تحذيرات من استخدام الذكاء الاصطناعي في كشف الكذب    المتشددون يطالبون باقتحام رفح.. وذوو الأسرى: أعيدوا أبناءنا أو نحرق إسرائيل    مناورات نووية روسية رداً على «تهديدات» غربية    بالهاتريك السادس.. رونالدو يطرق أبواب التاريخ في الدوري السعودي    وصافة الخلود في اختبار هجر.. الفيصلي للتعويض بجدة    المسافر راح.. وانطفى ضي الحروف    "البحر الأحمر السينمائي" مشاركًا في "أفلام السعودية"    «سعود الطبية» تقلص فترات علاج زراعات الأسنان    اجتماع سعودي-بريطاني يبحث "دور الدبلوماسية الإنسانية في تقديم المساعدات"    بايدن يحذّر نتانياهو مجددا من أي اجتياح لرفح    سعود بن بندر يرعى حفل تخرج كلية المجتمع بالدمام    رؤية 2030.. والاقتصاد السعودي    الشورى: سلامة البيانات الشخصية تتطلب إجراءات صارمة    النائب العام يلتقي عدداً من قيادات السلطات القضائية والدستورية في البحرين    "آل هادي" إلى رتبة "لواء" ب"الشؤون القانونية للجوازات"    انخفاض أرباح شركات التكرير الأميركية مع اضطرابات المصافي الروسية    القيادة تعزي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان في وفاة ابنه    اتحاد تسع جهات حكومية لحماية طلاب مكة سلوكياً وفكرياً    «مهرجان الحريد».. فرحة أهالي فرسان    لاعب النصر على رادار بلباو    23 يونيو موعدا لإيقاف Google Podcasts    تطوير للطرق والمحاور بالخبر    أوامر الاحتلال بإخلاء رفح تؤكد قرب الغزو البري    انطلاق تمرين «الغضب العارم 24» بين القوات المسلحة السعودية ومشاة البحرية الأمريكية    القبض على مقيم بمكة المكرمة لترويجه مادة الميثامفيتامين المخدر    أمير منطقة تبوك يستقبل أمين مجلس منطقة جازان ويشيد بدور المرأة في دفع عجلة التنمية    السعودية تحذر من مخاطر استهداف الاحتلال لرفح وتهجير سكان غزة    100 ميدالية بالأولمبياد الخاص    برنامج "مساعد طبيب أسنان" منتهٍ بالتوظيف    7 غيابات في كلاسيكو الأهلي والهلال    أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال68 لطلاب جامعة الإمام.. غداً    أمير الجوف يعزي في وفاة معرّف أهالي قرية إثرة بمحافظة القريات    سمو محافظ الخرج يكرم متدربي كلية التقنية بالمحافظه لحصولهم على جائزة المركز الأول في مسابقة الروبوت والذكاء الاصطناعي    "البيئة": 54 بحثًا للابتكار وتنمية المجتمعات الريفية    تقديم الاختبارات النهائية بمدارس مكة    نائب وزير الخارجية يستقبل وزير الدولة البريطاني للتنمية وأفريقيا    خطط وبرامج لتطوير المساجد في الشرقية    إعلان نتائج أرامكو غدا.. ترقب من سوق الأسهم وتوصيات المحللين    مخبأة في حاوية بطاطس.. إحباط تهريب أكثر من 27 كيلوغراماً من الكوكايين بميناء جدة الإسلامي    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    وحدة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لهيئة "الأمر بالمعروف" تنفذ لقاءً علمياً    هيئة فنون العمارة تحتفي ب"يوم التصميم العالمي" بالخبر    تقديم الإختبارات النهائية للفصل الدراسي الثالث بمنطقة مكة المكرمة.    مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُنظم مؤتمرًا دوليًا في كوريا الجنوبية حول "تحديات وآفاق تعليم اللغة العربية وآدابها"    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    550 نباتاً تخلق بيئة نموذجية ب"محمية الملك"    "المرويّة العربية".. مؤتمر يُعيد حضارة العرب للواجهة    أمطار ورياح مثيرة للأتربة على عدد من المناطق    السعودية.. الجُرأة السياسية    اللذيذ: سددنا ديون الأندية ودعمناها بالنجوم    سمو ولي العهد يهنئ ملك مملكة هولندا بذكرى يوم التحرير في بلاده    المجرشي يودع حياة العزوبية    تدخل عاجل ينقذ حياة سيدة تعرضت لحادث مروري    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    فيصل بن مشعل: يشيد بالمنجزات الطبية في القصيم    الدور الحضاري    افتتح المؤتمر الدولي.. الراجحي: المملكة عززت منظومة السلامة والصحة المهنية    إستشارية: الساعة البيولوجية تتعطَّل بعد الولادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمام المسجد الحرام : يجب على المسلم أن يزن الأمور بميزان العدل والإنصاف
نشر في اليوم يوم 25 - 12 - 2015

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور خالد الغامدي، المسلمين بتقوى الله عزوجل في السر والعلن.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام اليوم : إن استطعتم أن تلقوا ربكم وأنتم خفيفة ظهوركم من دماء الناس، خميصةٌ بطونُكم من أموالهم، كافةٌ ألسنتكم عن أعراضهم ملازمون لأمر جماعتكم فافعلوا، فو الله الذي لا إله غيره إن ذلك لهو الفوز العظيم، (( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ )).
