محافظ القطيف يرعى انطلاق فعالية «منتجون» للأسر المنتجة    100 ألف وظيفة تستحدثها بوابة الاستثمار في المدن    152 رحلة عبر تطبيقات نقل الركاب في كل دقيقة    صندوق الفعاليات الاستثماري يعزز قطاعات الرياضة والثقافة والسياحة والترفيه في المملكة    المرور يستعرض أحدث التقنيات في إدارة الحركة المرورية بمؤتمر ومعرض الحج    كمبوديا وتايلاند تتبادلان الاتهامات بالتسبب بمواجهات حدودية جديدة    المملكة تشارك في وزاري «G7»    كريستيانو رونالدو: المونديال القادم هو الأخير لي    رئيس برشلونة ينفي تقارير عودة ميسي    الرياض تحتفي بانطلاق البطولة العربية للجولف للرجال والرواد    خادم الحرمين يدعو لإقامة صلاة الاستسقاء.. اليوم    «أفواج جازان» تقبض على مخالفَيْن لنظام أمن الحدود    ستة معايير سعودية تقود عملية تطوير مؤسسات التعليم العالي عربيًا    ذاكرة الحرمين    الشلهوب: الرسائل المؤثرة.. لغة وزارة الداخلية التي تصل إلى وجدان العالم    وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية    الصادرات السعودية في معرض جاكرتا    نوّه بدعم القيادة لتمكين الاستثمارات.. أمير الشرقية يدشن أكبر مصنع لأغشية تحلية المياه    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    في دور ال 32 لكأس العالم للناشئين.. مواجهات صعبة للمنتخبات العربية    في الميركاتو الشتوي المقبل.. الأهلي يخطط لضم الألماني«ساني»    تصفيات مونديال 2026.. فرنسا وإسبانيا والبرتغال لحسم التأهل.. ومهمة صعبة لإيطاليا    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    وسط جدل سياسي واسع.. الرئيس الإسرائيلي يرفض العفو عن نتنياهو    يجتاز اختبار القيادة النظري بعد 75 محاولة    شهدت تفاعلاً واسعاً منذ إطلاقها.. البلديات: 13 ألف مسجل في مبادرة «الراصد المعتمد»    النويحل يحتفل بزواج عمر    أوروبا وكندا تدعوان لتنفيذ اتفاق غزة    تعزز مكانة السعودية في الإبداع والابتكار.. إطلاق أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    «مغن ذكي» يتصدر مبيعات موسيقى الكانتري    160 ألف زائر للمعرض.. الربيعة: تعاقدات لمليون حاج قبل ستة أشهر من الموسم    الوكالة الذرية تفقد القدرة على التحقق من مخزون اليورانيوم الحساس    تجربة الأسلحة النووية مرة أخرى    نفذتها "أشرقت" بمؤتمر الحج.. وكيل وزارة الحج يدشن مبادرة تمكين العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    الشرع: سورية اصبحت حليف جيوسياسي لواشنطن    القيادة تعزي الرئيس التركي    فرحة الإنجاز التي لا تخبو    البديوي: اعتماد المرحلة الأولى لنظام «النقطة الواحدة» بين دول الخليج    تعزيز التعاون الإعلامي بين كدانة وهيئة الصحفيين بمكة    فيصل بن فرحان ووزيرة خارجية كندا يستعرضان العلاقات وسبل تعزيزها    أمير جازان يشهد انطلاق أعمال ورشة الخطة التنفيذية لمنظومة الصحة 2026    "تنظيم الإعلام" تقدم مبادرة "التصريح الإعلامي المبكر" ضمن مشاركتها في مؤتمر ومعرض الحج    أمير تبوك يطلع على تقرير مؤشرات الأداء لمدارس الملك عبدالعزيز النموذجية بالمنطقة    جلسة حوارية حول "الاتصال الثقافي بين السعودية والصين" في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود    وزيرا الثقافة والتعليم يدشنان أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    خادم الحرمين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء بجميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    وزير الصحة السعودي: الاستطاعة الصحية شرط الحصول على تأشيرة الحج    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    «محمية الإمام» تطلق تجربة المنطاد    المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً    القيادة تعزي رئيسة سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    دراسة: فيروس شائع يحفز سرطان الجلد مباشرة    بدء التسجيل لجائزة سلامة المرضى    أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    المملكة تدعم جهود إرساء السلام في العالم    أمير المدينة يتفقد محافظة المهد    علاج جيني واحد يخفض الكوليسترول    أقراص تطيل العمر 150 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باحث لبناني في الإرهاب: «داعش» ثأر روسي ضد الأمريكان وابن أمريكا سياسياً
لإيران وأمريكا المصلحة الأولى في كسر قداسة مبدأ المقاومة
نشر في اليوم يوم 31 - 10 - 2014

يجزم الباحث المتخصص في شؤون الارهاب والتطرف واستاذ الحقوق في الجامعة اللبنانية والجامعة اللبنانية الفرنسية، ومؤلف كتاب "داعش" الدكتور مازن شندب ان "داعش" "هو ثأر روسي ضد الأمريكان"، معتبراً ان "داعش" "هو تنظيم روسي في البعد الاستراتيجي، ولا يناقض ذلك ان تكون الاستخبارات الامريكية قد علمت ب"داعش" وتركته، واشار الى ان "الفرق بين "داعش" و"الاخوان" هو ان "داعش" يرفض الديموقراطية ويريد ان يقيم نهجاً خاصاً به.واكد في حوار مع "اليوم" أنه"ليس هناك استراتيجية دولية ولا عربية لمكافحة الارهاب"، مبدياً خشيته من "جيل إرثي جديد ل"داعش" يحرق الاخضر واليابس، مشدداً على ان "داعش" "هو ابن أمريكا سياسياً ونجل روسيا استراتيجياً".
ورأى ان "ايران وأمريكا لهما المصلحة الاولى في كسر قداسة مبدأ المقاومة، وغياب المشروع العربي الحقيقي ساهم سلبا ايضا لان كل دولة او مربع دول اضحى يعيش هاجس الامن القومي الضيق".
وقال شندب: " ان "تاريخ السنة والشيعة في لبنان هو التكامل وليس التوازن، اليوم الذي يحكم هو التوازن الزاحف بسرعة الذبح لا البرق، لا يمكن ان يستمر لبنان هكذا.
"داعش" والارهاب
 قلتم إن "داعش" أضحى علامة فارقة، عنفه وضع بنيانا آخر للارهاب. أكثر هولا ورعبا، الى ماذا اعتمدت في تقييم قوة وحضور وتأثير هذا التنظيم؟.
اعتقد ان هذا السؤال هو السؤال الاهم، عندما تطرح اسئلة وتساؤلات حول "داعش"، فأي اجابة عن اي سؤال يتناول "داعش" قد تكون موضوع أخذ ورد، لكن ان تتحدث عن "بنيان الارهاب عند داعش"، كما توسعت وشرحت في كتابي، فهنا تبلغ مخاطر الارهاب ذروتها، لانك هنا تتحدث عن حقيقة حصلت بل قل عن حقائق حصلت، فيبدو ان "داعش" قام بقراءة سردية لكل اشكال "العنف الارهابي" التي حصلت عبر التاريخ البشري، وقرر المزايدة في هذا الشأن، وانا لست في هذا الشأن مع النظرية التي تقول: إن هناك الكثيرين وقبل قرون قد مارسوا ارهاباً مثل الذي مارسه "داعش" واكثر، فالمسألة هنا لا يمكن ان تقاس بماهية الفعل او بتصويره كمشهد، بقدر ما تقاس بالعمق الحضاري أو التوسع المفاهيمي للحضارة واحترام الانسان ونحن في القرن الحادي والعشرين. صحيح ان افعال الذبح قد حصلت منذ قرون غابرة في التاريخ، لكن أن تستحضر التاريخ لتمارس نفس الفعل بهدف صدم البشرية وزرع بذور التشكيك في كل الحالات التي اعطيت للانسان، فتلك هي المسألة، ومن هنا انطلق علماء النفس عند "داعش"، لقد قرر هؤلاء نسف قيم ظنت البشرية انها باتت مسلمات، واذ بالشك البشري يصاب بالذبح.
