المثل العربي (عند الامتحان يكرم المرء أو يهان) اعتدنا أن نستخدمه مع بدء الامتحانات التعليمية لنذكر الطلاب بأن نتائجهم ما هي إلا ثمرة جهودهم فإما أن يكرموا أو يهانوا بجهدهم أو تقصيرهم. وننسى دائما أن هذا ينطبق أيضا على المعلمين والمعلمات على اختلاف مستويات عملهم بدءا من الابتدائي وانتهاء بالدراسات العليا للماجستير والدكتوراه. فما يقدمه الطلاب إما أن ينشرح له الخاطر أو يتكدر. ولكنه كدر مميز، كدر ينطبق عليه أيضا المثل القائل (شر البلية ما يضحك) وفي الأيام الماضية حظي كثير منا بمثل ذلك وسأخبركم بما أبكاني لدرجة الضحك، ففي مادة الشعر العباسي صدمت بإجابات غريبة ذكرتني بمصطلح (ما بيجمعش) وبإجابات أخرى تشبه (السواليف). كان هناك سؤال عن تطور الهجاء في العصر العباسي فجاءت هذه الإجابة: (تطور الهجاء إلى أن وصل إلى المديح العذري)، تركيب غريب للمفردات والمعاني جاء من فكر مشوش لطالبة بالتأكيد أنها لا تدرس أو لا تعرف كيف تتعامل مع ما تقرأ. حقيقة هي إجابة مخيفة جدا بل مروعة حيث توحي بأن طالبة ما في المستوى الخامس لا تعرف ما هو الهجاء وما هو المديح وما هو الغزل العذري!! هم دائما يبحثون عما يريدون في الخارج ولا يبحثون عنه في أنفسهم وهذا ما يجب أن يطرحه على نفسه كل طلاب العلم بعد الثانوية ماذا أريد حقا؟ إذا غاب السؤال وهو غائب عن الاغلبية بدأ التخبط وخلقت ألف مشكلة ومشكلة وأخرى لا تفرق بين الهجاء والرثاء فتقول: (هجاء الآباء والأجداد وذكر محاسنهم) ناهيك طبعا عن مستوى طالبات السنة التحضيرية. كل هذا وغيره له مؤشرات خطيرة لا يستهان بها وقد أشرت وغيري إليها عدة مرات ومنها: أن التعليم الجامعي لا يجب أن يكون حقا مكتسبا للجميع. وأعجب من فتاة ترى ذلك في نفسها وتستمر رغم أنه لا رابط بينها وبين هذا التخصص أو غيره. ولكن المشكلة عندها وعند المجتمع هي أين تذهب؟ لذا فالجامعة أسهل الطرق على الأقل ستشغل نفسها أربع أو ثماني سنوات.. وهم دائما يبحثون عما يريدون في الخارج ولا يبحثون عنه في أنفسهم وهذا ما يجب أن يطرحه على نفسه كل طلاب العلم بعد الثانوية: ماذا أريد حقا؟ إذا غاب السؤال، وهو غائب عند الاغلبية، بدأ التخبط وخلقت ألف مشكلة ومشكلة للفرد وأسرته ومجتمعه، والثانية أنهم حتى لو كان لديهم الامكانية للتعلم إلا أنهم لا يبذلون الجهد المناسب لذلك فكثير من الإجابات تشير إلى أشخاص تعاملوا مع المادة العلمية بسطحية عجيبة. لا يقرأون ولا يستوعبون ولا يلخصون لأنهم لا يسيطرون على الملهيات من حولهم «التلفزيون والبلاك بيري والنت والسوالف» فاليوم يمضي بهم دون أية نتائج. غفلة وضياع مروع كأنهم لا يحسنون شيئا سوى الأكل والشرب والتحدث العام (سوالف)، وفي النهاية نبدأ بسماع العبارة المعتادة مع الامتحانات (ساعدونا) كيف يساعدك أحدهم إن لم تساعد نفسك. خلاصة الأمر أننا نعيش كارثة تعليمية، علينا أن نعالجها بشكل سريع والوقاية من استمرارها مع أجيال قادمة. وللحديث بقية.