يبدو أن الاتصالات التي أجرتها سلطات الاحتلال الأمريكي مع وجهاء في مدينة الفلوجة العراقية (50 كلم غرب بغداد) وأسفرت عن وعد من الوجهاء بأن يدين خطباء صلاة الجمعة في المدينة حادثة احراق أربعة أمريكيين والتمثيل بجثثهم الاربعاء الماضي. ولكن خطيب جامع عبدالعزيز السامرائي في الفلوجة تحدث بلهجة بعيدة عن الاعتذار، حيث عدد مساويء الاحتلال وممارساته التي تستفز العراقيين. كما تحدث عن (يهود) يدخلون العراق ويحدثون الفتنة. وانتقد الخطيب الشيخ مكي حسين الكبيسي تشكيل مجلس الحكم على أساس طائفي. وتحدث عن جيوش العاطلين والغاء الجيش والوزارات ونهب الغوغاء مؤسسات الدولة. ولكن عبر مسؤولون في مدينة الفلوجة عن أسفهم ونددوا بعملية القتل التي استهدفت الأمريكيين الأربعة الذين كانوا يعملون في شركة (بلاك واتر) التي تقدم خدمات أمنية لسلطة التحالف. ونقلت وكالة فرانس برس عن رئيس المجلس البلدي في الفلوجة سعدالله الراوي قوله: ان المجلس البلدي عقد اجتماعا الليلة الماضية من اجل التنديد باعمال التمثيل بالجثث ووعد بإصدار بيان حول الحادث. وقال ان ائمة الفلوجة قرروا اعداد خطبة مشتركة تندد بالتمثيل بالجثث استنادا الى القرآن وتعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي تمنع مثل هذه الاعمال. وتسلمت القوات الأمريكية الجثث الاربع يوم الخميس، بعد يوم من الكمين الذي نصبه مسلحون في المدينة وادى الى مقتل الأمريكيين الأربعة. وعمل عدد من السكان على تقطيع جثتين كانتا احترقتا تماما داخل السيارة التي اطلقت عليها النار، ثم تم سحلهما في شوارع المدينة قبل ان يتم تعليق احداها على جسر. واثارت العملية استياء في العالم. المشاة لم يتدخلوا لكي يتجنبوا استفزاز الأهالي من جهة أخرى دافع قادة قوات مشاة البحرية الأمريكية (المتمركزة قرب الفلوجة) عن قرارهم بعدم إرسال جنود في نفس لحظة وقوع الحادث لمنع الغوغاء من التمثيل بالجثث. وذكر موقع صحيفة (نيويورك تايمز) على الانترنت أن هناك نحو أربعة آلاف جندي متمركزين بالقرب من المدينة التي تقع داخل ما يسمى المثلث السني ولكن القادة فضلوا عدم التدخل في الحال. ونسبت الصحيفة إلى مايكل ووكر أحد المسؤولين عن الشؤون المدنية في مشاة ا لبحرية قوله: هل كان يجب أن ندخل دبابة لنعود.. بأربع جثث. ما الذي كان سيفيد فيه ذلك. الغوغاء هم الغوغاء . كنا سنثير استفزازهم حتما.. كان التصرف الذكي هو أن نترك الامور لتهدأ. وذكرت الصحيفة إن كثيرين من سكان المدينة شعروا بمزيج من الفخر بالهجوم الذي أسفر عن مقتل المدنيين كما شعروا بالخزي بسبب التمثيل بالجثث بما يخالف تعاليم الشريعة الإسلامية. وقال مسؤولون أمريكيون إنهم التقوا يوم الخميس بوجهاء من الفلوجة المحافظ وعلماء دين أبدوا التزامهم بإدانة هذا الهجوم خلال صلاة الجمعة. وساعد علماء دين السلطات الأمريكية على استعادة ثلاث من الجثث الأربع التي علقت اثنتان منها على الاقل بحبل فوق جسر في المدينة. ونسبت الصحيفة إلى مسؤول في القيادة الأمريكية طلب عدم ذكر اسمه قوله إن المسؤولين الأمريكيين أصبحوا حاليا يرون أن الفلوجة هي أسوأ مكان على الأرض ولكن عليهم أن يلتزموا الحذر فيما يقولونه وإلا انتهى بهم الأمر جثثا هامدة. جنرال يهدد من جهة أخرى قال البريغادير جنرال مارك كيميت نائب قائد العمليات في العراق ان القوات الامريكية ستلاحق الجناة الذين قتلوا الأمريكيين الأربعة في الفلوجة وستقتلهم او تأسرهم. ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) عن كيميت قوله اننا سنحقق الهدوء والسلام في الفلوجة كما اعدناه الى مدن صعبة اخرى في العراق. واضاف ان الأسلوب الذي نعالج به هذه القضية هو نفسه الذي نتعامل به مع مدن صعبة أخرى في العراق فقد تعاملنا مع الموصل وتكريت وقبل ستة أشهر كانت سامراء شبيهة للغاية بالفلوجة وبعقوبة. واوضح ان المطلوب الأن هو أسلوب متأن يتسم بالصبر ولابد لنا من دخول المدينة واستخدام مزيج من الحزم واللين في آن واحد. واشار الى أنه لا بد من التوضيح لأهل الفلوجة أنه لا أحد يستطيع منع قوات التحالف من دخول المدينة وتحسين ظروف الحياة لأغلبية السكان التي وصفها بأنها رهينة لأقلية تعارض التحالف. من جهة اخرى قال المتحدث باسم سلطة التحالف دان سينور ان أغلبية العراقيين وأعضاء مجلس الحكم يشعرون باشمئزاز شديد للهجمات الوحشية في الفلوجة والتمثيل بجثث الضحايا. واشنطن: لن نسحب القوات ولا مقارنة بالصومال وأكدت الخارجية الأمريكية أن حادث الفلوجة لن يؤدي الى انسحاب القوات الأمريكية من العراق، ورفضت اي تشابه مع السابقة التي حصلت في مقديشو في الصومال في العام 1993. وكررت الخارجية الأمريكية ان القوات الأمريكية ستبقى في العراق طالما لزم الامر ولن يتم سحبها على عجل كما حصل في الصومال في 1993. وكانت اعمال وحشية قد ارتكبت بحق رفات جنود أمريكيين يشاركون في عمليات للامم المتحدة في الصومال، دفعت بالإدارة الأمريكية انذاك الى سحب قواتها من هذا البلد. واعلن مساعد وزير الخارجية ادم ايريلي اثناء لقاء مع الصحافيين بعد الهجمات في مقديشو، غادرنا (البلد)، لكن، اولا، لن يحدث ذلك هنا، يمكنني ان اؤكده لكم. واضاف: وثانيا، اعتقد ان وجه الشبه مع مقديشو غير صحيح لسبب وجيه وهو اننا نعمل في العراق، التحالف يعمل في العراق بمشاركة الشعب العراقي. وقال ايريلي ايضا ان غالبية هؤلاء الناس، كما اعتقد، في وضع افضل اليوم مما كانوا عليه قبلا ... وهم على استعداد لتحمل المزيد من المسؤوليات (...) انهم في رأيي اكثر ثقة في المستقبل من الصوماليين في تلك الفترة. المهاجمون منظمون محددوا الهدف في غضون ذلك اعتبر مسؤول في مكافحة الارهاب في وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس ان المهاجمين الذين قتلوا اربعة مدنيين أمريكيين في الفلوجة غرب بغداد ليسوا على علاقة مباشرة بتنظيم القاعدة على ما يبدو، لكن البعض منهم تلقى تدريبا محددا. واوضح كوفر بلاك المسؤول السابق في السي آي ايه امام لجنة في الكونغرس، ان المهاجمين كانوا معبئين ضد امريكا ويعتبرون الأمريكيين، عسكريين او مدنين، بمثابة اعداء. وردا على سؤال لاحد النواب عما اذا كان هذه الهجوم يحمل توقيع القاعدة، قال بلاك لا علاقة مباشرة محددة في رأيه بين هذه المجموعة والقاعدة. واضاف: لكن عدو عدوي هو صديقي بالنسبة اليهم. وتابع يقول ان الذين قاموا بذلك لم يكونوا ثلاثة اشخاص توجهوا الى مغامرة. كانوا اشخاصا تلقوا تدريبات ويعملون لهدف محدد. وبحسب بعض المعلومات الصحافية، فان الكمين الذي وقع فيه الأمريكيون الاربعة الذين قتلوا اقامه ثلاثة اشخاص على ما يبدو وصلوا الى المدينة على متن شاحنة ووصفهم شهود عيان على انهم مجاهدون. واعلن بلاك انه كانت في الفلوجة نسبة كبيرة من المساجد المناهضة جدا للأمريكيين وان هذه المدينة في المثلث السني تعد بين سكانها الكثير من الموالين لصدام حسين. واضاف : انهم يعتبروننا بمثابة العدو.