هجمات 11 سبتمبر اقتصرت الصدمة فيها على الامريكيين، وتفجير سيارات مفخخة اقتصرت الصدمة فيها على ابناء الحي المفجوع، وحتى الابادة كجريمة لا يمكن ان تهز اكثر من المعنيين بها سياسياً وانسانياً بالمعنى التضامني مع قضية، لكن ان تذبح "آدميا"، فأنت ذبحت الحضارات ووحدتها ضد فعل الذبح، وهذا ما اراد "داعش" ان ينجزه وقد فعل، فالتوحد الكوني ضده هو هدف استراتيجي، القصد منه مصادرة الاسلام السياسي اعلامياً وسياسياً، والقصد منه الزحف بسلاح الرعب على كل الاهداف التي يريد، وهذا هو منطق الارهاب.
"القاعدة" والتطرف
 علاقة "داعش" بتنظيم القاعدة، هل هو ولادة من ذات الرحم، وعملية تقاسم أدوار كما اشرتم، ام انه مشابه له ومختلف عنه؟
"داعش" "الفكرة السياسية" لم يولد مع ابي بكر البغدادي وانما ولد مع زعيم القاعدة في العراق ابي مصعب الزرقاوي، وأعتقد ان الانفصال عن "القاعدة" وان ترسخ مع زعيم "داعش"، الا ان بوادره انطلقت مع الزرقاوي، الذي كان يجد نفسه أهم من ابن لادن والظواهري، غير ان الانقلاب الكبير الناتج عن صفقة سياسية كبرى قد ظهر بشكل جلي مع داعش. طبعا "داعش" و"القاعدة" ينتهجان السلفية الجهادية، لكن البعد السياسي جعلنا نرى ان الشرخ كبير بين التنظيمين. وعلى اية حال، فالبرنامج السياسي الكبير للقاعدة لم يعد نفسه بالنسبة ل"داعش".
 اين تكمن جذور التطرف والارهاب، خصوصاً واذا ما تتبعنا تاريخياً وجدنا غالبية هذه التنظيمات استغلت الدين لصالح علاقاتها ومصالحها المشبوهة؟
* علينا ان نبدأ لنكون موضوعيين في الحكم، فالمتطرف هو الذي يغالي في الاعتناق فيرفض معتنق الآخر ويكفره، وهذا سببه تفسيره الاحادي لمبادئ المعتنق دون وجه حق او حقيقة يساعده في ذلك بعض الغموض او الالتباس. اذن التطرف غير مرتبط بأسباب سياسية او اقتصادية او اجتماعية وهي الاسباب التي تشكل الحقل الذي ينبت فيه الارهاب. من هنا نفهم ان "داعش" قرر ان يكون تنظيما متطرفا وقرر امرا آخر وهو ان يكون ارهابيا، غير ان الذين مشوا في مسيرته عسكرياً وسياسياً ليس بالضرورة ان يكونوا متطرفين، لكن اسباب وعوامل الارهاب قادتهم الى احضانه. فالسنة العراقيون مثلا ممن انضموا الى داعش ليس لانهم متطرفون، وانما لان السياسات الخطأ الكيدية حينا والثأرية احيانا والالغائية احيانا اخرى المتبعة من النسق السياسي الجديد في العراق هي الحامل على فعل ذلك.
 كيف تربط مثلا بين صعود الاسلاميين في الثمانينيات (حزب الله، حماس، الثورة الايرانية، طالبان) وبين سياسة الستار الديني التي عملت عليها واشنطن لمواجهة الشيوعية؟
نعم اربط ولذلك قلت في كتابي ان "داعش" هو ثأر روسي ضد الأمريكان ولم ازل مصرا على رأيي هذا. ف"داعش" هو تنظيم روسي في البعد الاستراتيجي. ولا يناقض ذلك ان تكون الاستخبارات الامريكية قد علمت بداعش وتركته.
