يوم كامل قضته (اليوم) في احياء وحواري مدينة الدمام بين الاطفال والمراهقين الذين يعبثون ويمرحون بأساليب مرفوضة تنم عن غياب الوعي وغياب دور اولياء الامور. حين اقتربت (اليوم) من هؤلاء لم تكشف عن حقيقتها، فتحرك المحرر بينهم كأي مواطن وقام المصور باخفاء (الكاميرا) وبعد ان رصدت (اليوم) جزءا من سلوك هؤلاء توجهت الى اماكن اخرى، بحثا عن آباء وامهات لمناقشتهم في الامر لاستجلاء ابعاد الموضوع للوقوف على الاسباب الحقيقية لانحراف هؤلاء أو بالأحرى الذين يقفون على أولى درجات الانحراف. حركات غريبة في البداية دخلنا أحد الاحياء الشعبية بحثا عن اطفال او مراهقين وبمجرد ان دخلنا الى احدى الحارات باغتتنا حركات غريبة لطفل لم يتجاوز السنوات الثماني كان يقذف زملاء له يجلسون على الجانب الآخر، بقطع معدنية يرميها وكأنه يقذفهم بالصواريخ. في حارة اخرى كانت هناك مجموعة من المراهقين يمزحون مع بعضهم مزحا غريبا، انتهى حين شاهدوا سيارة تقف بالقرب منهم وتركها سائقها متجها الى قضاء غرض ما، عندها قاموا جميعا واتجهوا الى السيارة متخذين من سطحها الامامي مجلسا لهم. اقتربت منهم بهدوء وسمعت احدهم يقول لآخر: (طارق قاعد يخمس هناك) بعدها جاء مراهق آخر بسيارة وهو يفحط، فقاموا فرحين اليه ليشاركوه ما يفعل. عصابات الأفلام آخرون صادفتهم (اليوم) امام احد المطاعم كانوا ثلاثة وتبدو في حركاتهم الشقاوة والسلوك الصبياني للمراهقين احدهم كان يمشي بطريقة تشبه عصابات الافلام العربية القديمة، والثاني بيده سيجارة وينفث الدخان بغرور، فيما بدا الثالث مختلفا، اذ اكتفى بربطة حول عنقه كتب عليها بالانجليزية: (Look Me) (انظر إلى). تجمعات لافتة في احد الاحياء لاحظنا وجود تجمع لافت لعدد من الاطفال والمراهقين كانوا على وشك التشاجر، لولا هروب مجموعة منهم خوفا من الضرب خاصة بعد ان لاحظوا وجود عصا كبيرة بيد ان احد افراد الجانب الآخر الى جانب زجاجات فارغة مع آخرين، فلاذوا بالفرار. اتجهنا الى كورنيش الدمام والخبر بحثا عن عوائل اطفال او مراهقين بصحبة عائلاتهم لمناقشة اسباب هذه السلوكيات السلبية التي تهدد ابناءنا وتهدد مستقبلهم. ابناء المطلقة ذكرت وفاء السعود (مطلقة) ان لها ثلاثة ابناء وهم لا يمارسون سلوكيات سلبية في الشارع او في المدرسة. وتؤكد انها رغم غياب الاب، الا انها قريبة من ابنائها وتعمل دائما على ملاحظة ومراقبة كل تصرفاتهم، حتى تصلح ما قد يبدو سلبيا في الوقت المناسب. وحملت السعود الآباء مسؤولية انحراف الابناء واتباعهم سلوكيات مرفوضة وارجعت ذلك الى غياب بعض الآباء عن الاسرة لأوقات طويلة تاركين الابناء بغير متابعة او مراقبة مما ينشئ بعض الأبناء في ظروف تغيب عنها التربية السليمة التي تقومهم وتمنحهم الثقة بأنفسهم وترشدهم الى الطريق الصحيح. انشغال الآباء اوضحت رغد الفهد (أم لتسعة اطفال) انها تحرص على اصطحاب اطفالها الى اماكن ترفيهية حتى يلعبوا ويمرحوا امام عينيها خاصة ان الاب مشغول بالعمل، مشيرة الى ان غياب زوجها عن البيت قد يصل لعدة ايام، ومع ذلك فأبناؤها لم يتأثروا بذلك لاسيما انها قريبة منهم ومتفاهمة معهم الى حد بعيد، كما انها متفاهمة مع زوجها حول تربية الابناء بطريقة تبعدهم عن الانحراف والسلوك المرفوض. ضربة حجر في الرأس اما "ام محمد - معلمة" فقالت: ان لها ثلاثة ابناء تحرص على تربيتهم بالطرق الصحيحة، وعابت على الآباء الذين يهملون ابناءهم خاصة ان احد ابنائها قد تعرض اثناء خروجه من المدرسة لضربة حجر القاه عليه احد زملائه وسبب جرحا في الرأس مما تطلب عدة غرز بالمستشفى. وتقول ام محمد ان هذا التصرف من طفل ناتج عن سوء التربية او غيابها والمسؤول عن ذلك هو الاب والام. ترى ام عبدالعزيز (ربة بيت) ان مسؤولية التربية