اكدت دراسة اقتصادية متخصصة صدرت حديثا حرص الكثير من البلدان النامية ومن ضمنها الدول العربية على انتهاج سياسة التصنيع باعتباره اقصر الطرق لتعظيم معدلات النمو واعادة توزيع الدخل. وقالت الدراسة الخاصة ب (السياسات الصناعية في الدول العربية) التي اصدرها المعهد العربي للتخطيط وحصلت عليها وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان تلك الدول تبنت نوعين من السياسات لتحقيق هدف التصنيع الاول هو سياسة احلال الواردات والثاني سياسة تشجيع الصادرات. وذكرت الدراسة انه في ظل الاختفاء التدريجي لخصوصيات السياسة الاقتصادية عموما والصناعية على وجه الخصوص وذلك بفعل اكتساب العديد من الدول العربية لعضوية منظمة التجارة العالمية لم يعد من المستحسن التركيز على خصوصيات واضحة المعالم للسياسة الصناعية لهذه البلدان. واوضحت ان نظام الحصص لم يعد يمثل أداة لهذه السياسة وانظمة الحماية الجمركية واشكال الدعم المقدم للقطاع الخاص التي لا بد ان تخضع بدورها لقواعد الاستفادة المقررة منها في بعض اتفاقيات المنظمة. وبينت الدراسة ان هناك عدة اشكال ومداخل يمكن من خلالها ان توثر اتفاقية منظمة التجارة العالمية على المنتجات الصناعية العربية من ابرزها الاتفاقية حول المنسوجات والملابس والاتفاقية العامة حول التجارة في الخدمات واتفاقية النواحي التجارية المتربطة بحقوق الملكية الفردية اضافة الى اتفاقيات اخرى ذات تأثير اقل. يذكر ان تعريف السياسة الصناعية يتمثل في انها مجموعة من الادوات التي تستخدمها الحكومة مثل التعريفة الجمركية وغير الجمركية والدعم وسعر الصرف والائتمان الصناعي واسعار الفائدة وغيرها للتأثير على القرارات الصناعية والسلوك الصناعية وحماية الصناعات الناشئة. وترمي هذه السياسة اما الى احلال المنتجات المحلية محل المستوردة (سياسة احلال الواردات) او تشجيع الصادرات الصناعية /سياسة تشجيع الصادرات/ او كلاهما0 وافادت الدراسة ان السياسة الصناعية ارتبطت مع حماية الصناعات الناشئة في البلدان النامية اساسا حيث ان صناعات البلدان النامية لم تتمكن من تطوير الانتاج على اسس من الكفاءة لغياب او قصر تجربتها في السوق ولعدم امكانية منافستها لصادراتها في اسواق الدول المتقدمة او واردات تلك الدول في اسواقها المحلية0 واضافت ان الصناعات الناشئة في البلدان النامية لا تمتلك نفس التكنولوجيا السائدة في البلدان المتقدمة وان خبرات العاملين لديها من الاداريين والفنيين لا تقارن بتلك السائدة في البلدان المتقدمة0 واشارت الدراسة الى انه في ظل هذا التفاوت في الامكانيات التصنيعية ما بين البلدان النامية والمتقدمة فان اي ضغط على الصناعات الناشئة للتنافس مع المنتجات الصناعية المناظرة للبلدان المتقدمة سواء في الاسواق المحلية او الاجنبية سيترتب عليه خسارة وبالتالي عدم امكانية الاستمرار بالسوق0 وقالت الدراسة انه في ظل هذه القناعة بدأت اغلب البلدان النامية ان لم يكن جميعها باستخدام العديد من ادوات السياسة الصناعية وغيرها لحماية الصناعات الناشئة الا انه يلاحظ ان تجربة اغلب البلدان النامية في حماية هذه الصناعات لم ينتج عنها نشاط صناعي كفء بحيث تغطي الاسعار مجموع التكاليف بما فيها الارباح0 وتابعت الدراسة في هذا الشأن مبينة ان الحاجة استمرت لاستمرار الحماية لعقود طويلة الامر الذي ترتب عليه تفاقم ازمات عجز الموازنات العامة والديون الخارجية بسبب تمويل دعم الصناعات من الموازنة العامة للدولة بواسطة القروض الاجنبية0 وبينت ان اهمية مراجعة السياسات الصناعية لم تظهر بسبب عدم تطور الكفاءة الصناعية فحسب بل من ضرورة تحرير التجارة الخارجية لاغلب البلدان النامية الاعضاء في منظمة التجارة العالمية وما يترتب على ذلك من ايقاف العمل في بعض ادوات السياسة الصناعية مثل نظام الحصص الذي يقضي بتحديد كميات او قيم معينة للواردات لا يمكن تجاوزها وتقنين الدعم وعدم السماح باستخدامه بشكل مطلق.