 الا تعتقد بأن هناك علاقة استراتيجية تربط ايران بواشنطن، ساهمت في دفع ايران للتأجيج الطائفي، وتقسيم المنطقة طائفياً؟
انا لا اتحدث عن علاقة استراتيجية بين ايران والولايات المتحدة، لكني اجزم انه لا يوجد عداء استراتيجي او حتى ايديولوجي بين هذين البلدين. لا يمكن لايران ان تكون عدوة لأمريكا ولا يمكن لأمريكا ان تكون عدوة لايران. واعتقد ان كل السياسات الايرانية ما بعد الثورة تهدف الى امر واحد في البعد الاستراتيجي: اذ تريد ايران ان تقول لأمريكا باني املك عناصر القوة لاكون وكيلتك في الشرق الاوسط بدل اسرائيل التي لا تملك ذلك، وضمن هذه المعادلة بامكاننا ان نفهم اهم المحطات العسكرية في الشرق الاوسط في العقدين الاخيرين خصوصا.
"الاخوان" والوعود الأمريكية
 لماذا برأيكم استعجل "الاخوان المسلمون" استلام السلطة والاستحواذ عليها، هل صدقوا فعلا الوعود الامريكية لهم، ام انكشف قصورهم الفكري والسياسي وسقطوا؟
هم لم يستعجلوا، هم خافوا ان تسبقهم العجلة، فكانت العجلة هي "داعش". لقد كان الاخوان مدركين ان الشعوب العربية في زمن الحراك العربي امام احتمالين: اما القيام بثورات خاطفة تمنحهم القيادة السياسية، واما اندلاع الحروب العربية الاهلية فتكون القيادة للجناح المتطرف، ولان الذي حصل لم يكن ثورات، ولانهم ظنوها ثورات انطلاقا من عقدة السلطة عندهم. نجدهم مارسوا السلطة بكيدية فسقطوا السقوط الطبيعي.
 هناك معلومات تؤكد وجود عدد كبير من اعضاء تنظيم "الاخوان المسلمين" انضم الى "داعش"، خصوصاً وان بعضهم انضم سابقا للقاعدة، وانهم وراء مناظر الدم والقتل، لأنهم يروجون الى ان ما يجري سببه غياب الديموقراطية؟.
بالطبع الديموقراطية هي نظرية وحجة الاخوان خصوصاً بعد تجربتهم في مصر، مع العلم ان ليس الديموقراطية ما اتت بهم الى الحكم وانما التنظيم الجيد والمال السياسي وهم يشبهون داعش والقاعدة في هذين البعدين. الفرق بين "داعش" و"الاخوان" هو ان "داعش" يرفض النهج باكمله ويرفض الديموقراطية ويريد ان يقيم نهجاً خاصاً به. وبالفعل "داعش" اليوم هو من يقود نهج السياسة الدولية. "الاخوان" لجؤوا الى العنف عبر تاريخهم وفي حاضرهم لكن تمسكهم بلعبة الديموقراطية اوقعتهم في مأزق عدم الجمع بينها وبين العنف. اذن عليهم ان يمارسوا العنف الجسيم خارج اطار التنظيم الاخواني. ربما تسللوا الى داعش وربما "داعش" علم بهم وقام بحملة تصفيات داخلية قد يكون اخوانيون في عدادها.
استراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب
 هناك جهد دولي لمكافحة الارهاب، وهناك استراتيجية عربية لمكافحة الارهاب، ولكن هناك انتعاشا للارهاب والتطرف، ترى ما الاستراتيجية التي ترونها مناسبة لتجاوز هذه الازمة؟.
