كشفت الخارجية الأمريكية النقاب عن «هدنة وشيكة» في سورية، يجري ترتيبها في "تفاهمات" بين واشنطنوموسكو، تؤسس ل "انتقال سياسي" يغيب عنه نظام بشار الأسد. وقال وزير الخارجية الامريكي جون كيري، في مؤتمر صحافي الأحد في العاصمة الأردنية، إن "وقف إطلاق النار في سورية بات قريباً، أكثر من أي وقت مضى". وبين الوزير الأمريكي، في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الأردني ناصر جودة، أن "تفاهمات أمريكية - روسية قادت إلى هدنة مؤقتة، ووقف مشروط للقتال في سورية"، وتوعد كيري باستهداف مختلف الأطراف التي تحاول "تهديد الهدنة"، وقال إن "وقف إطلاق النار يتطلب فهماً للواجبات من كل طرف، ومن يقرر عدم الالتزام بالهدنة سيتحول إلى هدف". وأشاد الوزير الأمريكي ب "المعارضة السورية"، وقال إنها "قوية" و"قادرة" على "مواصلة القتال"، مبدداً صحة تقارير إعلامية تحدثت عن تقهقر المعارضة ميدانياً. وأدان كيري نظام الأسد وحلفاءه، مشيراً الى أن "الأسد وحلفاءه يعتقدون أن بتحدي إرادة الأسرة الدولية ينتصرون، لكن ذلك لن يحدث". حديث كيري كشف عما يرقى إلى تفاهم بين واشنطنوموسكو بشأن "مستقبل الانتقال السياسي في سورية"، وما إذا كان الأسد سيكون شريكا في "الحل السياسي" أم لا، وزاد "القتال ضد داعش يكتمل بانتقال سياسي في سورية، من خلال حكومة لا يترأسها الرئيس السوري بشار الأسد"، معتبراً أن "نظام الأسد يرتكب جرائم حرب ضد الشعب السوري". كيري، الذي بدا متحفظاً حيال تفاصيل التفاهمات الأمريكية - الروسية بشأن سورية، ألمح إلى انتقال سياسي متدرج، يبدأ ب "حل إنساني"، يضمن تجنيب السوريين الحرب، ويقود إلى "حل سياسي"، دون وجود الأسد. التفاهمات الأمريكية - الروسية جاءت في أعقاب صراع ميداني بين حلفاء نظام الأسد على الأرض، وفق مصدر أردني رفيع، وقال المصدر، ل"اليوم"، إن "صراعاً بين حلفاء نظام الأسد أسس لتوصل واشنطنوموسكو، إلى تفاهمات حول مستقبل الصراع الدائر". ولفت المصدر، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، إلى "صراع ميداني بين المليشيات الموالية لإيران من جهة، وبين الروس من جهة أخرى، كان يعقب الطلعات الجوية الروسية. وأشار المصدر الى أن "القصف الجوي الروسي سمح للمليشيات الايرانية بالتمدد ميدانياً، والسيطرة على الأرض، فيما قيادة العمليات الميدانية في المناطق رفضت على الدوام دخول الروس إلى غرف العمليات المناطقية، وهو ما أغضب الحليف الروسي". ونبه المصدر إلى "خطورة السيطرة الفعلية للمليشيات الإيرانية على الأرض، التي ينفذ فيها الطيران الروسي سياسة الضرب العشوائي". وذكّر المصدر بتصريحات روسية، صدرت أخيراً، أبدت انزعاجها من ضعف الأسد، وعدم امتثاله للتوجيهات الروسية في الميدان، وهو ما عنت به موسكو تحديداً فقدان الأسد للقدرة على التأثير في مقابل النفوذ الإيراني. وفي المقابل، سعى كيري إلى الترويج لما أسماه ب "الحل الإنساني" في سورية، الذي يضمن "وقف استهداف المدنيين" و"ضمان وصول المعونات الدولية إلى المناطق المحاصرة". وحمّل الوزير الامريكي مسؤولية المعاناة الإنسانية، التي يتعرض لها السوريون لنظام الأسد، وقال إن "النظام السوري يتحمل مسؤولية إنسانية في النزاع القائم حالياً". حديث كيري بشأن "الحل الإنساني" أثار حفيظة نظيره الأردني ناصر جودة، الذي نفى حقيقة وإمكانية وجود "حل انساني"، وقال جودة، في معرض رده على الوزير الأمريكي، إنه "لا يوجد حل إنساني للأزمة السورية، ولكن حل سياسي، وهو ما نصبو إليه". ولم يفصح جودة ما إذا كان كيري قد طلب من الأردن فتح ممرات آمنة، سواء لإيصال المساعدات إلى السوريين، أو للسماح لسوريين - يحتشدون على الجانب السوري من الحدود الأردنية - بالعبور إلى الأردن بوصفه منطقة آمنة. التباين الأمريكي - الأردني، بشأن فكرة "الحل الإنساني"، جاء عقب "ساعات" من توقيع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على "قانون دعم التعاون الدفاعي مع الأردن"، القانون، الذي أصبح نافذاً بمجرد توقيعه، يخوّل وزير الخارجية الأمريكي الدخول في تفاهمات مع الأردن بخصوص زيادة المساعدات الاقتصادية والعسكرية الدفاعية، وبما يشمل ذلك تعزيز التعاون في مجال مكافحة الارهاب، من كافة المنظمات الإرهابية بما فيها تنظيم داعش. ويسمح القانون الجديد ب "مساعدة الأردن في حفظ أمن حدوده مع العراق وسورية"، وهما الجبهتان المفتوحتان على مختلف الاحتمالات. وعلى خط مواز، أبدى وزير الخارجية الأردني ناصر جودة حرص بلاده الدائم على إدامة الحوار مع الولاياتالمتحدة، وقال جودة إن "عمّان وواشنطن تشتركان في جهود مكافحة الإرهاب، وهي حرب كونية بأساليب أخرى، وتتطلب جهداً عالمياً للقضاء عليها"، ولفت جودة الى أن مباحثاته مع كيري تناولت الملف السوري، إلى جانب "ملف عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية".