لم يدر في خلدي ان هذا الرجل المتواضع الذي كان في كل زيارة للوس انجلوس يلعب معنا الكرة ويبادلنا أطراف الحديث بكل بساطة وعفوية هو أحد القامات التي تمثل المملكة العربية السعودية بل والقارة الآسيوية في الفيفا، وان فهمه العميق للعبة كرة القدم ودهاليزها وعلاقاته المتشعبة مع اعلامها في كل قارات العالم كان اسمه شهادة مرور لقلوب عشاق الكرة ومسؤوليها في كل أنحاء المعمورة، فلقد وحد القارة كرويا برجاحة عقله وتفكيره السليم وحسن خلقه وتدبيره، وكان خير ممثل للمملكة في اكبر موسسة كروية في العالم بنزاهته وبشاشته وطيب خلقه، تذكرت كل هذه الصفات بالامس حين حضرت الدورة العاشرة للمرحوم عبدالله خالد الدبل، الذي ما زال اسمه حيّا في قلوب عشاق الكرة السعودية والخليجية والعربية، فرغم مرور ما يقارب العقد من الزمان على وفاته المفاجئة في خليجي 18 في ابوظبي الا ان إنجازاته وذكراه وعلاقاته ومحبة الناس لهذه الشخصية الفذة لم تنقطع، فلقد أسعدني مشاهدة هذا الكم من الجماهير التي ملأت الصالة المغلقة بنادي الاتفاق تقف اجلالا واحتراما لذكرى هذا الغائب عنا بجسده لا بروحه، وهي تصفق كلما ذكر اسمه في نهائي البطولة بالامس. لا أخفيكم سرا انني حظيت بالامس بزيارة قصيرة لمكتب المرحوم عبدالله الدبل في بيته واطلعت على الكنز الذي يخفيه المرحوم في ذلك المكتب المتواضع، مئات من الصور مع عظماء كرة القدم من إداريين ومسؤولين في الفيفا من هافيلانج الى بلاتر الى اهداءات من اعظم لاعبي العالم من بيليه الى مارادونا وزيدان وبلاتيني الى لاعبي الاتفاق والمنتخبات السعودية بالاضافة الى مئات الدروع والكؤوس والميداليات التي تشهد لهذا الرجل بالتفوق والتميز ليس على المستوى العربي او الخليجي بل العالمي، فلقد عاصر هذه الرجل اهم مراحل تطور الكرة الآسيوية ودخول الفرق العربية وعلى رأسها المنتخب السعودي المنافسات العالمية بكل فخر واعتزاز. أعرف جيدا ان شهادتي في هذا الرجل مجروحة لأنني عرفته عن قرب فلقد كان اخوانه أصدقائي منذ سنوات طويلة، وان هذه الكلمات لن تفيه حقه لانه كان اكبر من هذه الكلمات، ولكن عزائي الوحيد انه ترك اخوانا وأولادا واحفادا سيواصلون مسيرة الإبداع مع الكرة والرياضة السعودية، فها هو نجله خالد يسير على طريقه ويترأس نادي الاتفاق العظيم، فارس الدهناء، ويساعده مع مجموعة من الشباب الرائع في الصعود الصعب لدوري المحترفين، رغم صعوبة المهمة في بداية المشوار. تحية لروح عبدالله خالد الدبل الذي اجمع كل من عاصره على أنه نوعية من الناس قلما تتكرر بأفكاره وعلاقاته وتميزه ورجاحة رأيه وإصراره الدائم على أن العقلية الرياضية السعودية استطاعت مقارعة العالم منذ فترة طويلة وان بناء الأنسان هو أفضل نجاحات هذه المملكة بفضل القيادة الرشيدة التي آمنت وتؤمن بتميز الإنسان السعودي في كل المجالات.