أختلف معك بالرأي، فليس هناك استراتيجية دولية ولا عربية لمكافحة الارهاب. وان اردنا ان نحسن النوايا نقول ان هذه الجهود اهتمت بالتفاصيل واغفلت الجوهر. نسأل: من قدم فكراً تنويرياً جديداً لقيم الاسلام؟. من قام بابداء النصح المبني على قيم حقة؟. من قام بعملية حساب تاريخي لارهاب مرتكب باسم اليهودية والمسيحية؟. من أنشأ صناديق مالية لمكافحة الفقر المؤدي الى الارهاب؟ من رعى وحمى الاقليات في العالم؟ لماذا نقف الى جانب الاتراك ونركض وراء كراهية الاكراد؟ لماذا ننسى قضايا الاكراد في ايران؟ وهم ملايين؟ هل نتذكر اكراد سوريا فقط لان كوباني تتعرض لهجمات داعشية؟ هل قمنا نحن العرب بتحصين نفسنا واحتضنا أقلياتنا التي هي متشربة للحضارة العربية؟ الاسكوتلنديون تعلموا من التاريخ ورفضوا الانفصال، والانكليز لم يرفضوا حق تقرير مصير هؤلاء فكانت النتيجة ان الوئام بين الفريقين قد ساد.
 كثيراً ما يتداول الاعلاميون (المستنقع الافغاني، العراقي السوري الليبي اليمني) لماذا فشلت هذه الدول، ولماذا صعدت وتكاثر في رحمها الارهاب؟.
لأن التطرف يوجد دون اسباب. بينما الارهاب لا يمكن ان يوجد دون اسباب، هذه دول غير فاشلة فهي لم تكن في الاساس ناجحة وهذا امر يسري على كل الدول العربية. المشكلة ليست في الانظمة العربية، وانما بتعاطي الشعوب العربية مع فكرة الدولة. علينا ان نحدد ماذا نريد من الدولة؟ السلطة ام حفظ الكرامة؟، ان اردنا السلطة فكيف نجمع بين الفكر الديموقراطي وبين موروثاتنا التي تجعل كبيرنا قائدنا؟. وان اردنا حفظ الكرامة فنقول للدولة: وليناك لتحفظي كرامتنا وتؤمني لنا مقومات عيشنا الرغيد. الغرب انجز هذا العقد لكننا لم ننجزه الا بشكل حصري. انحسار هذا العقد في المملكة وقلة من الدول العربية لا يكفي لقمع الارهاب. اذن اولى نبتات الارهاب هي المشكلات السياسية. اي الفهم الخاطئ لما نريده من الدولة وكيف نكون حماة للدولة. المسألة حق وواجب، أيضاً النظم لم تكن وفية لمتطلبات شعوبها، فكثير منها غير التي ذكرتِها استقوت بالغرب والغريب ليس على شعوبها وانما على موروثات الشعب.
 برأيك ما السبب الرئيسي وراء الانغماس الامريكي في الخارج، وعسكرة سياساتها الخارجية، وان الادارات الامريكية المتعاقبة لم تصنع السلام قدر صناعتها الحروب؟
أمريكا منذ انهيار المعسكر المضاد تتربع منفردة على عرش الاحادية القطبية، ولم تزل الى اليوم. روسيا تحاول الصعود أما أمريكا فتعمل على منعها تارة بالسياسة وتارة بالحرب. اذن حرب أمريكا حول العالم هي لوقف اي تمدد روسي او للقضاء على تواجد روسي. الحرب هي الوجه الآخر للسياسة والقوي لا يصنع سلاما وانما يعمل على فرض استسلام. الخوف ان تفلت الامور من يد الامريكيين نتيجة العنف الامريكي. الخوف هو من جيل ارثي جديد ل"داعش" يحرق النفط العربي بدل المتاجرة به. يذبح بالضفر بدل السكين. "داعش" هو ابن أمريكا سياسيا ونجل روسيا استراتيجيا، ونحن وقود تارة في السياسة وتارة في الاستراتيجية.
 لماذا برأيك لم تستطع القوة الامريكية القضاء على حركة "طالبان"، رغم اختلاف طالبان عن القاعدة وداعش وغيرها، لا بل وعملوا على الاتصال بها؟.