لا تقع على عاتق شخص معين، انما يتقاسمها عدة اشخاص منهم الاب والام الى جانب دور المدرسة التي تضطلع بدور كبير في صياغة سلوك الابناء. مسؤولية الأم يحمل محمد العنزي (مهندس كهرباء) الأم المسؤولية الاكبر في تربية الابناء لانها تقضي اوقاتا طويلة مع اولادها بعكس الاب الذي قد تضطره ظروف العمل الى الغياب عن البيت لفترات طويلة. ويشير العنزي الى ان الاب تقع عليه مسؤولية كبيرة جدا فهو الاساس الذي تقوم عليه عملية التربية، وما نراه من سلوكيات للاطفال والمراهقين في الحواري هو نتيجة اهمال الآباء ابناءهم مما يفرز سلوكيات سلبية ومنحرفة. كما ان غياب الوازع الديني لدى الآباء يؤثر بشكل كبير على التربية، وكذلك غياب الثقافة والوعي والمعرفة يؤثر بطبيعة الحال على التربية. نزهة برفقة الأب يرفض عبدالرحمن عبيد الدوسري (متقاعد) ان يترك احد اطفاله (الثمانية) يلهون ويعبثون بالشوارع مشيرا الى انه اعتاد الخروج مع اولاده باستمرار للتنزه وقال وهو يجلس على طاولة الطعام بأحد الاماكن الترفيهية: انه لا يجب ترك الاطفال بدون رقيب وفي الوقت نفسه لا نشعرهم بأننا سلطة عليهم بل نشعرهم بأننا موجهون لهم بكل حب وتقدير. واتفق مع الدوسري في الرأي مع كل من عبدالرحمن الغامدي (مهندس بأرامكو) وعبدالله الدوسري اللذين حضرا مع أولادهما ليشاركاهم فرحتهم ورسم البسمة على وجوههم. وقد اتفق الثلاثة على مسؤولية الاب والام في التربية الصحيحة للابناء. تغيرات عمرية يرى موسى محمد الجرادة (فلسطيني) ان السلوكيات تتأسس في البيت والشارع لذلك فالآب والام ومحيط الاسرة هم الذين يستطيعون تنمية السلوك الايجابي وتحفيزه، وتعديل السلوك السلبي وعلى الآباء ان يعوا التغيرات التي تحدث لابنائهم في فترات العمر المختلفة، خاصة مرحلتي الطفولة والمراهقة وأن يتعاملوا مع الابناء بالحوار والتفاهم والنقاش حسب كل مرحلة عمرية. وعزا الجرادة سلوك بعض المراهقين في الشارع الى حالة التمرد الناتجة عن الاهمال الاسري لهم ومع استمرار الاسرة في هذا الاهمال يفاجأ الاب بعد ذلك بأن لابنه تصرفات غريبة. وعبر ابومحمد عن دهشته من احد أبنائه (9 سنوات) حين طلب الذهاب الى احد المجمعات التجارية مع اصدقائه! وقد نصحه بأنه صغير على ارتياد هذه الاماكن. واضاف ابومحمد: انه لا يقبل ان يذهب ابناؤه الى اماكن بعيدة بدونه خاصة في هذه المراحل العمرية. أخطاء تربوية ونصح ابومحمد اولياء الامور بالاهتمام بأبنائهم - امل المستقبل - وذكرهم بأن المجرمين واللصوص ظهروا نتيجة اخطاء في التربية وغياب دور الاسرة في التوجيه الصحيح. ويرى رمزي الجمالي (اعلامي) ان اتباع السلوك عند المراهقين ناتج عما أسسته الاسرة من تصرفات وسلوك ومواقف، او حالة عدم رضا عما يفعله الابناء مما يجعلهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي لمعرفتهم بموقف آبائهم مسبقا مما يفعلون. واشار (ابومحمد) الى ان التربية الضعيفة تنتج سلوكا مشينا لان الاطفال والمراهقين قد يحتاجون الى من يجيبهم عن اسئلة ملحة بالنسبة لهم فلا يجدون من يجيبهم خاصة الاب والام، فيتجهون الى الشارع للتنفيس اولا، ولعلمهم بغياب الوالدين وغياب المراقبة. ضبط السلوك ويتفق ظافر سعد الشهري (مهندس) مع ما طرحه (ابو محمد) ويضيف الشهري: يجب ان يلتف الوالدان حول ابنائهما فهم مسؤولية كبيرة واختبار حقيقي لنا وعلينا ان نهتم بهم.. فهم زينة الحياة الدنيا. اما مهدي عبدالله (موظف) فيرى ان على المدرسة دورا كبيرا في ضبط سلوك الاولاد لكن لا يرفع ذلك مسؤولية البيت الاساسية التي يجب ان يؤديها الاب والام على اكمل وجه اذا كانا يريدان أبناءهما شخصيات سوية تنفع المجتمع ولا تضره. يسيرون في الشارع وكأنهم رجال عصابات يتجمعون لممارسة العنف والشقاوة