نائب أمير جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري والأديب إبراهيم مفتاح    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (11690) نقطة    أمير جازان يستقبل المدير العام لفرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    وزير النقل يفتتح المؤتمر السعودي الدولي للخطوط الحديدية    "خيرية القطيف" تشارك "الأمل" ب"التبكيرة خيرة"    انطلق معسكر تطوير الأداء للاتحاد السعودي للهوكي في سلطنة عُمان    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ينفّذ حملة وقائية ضد الإنفلونزا الموسمية في صبيا    نائب أمير الشرقية يستقبل المشرف العام على البعثة التعليمية في البحرين ومدير عام التعليم بالمنطقة    أمير القصيم يستقبل محافظ البكيرية ورئيس جمعية تحفيظ القرآن بالهلالية    أكثر من 10 آلاف فرصة استثمارية لرواد الأعمال في "بيبان 2025"    ترتيب هدافي دوري روشن.. ثنائي النصر في القمة    حملة لتعليم الأحساء والتجمع الصحي لفحص طلاب التعليم المستمر    مفردات من قلب الجنوب 26    انطلاق الجولة الخامسة من دوري "يلو" للمحترفين.. صراع الصدارة يشتعل بين العلا والدرعية    وسام الطب القابضة تعلن عن إنشاء مستشفى متخصص في أمراض الدم والأورام بالشراكة مع مجموعة مكلارين    ضبط 37 مكتب استقدام لارتكابهم عددا من المخالفات    أفراح الشبيلي والحقيل في ليلة فاخرة جمعت النخبة بالعاصمة الرياض    الحوار من التواصل التقليدي إلى البودكاست    3 مسببات للحوادث المرورية في منطقة عسير    غدًا.. إنطلاق ملتقى "خُطى التمكين" بجازان    ديوان المظالم يحصل على شهادة الهلال الأحمر للسلامة الإسعافية    الشاشات تقلل التحصيل الدراسي لدى الأطفال    الأمم المتحدة تبدأ عملية كبرى لإزالة أنقاض غزة وفتح الطرق الرئيسة أمام الخدمات الحيوية    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب إندونيسيا    باحثون صينيون يصممون روبوتًا دقيقًا ثلاثي الأبعاد للعلاج الدقيق    مفتي روسيا يشيد بجهود المملكة على رعايتها الدائمة لمسلمي روسيا    رصد المذنب C/2025 R2 (SWAN) في سماء الحدود الشمالية    في رثاء د. عبدالله عمر نصيف    34 قتيلًا و122 جريحًا.. انتهاكات إسرائيلية لوقف النار بغزة    الأمم المتحدة تواجه صعوبات في إيصال المساعدات الغذائية    القطان يحتفل بزواج حسن    فتاة تخرج «عجوزاً» بعد ربع قرن على احتجازها    «زاتكا» تحبط 1507 محاولات تهريب    خلال الجولة الآسيوية للرئيس الأمريكي.. قمة مرتقبة بين ترمب وكيم جونغ    41 ألف شهادة منشأ جديدة    الحد الأدنى لأجر الأخصائي 7000 ريال.. بدء رفع نسب التوطين ل 4 مهن صحية    «911» يتلقى 83 ألف مكالمة في يوم واحد    اختتام منافسات الأسبوع الأول من سباقات الخيل بالرياض    «بوح الثقافي» يكرم الضامن    بيع فرخ شاهين ب119 ألفاً في ثامن ليالي مزاد الصقور    ياغي يؤكد أن تمكين ولي العهد أسهم في مسيرته العملية.. والسواحه: دعم القيادة حقق المنجزات لأبناء وبنات الوطن    كلاسيكو مرتقب يجمع ليفربول ومانشستر يونايتد    في ختام الجولة الخامسة من دوري روشن.. القادسية وضمك ضيفان على نيوم والتعاون    أمير مكة: المشروع يعكس اهتمام القيادة بتنمية المنطقة    إصابة الإعلامية نجوى إبراهيم في حادث بأميركا    إنجاز طبي ينهي أزمة زراعة الكلى عالمياً    الإعلام الحقوقي.. ضرورة وطنية مُلحّة    أرتيتا ينتقد ال VAR بعد فوز أرسنال على فولهام    غرينوود يقود مارسيليا لقمة الدوري الفرنسي    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    خطيب المسجد الحرام: الثبات على الإيمان منّة من الله    أكثر من 13 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال أسبوع    69 إجمالي الطائرات الإغاثية السعودية لغزة    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    التحالف الإسلامي يطلق المبادرة العسكرية "كفاءة" في الغابون    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الأديب إبراهيم مفتاح    د. عبدالحق عزوزي يترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معجم الغابة التويترية
نشر في اليوم يوم 10 - 03 - 2016

لكل ظاهرة معجمها اللغوي الذي لا يولد بالمصادفة بل بموجب وعي ومشاعر الكائنات البشرية التي تؤسس للظاهرة والمعجم في آن. لأن اللغة كائن بيلوجي يكبر وينمو بنمو الاستعمالات وتزايد التوليدات اللفظية. كما يتضخم بمقتضى آليات التخاطب اليومي. وهو منحى يمكن ملاحظته في غابة التوحش التويترية. التي يرتفع فيها بشكل يومي منسوب المفردات الشتائمية والاصطلاحات التبخيسية، بل تتكاثر فيها عبارات القتل والتصفية الجسدية بشكل يثير الهلع، ويدفع المخلوقات الُمسالمة إلى مغادرة هذا الفضاء الذي تحول إلى محل للتكاره الإنساني، أو سلوك دروب خالية من الوحوش المنفلتة من عقال ألسنتها. المتخلية عن إنسانيتها.
وأنت تتصفح الموقع لا بد أن يصيبك بعض شرار ذلك التشاتم المتطاير في كل مكان. وللأسف هذه المفردات التصفوية لا تصدر فقط عن المتعصبين من مشجعي المدرجات، ولا عن المتمذهبين من أنصار الفرقة الناجية، ولا من الطارئين على الثقافة والمجتمع ممن يوصفون بالسوقيين، بل باتت هي اللغة التي يتقنها ويتفنن في تفريخها ورعايتها من يصنفون أنفسهم في خانة النخب. بما في ذلك الرموز التي تشرعن اللعن بنصوص مقتطعة من سياقاتها، أو مؤّولة بمزاج وهوى شخصي. الأمر الذي أدى إلى تنامي معجم الشتم والتحقير والتأثيم، لنجد أنفسنا أمام ركام هائل من الكلمات النابية، المتأتية من ذوات مأزومة تعاني من أمراض نفسية وفكرية واجتماعية، نتيجة انخفاض منسوب الآدمية في داخلها.
حتى الموت في تويتر لم يعد له ذلك الإجلال والاحترام. فما أن يُعلن عن موت أحد حتى يبدأ التباري بين الخصوم في التمثيل بجثمان الميت وتاريخه وسمعته. حيث يُعبر عن موته بمفردة صادمة ( هلاك ). وهي كلمة تنم عن حقد بشري لا تفسير له إلا سوء طوية قائلها، وفساد نسيجه الداخلي، وتمكّن سموم الكراهية منه إلى الحد الذي يدفعه للتشنيع على مخلوق بات بين يدي خالقه. لأن الهلاك بمنظور المتلفظين بها تعني أن رمزاً من رموز الشر قد تم التخلص منه، وأنهم أدرى بنواياه وأعماله ومآله الأخروي. وهكذا تتصاعد لغة التشفّي ومفرداتها بشكل مرعب، فيما تغيب أو تتضاءل عبارات الترحّم والمغفرة. وذلك بسبب نزعة التصنيف الطاغية. وغياب بانوراما التنوع والتعدّد والاختلاف.
