لا يكاد يمر يوم دون أن تتعرض زارينا لتعليقات ساخرة من أفراد أسرتها بسبب أمور تافهة.. جريمتها: أن أحدا لم يتقدم بعد لخطبتها رغم أنها تعدت بأعوام كثيرة السن المعتادة للزواج. ولت أسرتان سبق أن جاءتا لخطبتها الادبار عندما أدركتا أن أباها الرجل الفقير لن يستطيع تدبير نفقات زواجها على النحو الذي تريدانه.. وبالفعل فإن أباها الحرفي البسيط ومصدر الدخل الوحيد للاسرة لا يملك من حطام الدنيا ما يكفي لتدبير مصاريف زواجها من ملابس وحفل عرس وهدايا لاي عريس يتقدم لخطبتها. ثم اختلطت مشاعر الحزن بالفرح في نفس زارينا عندما حضرت حفل زواج جماعي في منطقة لياري في كراتشي حيث زفت جارتها ميهرو ضمن 50عروسا أخرى. نظم حفل الزواج الجماعي المتواضع لخمسين فتاة تنتمين إلى أسر فقيرة في إطار مشروع محلي. مول المشروع من تبرعات بعض الاثرياء وقدم للفتيات الملابس وأدوات التجميل ورداء العرس. بكت زارينا في داخلها وهي تشاهد العرايس يسرن إلى المكان الذي طالما تمنته بينما وقفت هي هناك لتتحمل الانتظار المهين. لكن انتشار ظاهرة الافراح الجماعية في مختلف أنحاء باكستان حمل بارقة أمل للفتيات مثل زارينا اللاتي لم تتزوجن لمجرد أن أسرهن لا تملك مصاريف زواجهن. ان العادات والتقاليد الخاصة بالافراح وما يصاحبها من مشاعر التباهي تكلف الاسرة الباكستانية الموسر منها والفقير على حد سواء ما لا تطيق لكنها جزء أصيل من طقوس الزواج في المجتمع الباكستاني.. ورغم تعالي بعض الاصوات بإدانة تلك المظاهر المجهدة من الناحية المالية ذهبت تلك الادانة أدراج الرياح.. وهناك قانون موجود بالفعل لمكافحة مظاهر الانفاق السفيه على الاعراس لكن الحكومة لا تملك عصا سحرية لتطبيقه نصا وروحا. وكان رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف قد فرض حظرا على ولائم الافراح في خطوة أثارت ارتياحا كبيرا لدى أولياء الامور الفقراء لكن هذا الحظر رفع حاليا. وترفع حفلات الزواج الجماعي عن كاهل أولياء الامور عبء تنظيم الافراح الاخرى المصاحبة لحفل الزفاف. فطبقا لعادات الزواج الراسخة في باكستان تقام الاعراس على مدى سبع ليال قبل وبعد حفل الزفاف فيقام أولا حفل الخطبة ثم تليه عدة حفلات تستمر إلى يوم الزفاف. ويطلب كثير من أسر الشبان من أسر الشابات أن يحمل حفل الزواج كل مظاهر الابهة والفخامة الامر الذي يؤدي لاجهاد والد الفتاة ماديا إلي حدود يصعب تصورها. وتنفق أسر الفتيات الفقيرة على الاعراس ما يتجاوز كثيرا طاقاتها المالية إلى حد أنها تستدين وتظل تسدد قيمة هذا الدين مدى الحياة.