وأضاف يقول : إنه دخل المسور بن مخرمة، وافداً على أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان، فقضى له حاجته ثم خلا به، فقال له : ما فعل طعنك على الأئمة يا مِسور ؟ فقال : دعنا من هذا وأحسن، قال : لا والله لتكلمنّي بالذي تعيب علي يا مسور، فقال : فلم أترك شيئاً أعيبه عليه إلا ذكرته، فقال معاوية: لا أبرأ من الذنب، فهل تعدُّ لنا يا مسور ما نلي من الإصلاح في أمر العامة فإن الحسنة بعشر أمثالها ؟ أم تعد الذنوب وتترك الإحسان ؟ فقال مسور: ما نذكر إلا الذنوب، فقال معاوية : فو الله لما ألي من الإصلاح بين الناس وإقامة الحدود والجهاد في سبيل الله والأمور العظام أكثر مما تلي ، وإني لعلى دينٍ يقبل الله فيه الحسنات ويعفو عن السيئات، فما يجعلك أحقَّ برجاء المغفرة مني ؟ فقال المسور : ففكرت فيما قال فوجدته قد خصمني، فكان المسور بعد ذلك لا يذكر معاوية إلا بخير ويدعو له.
وبيّن فضيلته أن الإنصاف حلية الشريعة، وزينة الملة، وركيزة الإصلاح، أمر الله تعالى به النبي وأمته في الأقوال والأفعال والحكم بين الناس، (( وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ))، (( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ))، (( وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ ))، وربى النبي صحابته على العدل والإنصاف فجاءت الأحداث تسطر أروع النماذج كما في تلك المحاورة الراقية بين الصحابيين الجليلين معاوية والمسور رضي الله عنهما، وقد مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشيخ كبير من أهل الذمة، وهو يتكفف الناس فوقف عليه وقال مقولته الشهيرة: "ما أنصفناك إن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في شيبتك "، ثم أمر له برزق دائم.
وأكد الشيخ الغامدي أن هذا العدل والإنصاف هو الذي جعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما سعى في فكاك أسرى المسلمين عند التتار وعلم أنهم لن يطلقوا معهم أسرى أهل الذمة أصر على إطلاق الأسرى كلهم، وقال: " بل جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمتنا فإنا نفكهم ولا ندع أسير لا من أهل الملة ولا من أهل الذمة" وخاطب أمة الإسلام: بالقول الإنصاف خلق الأنبياء والنبلاء وقاعدة العلاقات والتعاملات، وواسطة عقد السعادة والفلاح وصلاح الأحوال، وما يتحلى به أحد إلا دل ذلك على سلامة صدره وطهارة قلبه، وجودة عقله، وإذا ضيعت الأمة الإنصاف فلا تسل عن فشوا الأنانية والأثرة والإجحاف، وبخس الناس أشياءهم، فتفتر هممهم عن تحقيق الأمانة والجودة في الأعمال والمنجزات، ويذوق المجتهد والناجح والمخلص مرارة الجحود والنكران، وإخفاء المحاسن وإبراز المصائب والمساوئ، مما يضعف في المجتمع روح الجد والعمل المثمر البناء المبتكر.
وقال فضيلته : إن الإنصاف ثمرة العدل ورونقه وبهاؤه، ولا يمكن أن يستفيد العبد من علمه بالحق حتى يقيم العدل والإنصاف، قال تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ ))، ولذلك كان الواجب على العبد أن يزن الأمور بميزان العدل والإنصاف حتى يحيا حياة كريمةً هانئةً فإن لربه عليه حقاً، ولوالديه عليه حقاً، ولأهله عليه حقاً، ولإخوانه عليه حقاً، والإنصاف أن يعطي كل ذي حق حقه، وإن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا.
وأضاف يقول : إننا في زمن أحوج ما نكون فيه إلى فهم حقيقة الإنصاف والتأدب بآدابه، فليس من الإنصاف في شيء أن يعامل به قوم لمحبة أو قرابة، ويتخلى عنه في معاملة قوم آخرين، وليس من الإنصاف أن تسوء العلاقات الأسرية والاجتماعية بمجرد زلة أو هفوة، بل الواجب أن تلتمس الأعذار، ويغلب جانب المحاسن الكثيرة، ويقبل العفو من أخلاق الناس، قال تعالى (( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ))، وما أعظم قول النبي صلى الله عليه وسلم في تأسيس هذه القاعدة التي هي أهم قواعد الإنصاف حيث قال: " لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة - يعني لا يبغض ولا يكره - إن سخط منها خلقاً رضي منها آخر " رواه مسلم وغيره، وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: " ليس من شريف ولا عالم ولا ذي سلطان إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تُذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه وُهب نقصُه لفضله"، إن هذه النظرة المتوازية الحكيمة يجب تطبيقها في التعامل مع الناس، ومع المخالفين كذلك، فيعاملون جميعاً بهذا الميزان النبوي الذي يحفظ حقوقهم ومحاسنهم، مع الإصلاح والتقويم وإن من أبهى صور الإنصاف: ألا تفسد العلاقة بالمسلمين بسبب اختلاف وجهات النظر، فهو لا يفسد الود والمحبة عند التجرد والإنصاف، ولا تأخذهم بلازم قولهم فهو ليس بلازم لهم، وتحسن الظن بهم، وتضع أمرهم على أحسنه ما لم يأتك ما يغلب ذلك، وإياك أن تظن شراً بكلمة خرجت من أخيك المسلم وأنت تجد له في الخير محملاً ومخرجاً.
وبيّن إمام وخطيب المسجد الحرام أن مما يخدش الإنصاف ويخرمه أن يتورط المرء في نشر أخطاء وزلات مسلم ظاهر السلامة والعدالة، ويكتم حسناته ومحاسنه، ولعله قد حط رحله في الجنة والقادح لا يشعر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن حاطب : لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" ، والمنصف إذا انتقد فإنه ينقد الأقوال لا القائلين، فيكون نقده للرأي والفعل هادفاً بناءً بنية طيبة وأدب حسن لا يقصد الإسقاط والتجريح والتوبيخ والدخول في النيات والمقاصد.
وأضاف فضيلته : إن من أجل عرى الأنصاف التثبت والتأني في تصديق الأخبار وبناء الأحكام عليها، وما ثبت لمسلم من العدالة والفضائل فلا تنفى عنه ولا تزال إلا بيقين مثله أو أقوى منه، لا بالظنون والشكوك، وزعموا، وقالوا، فبئس مطية الرجل زعموا، (( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْم ))، داعياً المسلمين إلى أخذ الناس بظواهرهم وترك سرائرهم إلى ربهم، وقبول الحق من الحبيب والبغيض والاعتراف بالخطأ، وكلام الأقران بعضهم في بعض يطوى ولا يروي ولا يشاع، ومراعاة اختلاف علماء مذاهب المسلمين المتبوعة واجتهاداتهم السائغة والإعذار لهم وعدم التشنيع والذم، والسعي في جمع الكلمة على ولاة الأمور ونبذ الفرقة والاختلاف المذموم، كل ذلك من أهم الأسس التي يُبنى عليها الإنصاف والعدل والتي تشيع الأمن والاستقرار في المجتمعات وتبعث الطمأنينة وتهيئ النفوس والعقول للإنتاج والعمل والمثمر البناء.
وبيّن أن الإنصاف فطرة ربانية سوية وقيمة خلقية نبوية من أخذ بها وتحلى سعد وفاز وعلا وارتفع وترقى، والله يحب المقسطين، ومن خالف ذلك واتبع منهج المطففين الذين يأخذون الذي لهم وافراً، ويُخسرون وينقصون في حقوق غيرهم وفي الذي عليهم فما أبعده من منهج وما أجدرهم بقول الله تعالى : (( وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ )).
وأردف فضيلته يقول : الإنصاف عزيز وكل الناس محتاج إليه، وهو شاقٌ على نفوس كثير من الناس الذين تلبسوا آفات قلبية وسلوكية منعتهم من التجرد لله والتحلي بحلية الإنصاف العظيمة ذلك أن كثيراً من الناس يحملهم هوى النفوس، والغضب والغيرة والحسد والكبر على عدم الإنصاف والتمادي في الإجحاف وغمط الحق وازدراء الناس وبخسهم محاسنهم وكتمها، وتمني زوال النعمة عن إخوانهم (( حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم ))، وإن عين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين مسخط تبدي المساوئ، ومن أكثر ما يمنع العبد من أن يكون منصفاً عادلاً التعصب المقيت لغير الحق، والتحزب لغير الله ورسوله والاستبداد بالرأي.
وأكد الشيخ خالد الغامدي أن الغلو والتطرف لا يمنع المرء من الإنصاف فحسب؛ بل يحمله على سفك دماء المسلمين وتكفيرهم وتفسيقهم بغير حق، واستحلال دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ولذلك كانت الخوارج كلاب النار كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم من أشد الفرق ظلماً وعدواناً وبعداً عن العدل والإنصاف.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
في المدينة المنورة، تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ عبدالمحسن القاسم، في خطبة الجمعة اليوم، عن فضل وصفات كلام الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم.
وقال فضيلته : من صفاته عز وجل الكلام، يتكلم متى شاء وبما شاء، وإذا شاء، ولا منتهى لكلماته سبحانه، كلامه أحسن الكلام، وفضل كلامه على كلام الخلق كفضل الخالق على المخلوق.
وأوضح فضيلته أن من حكمة الله عز وجل بعباده أن بعث فيهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، فأنزل التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى وختمها بالقرآن الكريم، أعظمها فضلا، وأشرفها قدراً، حمد نفسه سبحانه على إنزاله للقرآن فقال (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ) وعظم ذاته العليا بإنزاله فقال سبحانه (( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ))، وأقسم به سبحانه فقال (( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ))، أنزل مصدقاً لما بين يديه من الكتب، وناسخاً لها، ومؤتمنًا على ما كان فيها، بشر به الأنبياء قبل نزوله (( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ )).
وأضاف الشيخ عبدالمحسن القاسم يقول إن القرآن الكريم كلام رب العالمين، تكلم به حقيقة، بحرف وصوت مسموعين، منه بدأ وإليه يعود في آخر الزمان، سمعه جبريل عليه السلام خير الملائكة من الله عز وجل، ونزل به على خير الرسل في أشرف البقاع، وفي خير شهر، وفي خير الليالي ليلة القدر، لخير أمة، وبأفضل لغة، وأجمعها كتاباً لا يعدله كتاب، قال تعالى (( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى? عَلَيْهِمْ )).
وأشار فضيلته إلى أن الله سبحانه وتعالى قد امتن على هذه الأمة فقال (( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ))، فهو شرف للنبي صلى الله عليه وسلم له ولأمته، وإذا ابتعد المرء عنه كان حي بل حياة لو أنزله الله سبحانه وتعالى على جبلا لخشع وتصدع ذل لله سبحانه وطاعة.
وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي، أن القرآن الكريم في السماء في صحف مكرمة، مرفوعة مطهرة، بأيدي الملائكة، حفظه الله قبل إنزاله، وصانه من الشياطين وقت نزوله، وتكفل بحفظه عز وجل بعد نزوله، وقدمه سبحانه في الذكر على كثير من نعمه، وعلمه عباده، ويسر لهم تلاوة وعملاً وحفظاً، يحفظه العربي والأعجمي والصغير والكبير والذكر والأنثى والغني والفقير.
وقال فضيلته إن القرآن الكريم هو أحسن وأفضل الحديث (( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ))، وصفه الله عز وجل بالعظمة، وكتب الله له العلو في ذاته وقدره، ومن دنا منه ناله العز، وفي لفظه ومعناه بيان، ومنه الحكمة، كريماً عند الله، وبه يكرم العبد ويعظم عند الله سبحانه وخلقه، قال تعالى (( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ )).
وأفاد فضيلة الشيخ القاسم أنه لا يصح إيمان العبد حتى يؤمن بالقرآن الكريم جملة وتفصيلاً ، ففيه هداية الخلق ومع الهداية فيه الرحمة، وهو عصمة من الضلال لمن تمسك به، كثير الخير والمنافع ووجوه البركة، فيه نورًا في الحياة وبها تحيا الأرواح فهو الحياة لمن استجاب له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.