بمجرد أن يكتب أحد..ما ..تغريدة مخالفة لهوى وأفكار بعض المغردين ترتفع الأصوات بحماسة ( ألقمه حجراً ) وكأن معركة من معارك الإنسان الهمجي الأول على وشك الحدوث. حيث يوحي هذا النداء بمواجهة دامية ما بين كائنات بدائية تتعارك بالحجارة والعصي، ولم تتأهل بعد باللغة والفكر والرأي والتسامح. وهذه نتيجة طبيعية لانتفاء الحسّ الثقافي وتردّي الحال الحضاري عند معظم مرتادي تويتر. إذ يعتقد أغلب أولئك بأن فضاء تويتر لا يتسع إلا للمعارك، وأنه قد تم تصميمه لتفريغ شحنات الكراهية والغضب وفائض الأمراض النفسية وأوهام القوة. إذ لا يلتقي فيه إلا الأعداء الذين يفكرون في أخبث الطرق وأسوئها لطرد الآخر والإجهاز عليه.
وعندما تبدأ أي مجادلة بين اثنين لا تنقدح الأفكار وتتالى من أجل الوصول إلى مستخلصات مفهومية أو مشتركات شعورية، بقدر ما تتأسس الردود إلى حسّ التربّص والرغبة في تدمير الآخر وإحراجه، وعدم التسامح مع هفواته وزلاته. حيث يتحلّق الجمهور حول المتصارعين بانتظار اللحظة المرتقبة. أي حين يوجه أحدهم إلى الآخر لكمة كلامية موجعة. وحينها تتعالى الهتافات ( تم قصف الجبهة ). حيث يتم تناقل ذلك الفاصل من الحوار تحت هذا العنوان بفائض من الابتهاج. الأمر الذي أدى إلى ظهور فئة ممن يحلمون باكتساب لقب قاصفي الجبهات. بما يحمله هذا اللقب من حسّ العدوانية واستدعاء الأجواء الحربية.
هذه المفردات في الغالب تصدر عن متفرجين. أي عن الناس الذين لا يصنعون الأحداث. ولذلك يكتفون بإدارة المعارك الكلامية الغبية من خلال هواتفهم الذكية. والجمهور دائماً ينقسم إلى فريقين لزوم التشجيع. ولذلك ينتظر هؤلاء وصول أخبار جبهات القتال الفعلية وساحات الحروب المشتعلة في العالم العربي. وما أن يُعلن عن مقتل أي أحد من هذا الطرف أو ذاك حتى تتوالى عبارات التشفي والانتشاء (تم الدعس). وهي عبارة متداولة بين مختلف الفرقاء بكثافة ولا مبالاة ولا إنسانية. وتلك هي سيكولوجية المتفرج الذي لا يجيد إلا عدّ الأهداف والضحايا. ولا يمكن أن تخرج منه عبارة عقلانية أو مفردة مؤانسة.
في تويتر تحول المعتقد إلى شتيمة، حيث تنتعش فكرة اتهام الآخرين بمعتقداتهم. وتتفشى حالة من الانفلات في وصم الآخرين بالمروق والتطرف والرجعية والعنف والجهالة والإرهاب بمقتضى هوياتهم. لدرجة أن من يرتاد تويتر يشعر أنه في غابة بالفعل. وأن هناك من يمتلك من الاستعداد للاعتداء عليه بالعنف اللفظي بدون سبب. وأن معجم هذه الغابة بكل أبعاده الشتائمية والاتهامية والتحقيرية والاستفزازية، آخذ في الاتساع، والتضييق على أي هامش إنساني جمالي. وكأن بعض مرتاديه يريدون القول بأن هذا هو مكان للوحوش. وإن لم تكن وحشاً فلا تقترب. والأسوأ أن معجم الألفاظ النابية هذا يختزن طاقة كبيرة من العدوى. ولا تنفع معه وصية نيتشه عندما أوصى بتجنّب التحول إلى وحش عند مصارعة الوحوش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.