سيمر علينا في هذا الشهر يوم مهم لنا جميعا، وقد كتبت عنه من قبل، وسوف أظل أكتب عنه مرة تلو أخرى، لأنه يوم عالمي للغة العربية. وكم أحب لغتي العربية وافتخر بها، وكم اتمنى أن تحبني هي أيضا!!. ولذلك سوف اكتب عنها وسأظل اكتب لها لأنها لغة قرآننا وديننا، ولأنها تعبر عن أفكارنا وخواطرنا، فأنتم تقرؤون لي الآن عن طريق اللغة المكتوبة، وإلا كيف كنت سأصل إليكم بدونها؟ واسمحوا لي أن أطرح عليكم بعضا من النقاط لعلها تثير التساؤلات لديكم، وفي نفس الوقت تشعل الحماسة في نفوسنا للغتنا الأم العزيزة. أولا: وددت أن يكون الاحتفال باللغة العربية بالشهر الهجري بدلا من يوم 18 من شهر ديسمبر الميلادي من كل سنة، وذلك حتى يكون لنا شهر هجري يميزنا عن الآخرين كما تميزنا بلغتنا. انني لست ضد استخدام التاريخ الميلادي، فله فوائد ومميزات، ولكن حتى التواريخ الأخرى لها أيضا فوائد ومميزات. ولذلك حين نحتفل باللغة العربية في شهر ميلادي فذلك يبدو لي من وجهة نظري المتواضعة متناقضا وغريبا. ومن هنا اقترح أن نختار شهرا هجريا نحتفل به من كل سنة في العالم العربي والإسلامي، فلعلها تجمعنا أشياء حين تفرقنا وللأسف أشياء أخرى. وحتى لو اختلف البعض في تحديد يوم معين، فلا ضير في ذلك لأنه خير لنا أن يجمعنا اختيار شهر ولا يفرقنا تحديد يوم! إضافة إلى ذلك فإن هناك أياما عالمية يحتفل بها في أوقات مختلفة من السنة لدى عدة دول في العالم مثل اليوم العالمي للأم. ثانيا: لابد أن نعلم أن اللغة ليست مجرد حروف وكلمات خاوية وجوفاء، بل هي تمثل من نحن ومن نكون. وهي ارتباط وثيق بديننا، ويكفيها فخرا أنها لغة القرآن الكريم. وهي من ضمن أكثر اللغات انتشارا بالعالم. ويتحدث بها أكثر من 400 مليون عربي إضافة إلى الكثير من المسلمين حول العالم. وهي إحدى اللغات الست الرسمية في منظمة الأممالمتحدة. ثالثا: هي إرث تاريخي ضارب جذوره في الزمن، وهي امتداد أجيال متعاقبة عبر عصور البشرية. وهناك اختلاف حول من هو أول من تكلم بها فقيل آدم، وقيل هود عليهما السلام. وبعض من المصادر التاريخية تذكر أن أول من تكلم بها بفصيح مبين هو إسماعيل عليه السلام، وكان عمره حينئذ ما بين العاشرة والرابعة عشرة – والله أعلم -. رابعا: هل اللغة العربية لغة أهل الجنة؟! أتمنى أن تكون هي لغة أهل الجنة لحبنا للغتنا، وقد جاء في الحديث الحسن لغيره "وكلام أهل الجنة عربي". والمسألة فيها خلاف واسع وستجدون أكثر من رأي وقول، ولكن الأهم والأجمل وهي أمنية الأماني أن نكون من أهل الجنة، بأي لغة كانت!، جمعنا الله وإياكم فيها، قولوا آمين. خامسا: لها تأثير واسع على عدة لغات، وبحسب موقع ويكيبيديا، فهي مصدر رئيس في مفردات عدة لغات حول العالم تصل إلى 17 لغة. وجاء استخدامها في الإنترنت (في الربع الثاني من عام 2015) في المركز الرابع من بين لغات العالم. سادسا: من الطبيعي أن كل قوم يفتخرون ويعتزون بلغتهم، ولذلك علينا أن نحيي التخاطب بها في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة لنتزين بها تعلما وتعليما. ومما ذكر أن أبا الريحان البيروني قال: لأن أُشتم بالعربية خير من أُن أمدح بالفارسية!!. أضف إلى ذلك أن عز اللغة هو عز لنا، وقد قال مصطفى صادق الرافعي: "ما ذلت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار". ولعلي أختم بعتابها لنا على لسان (شاعر النيل) حافظ إبراهيم حين قال: أيهجرني قومي عفا الله عنهم إلى لغة لم تتصل برواة