لان "طالبان" بطريقة او بأخرى تمثل قضية شريحة واسعة من الشعب الافغاني. اخطر شيء في العنف عندما تتوافر له بيئة سخية وليس فقط حاضنة. صحيح ان كثيرين من عناصر "طالبان" كانوا قد قاتلوا السوفيات ودعموا من أمريكا لان المسألة اختلفت عندما ارادت أمريكا ان تلعب دور السوفيات. ألم يبدأ في لبنان الكثير من بيئة "حزب الله" يراجعون حساباتهم نتيجة سياسات خاطئة؟ كم من هؤلاء بدأ ينظر اكثر لحكمة الرئيس نبيه بري مثلا؟.
التدين والتطرف وتفتيت المنطقة
 لماذا هناك عملية خلط بين التدين وبين والتطرف، هل هناك استراتيجية غربية لقسمة الاسلام وتفتيت المنطقة، عبر التلاعب بها من الداخل؟
التدين حالة ايمانية لا شك والتطرف حالة غير طبيعية. اعتقد ليس هناك من خلط، لكن هناك من يصور التدين على انه مشروع تطرف او بداية خيط. الغرب يلعب دوراً كبيراً لانه يخاف الاسلام عبر تاريخه. الغرب يعيش لعنة الديموغرافية الاسلامية التي تجتاحه، فيما يدعو الاسلام الى الزواج بينما الثقافة الغربية تدعو الى المساكنة ثم يأتي الغرب ويجد ان عدده يتناقص ويزداد عدد المسلمين ولا يسأل لماذا؟ أو يسأل ولا يريد ان يعترف، علما ان المسيحية تنادي بالزواج. لكن الغرب كما المتطرفين عندنا. مدنية الغرب هي اسقاط للتطرف، لا يستطيع الغرب تحصين مجتمعه فيعمل على تفتيت مجتمعنا ليس الغرب وحده، بل الاستثناء ايضا يمارس نفس الفعلة بحق المبدأ، لهذا يشيع الصراع المذهبي في عالمنا الاسلامي.
 هناك عملية خلط بين الارهاب والتطرف الديني وبين حركات التحرر الوطني، وهناك عمليات تشويه لها، وهناك عملية انتقالية من الهوية العربية والاسلامية الى الهويات الضيقة والمتقاتلة .. ما تعليقكم ؟
هناك فرق بين الارهاب وحركات التحرر وان كانت هذه الحركات قد استثمرت في السياسة فشاب بعض سلوكياتها عيب الارهاب. لم يعد هناك من حركة تحرر نظيفة على الاطلاق، الكل دخل في لعبة النسق ووقع في فخ التسييس والاستثمار. "حزب الله" يندم على اخطائه و"حماس" تشعر بأنها باعت نصف قيمتها، فالقضية تم التضحية بنصفها لاجل احلال غايات لا ترتقي الى مرتبة القضية بل هي ثانوية ومشوهة احيانا. ايران وأمريكا لهما المصلحة الاولى في كسر قداسة مبدأ المقاومة، وغياب المشروع العربي الحقيقي ساهم سلبا ايضا لان كل دولة او مربع دول اضحى يعيش هاجس الامن القومي الضيق.
"داعش" وعودة امريكا للمنطقة
 هل اتخذت "داعش" كذريعة لعودة امريكا للمنطقة، هل كان خروجها من العراق، بناء على خياراتها الاستراتيجية، ام كانت هزيمة فعلا، ولماذا يتحدثون الآن عن الفشل والتدخل العسكري؟
أمريكا غير قادرة على كل شيء، الظلم والحقد والحرمان أسباب تتآمر مع الخارج دوماً. "داعش" حقيقة وليس وهما، والذين يقاتلون مع "داعش" اختاروا ذلك بملء ارادتهم، هم سيموتون في المعركة لكن سيأتي غيرهم. أمريكا وايران وروسيا قادرون على الخرق. المعركة في قلب عالمنا العربي وليس خارجه، هناك توازن نفسي انجزه "داعش" مع الاستثناء، رغم ان "داعش" لا يمثل المبدأ. داعش ليس ذريعة بل خط امامي، ليس بالضرورة لأمريكا، قد تكون لروسيا. "داعش" لم تقرر الدخول الى بغداد ولا الى دمشق لانهما عاصمتان روسيتان. المعركة ستكون لصالح الخطاب الكردي، تركيا ستكون من الخاسرين والمعركة لم تزل في بدايتها.
