطلب من المبدع ان يكون حاضرا في المجتمع في افراحه واحزانه وقريب من الناس بكل فئاتهم فهو من خلال ذلك يبدع سواء كان ناقدا او قاصا او فنانا تشكيليا فهو فرد من افراد المجتمع، ويؤكد عدد من المثقفين والكتاب ان للمؤسسات الثقافية دورا كبيرا في تبني المبدع واعطائه الفرصة ليكون في الواجهة بدلا من التهميش والاقصاء مما يقوده الى التقوقع والتهميش..حول هذا الجانب من حياة المبدع كان لنا هذا اللقاء مع بعض المثقفين رعاية المبدعين يؤكد الفنان التشكيلي عبدالعظيم الضامن أن للمجتمع دورا كبيرا في الكشف عن المبدعين كما ان له دورا كبيرا في إقصاء المبدعين، والدليل على ذلك ما نقوم به نحن من دور في ملتقى «إبداع» الثقافي وهو جهد شخصي مدعوم من المجتمع لدعم المبدعين في مجال الفن التشكيلي والتصوير، ورعايتنا للمبدعين هو من إيماننا بأهميتهم في دفعهم للمزيد من العطاء المستمر، والحمد لله النتائج لبرامجنا خلال تسعة عشر عاما كانت جداً مرضية وموفقة. اخفات صوت المبدع ويختلف القاص عبدالجليل الحافظ في الراي أذ يقول: في مجتمعاتنا الشرقية يعتبر المجتمع مضادا للمبدع في العصر الحديث حيث إن المجتمع يلعب دورا بارزا في إخفات صوت المبدع منذ طور نشأته الأولى حينما يحاول أن ينمي موهبته الإبداعية وذلك من خلال كبح جماح إبداعه أو السخرية منه من قبل أقرانه ومحاولة تثبيطه ولو قمنا بعمل إحصائية لكثير من مبدعينا لرأينا أن المقربين منه هم أجهل الناس به وبإبداعه وأنهم لم يعلموا أنه مبدع مطلقًا أو كانوا يقللون من شأنه وعني أنا تعرضت لكثير من هذه المواقف ممن هم حولي سواءً من أسرتي الذين كانوا يجهلون أني أمارس الكتابة الإبداعية وبعض أقراني الذين لم يعلموا بها إلا بسبب ظرف ما. لهذا فإن المبدع العربي عليه أن يعول على نفسه في تنمية ذاته وإبراز موهبته. زامر الحي ويؤكد القاص محمد البشير إن المبدع الحقيقي هو من لا يعبأ بما يُمارس حوله من مضايقات أو طمس، فطالما قيل إن «زامر الحي لا يُطرب»، ومن المقولات الكتابية «لا كرامة لنبي في قومه» ، فقدر المبدع أن يعيش في بيئة طاردة غالباً، فالمجتمعات دائماً تأكل أبناءها كالقطط إما خوفاً منهم أو خوفاً عليهم. إن كان المبدع يُسلم بذلك صدقاً وإيماناً، فعليه مضاعفة الجهد، وأن لا يضع كل ما قيل شماعة يعلق عليها تقاعسه، فلا بد أن يظهر بعمله لا برعاية مجتمعه. ويضيف البشير: أما عن المجتمع ودوره في إثبات وجود المبدعين، فهناك تباين بين مجتمعات تبذل قصارى جهدها في التفتيش عن المبدعين، وتذليل الطرق لهم، ومجتمعات يأتيها المبدع فلا يجد له مقعداً بينما يمنح مقعده لآخر لاعتبارات كثيرة ليس منها قدر إبداعه. علاقة المجتمع والمبدع فيما يرى الكاتب علي فايع: أن هناك علاقة مباشرة بين المبدع والمجتمع في إثبات وجوده من عدمه ، لكن هناك ارتباط بحضوره فقط في أوساط المجتمع على مستوى المؤازرة لكن على مستوى التميز والتفرد لا أعتقد. لا يمكن للمجتمع أن يرفع مبدعاً لا يملك مقومات المبدعين ولو حدث ذلك فلن يطول بقاءه ولن يدوم إبداعه. محاولة المجتمع خلق هالات على أسماء بعينها لا تنفع وكذلك تعمية المجتمع على أسماء بعينها لا تمنع المبدع الحقيقي من الوصول إلى الناس والنماذج كثيرة لدينا وفي العالم على حد سواء. أنا على مستوى الحضور فربما يغرر المجتمع ببعض أهله في تسويق أسماء رديئة لتوجهات معينة، لكن ذلك لن يستمر فالبقاء للمبدع الحق وللعمل الذي لا يقبل تزكية ولا يرضى بدفع غير مستحق. تطوير دور المؤسسات ويؤكد الاعلامي يحيى ابو طالب على دور المجتمع: دورٌ هامٌ في توفير البيئة المحفزة لاستقطاب العلماء المتميزين من مختلف أنحاء المملكة والعالم وتطوير البرامج والدراسات العليا في المجالات المرتبطة بأحدث التقنيات التي تخدم التنمية والاقتصاد الوطني. وهذا الدور يكمن في مجال الاهتمام الجماعي لمختلف القطاعات والمؤسسات الاجتماعية الأخرى في المجتمع بهذه الفئة من أبنائه عن طريق المشاركة الفاعلة، والإسهام الجاد في توفير مختلف الظروف المادية والمعنوية الداعمة للإبداع والمُبدعين؛ والمُساعدة على تنميته وتطويره، والحرص على تحقيق الفوائد والأهداف المرجوة منه. فالأسرةُ والمسجدُ ووسائلُ الإعلام وأماكن العمل والنوادي وغيرها من المؤسسات الاجتماعية مطالبةٌ بالإسهام في العناية بالموهوبين ورعايتهم سواءً كان ذلك بطريقٍ مباشرٍ أو غير مباشر.