 كيف تنظر الى صدام المصالح بين تركيا وايران على المنطقة، على العراق وسوريا واليمن، مع ان هذه الدول تتحدث بأنها داعمة للامن والاستقرار الاقليمي؟
لنعترف بأنه في ظل غياب مشروع عربي فإن تركيا وايران هما القوتان الاقليميتان الاقوى في المنطقة، لكل منهما عناصر قوة ذاتية وخارجية. اما نقاط الضعف فيهما فتتمثل بان كل منهما يشكل استثناء، تركيا اختارت الاسلمة السياسية وفق نظرية الاخوان التي تشكل استثناء بدليل سقوط الاخوان في عالمنا العربي وما يعنيه ذلك من خسارة لجسور مد النفوذ، وايران تشكل استثناء على مبدأ يسود عند مليار ونصف انسان مسارهما تشتت وتمزق واقتتال بين العرب، وقوتهما حياكة تحالفات مع الغرب، هم يستخدمون الدين للتمدد اي لتمدد القومية التي هي رابطتهم الاهم، لذلك فخطرهما محدود، فأي ثنائية دولية تصعد من جديد ستحجم قوتهما لان العرب سيكونون حاجة وبالتالي ستتشكل القوة بشكل تدريجي. ان عمقا عربياً مرتكزاته مصر والسعودية قد يثمر في بناء قوة اقليمية ثالثة تحدث توازنا ينوب عن كل العرب، وان دولاً عربية صغرى يجب ان تسمع نداء الواجب وتمتنع عن ان تكون حامل ميزان قوة لهاتين الدولتين، لا سيما عندما تكون في صلب اللعبة.
 هل معركة عين العرب فيها تنسيق بين داعش والاتراك لفرض اتفاقات وتفاهمات استراتيجية بين انقرة وحزب العمال الكردستاني، واين هي سياسة تصفير المشكلات؟
سياسة التصفير كانت لغماً انفجر بنا نحن العرب، واعتقد دوما ان تركيا ستنفجر من الداخل ليس بين الاخوان والقوميين فحسب بل بين الاتراك والاكراد ايضا، وبين الجيش والشعب، ومعركة عين العرب ليست على هذا الوصف فلو كانت كذلك لتدخل الجيش السوري لحماية الاكراد من داعش وبالتالي لبتر مخطط تركي يحاك، أبحث عن العكس.
 الحوثيون وسيطرتهم على صنعاء واعطاء الشرعية للتنظيمات المتطرفة الاخرى لفرض خياراتها في اليمن، ما هدف ايران من دعمها الحوثيين ودعم انفصال اليمن؟
الهدف من دعم الحوثيين اعتقد اولا هو للقول للرأي العام الاسلامي والدولي أني أريد ان اجلس على خاصرة السعودية؛ لان السعودية تعمل على الجلوس جانب خاصرتي وكأن ايران تريد القول ان المملكة هي من يقف وراء داعش، واعتقد انه ليس المملكة كدولة مستهدفة بقدر ما هو مستهدف مرتكزات المبدأ بقصد تسويد الصورة. هنا تظهر ايران وكأنها في ذروة العبقرية، اضافة الى محاولة جر مقاتلي السلفية الجهادية الى ارض اليمن لاراحة الجبهات في العراق وسوريا ولبنان.
 هل استجلاب الإرهاب الى لبنان، الانعكاس الوحيد للأزمة السورية وانخراط "حزب الله" فيها، أما الآتي أعظم؟
الارهاب ليس بحد ذاته ما يشكل خطراً على لبنان، الخطر كأمن في التهيؤ لارهاب مستقبلي ساهم في صنعه مشاريع لا دخل للبنان الدولة والصيغة بها. اخاف على الشيعي قبل السني من مساعي احداث توازن رعب بين داعش و"حزب الله". تاريخ السنة والشيعة في لبنان هو التكامل وليس التوازن، اليوم الذي يحكم هو التوازن الزاحف بسرعة الذبح لا البرق، لا يمكن ان يستمر لبنان هكذا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.