عقد بالقاهرة المؤتمر الثاني والعشرون للاتحاد العام للادباء والكتاب العرب تحت عنوان (الثقافة العربية وآفاق المستقبل).. تحدث في الجلسة الافتتاحية فاروق خورشيد رئيس اتحاد كتاب مصر الذي اكد ان هذه المرحلة تمثل مرحلة تحد كامل لموروثنا الثقافي وهويتنا، ورغم اننا اتحادات ثقافية متعددة الا ان الجميع يصب في بوتقة ثقافية واحدة. وقال د. علي فهمي خشيم رئيس رابطة الكتاب الليبيين: اية آفاق للمستقبل ان لم نستشرقه بعين الوفاء والامل، والامة العربية لها ماض مجيد، وان لم نستيقظ سيجرفنا التيار، ولا بد ان نستمر في رفع الراية عالية في ظل الاخطار المحدقة بنا حتى لا تلتهمنا التهاماً مادياً ومعنوياً. وألقى د. علي عقلة عرسان رئيس اتحاد الكتاب العرب كلمة قال فيها: على المثقف الا ينهزم من الداخل فيلحق الهزيمة بالآخرين، والا يغرس الاحباط وروح الهزيمة في النفوس، والا يضع ثقل الوعي الثقافي في خدمة العدو، وعليه الا يغلق نوافذ الامل امام الناس، والا يضيق عليهم ويشعرهم بالدونية ويشوه كل ما هو جميل وصحيح، او ما يمكن ان يكون جميلاً وصحيحاً مما هو اصيل وسليم في تكوينهم وخصوصيتهم الثقافية والاجتماعية والروحية، وعلى المثقف ان يقدم، على ارضية العلم والايمان والعمل بهما، خطاباً بناء يصب في مجرى الحق والعدل والتحرير والحرية وابداع الانسان، وان يسعى إلى اقناع ابناء الامة بامكانية تجاوز الازمات بالعمل وفق اسس علمية ومعايير خلقية ومبدئية سليمة، وان يشكل حضوراً فعالاً في ساحة صنع القرار باكتساب الثقة والقوة والجرأة. وهذا يستدعي منه ان يدقق في نوع الخطاب المجدي في الظروف والاوضاع الراهنة، ليمتلك التأثير والمصداقية والقدرة على التغيير، وان يكون قدوة في الوعي والمسئولية والسلوك واساليب الحوار والتوصيل والتواصل، ليقنع المسئول ورجل الشارع بانه يعيش الواقع وينطلق من الممكن ويدعو إلى العمل على اساس من العلم. واشار وزير الثقافة المصري فاروق حسني إلى ان اختيار (الثقافة العربية وآفاق المستقبل) عنواناً للمؤتمر فيه ادراك لتأثير الثقافة في واقعنا، واستشراف لقدراتها في تعزيز اواصر التلاقي في مستقبل يعلى من شأن الثقافة كلغة لائقة لتفاهم الدول، آخذين في الاعتبار ان أي لقاء لجمع عربي معناه تحد لقوى تهدف إلى تفريقنا، وتعمل على شرذمتنا، واضاف: نلتقي للنظر في جوانب واقعنا الثقافي العربي، ايجابياته واحتياجات تكامله، ولكي نضع تصورات واقعية تجعل من الثقافة منبراً يفصح عن رغبتنا في التواصل مع الكيانات الثقافية العالمية، وادراكنا ان الثقافة والابداع والفنون لها الدور الرائد في التقارب بين الشعوب وتضييق الفجوات التي تحدثها السياسات والايديولوجيات التي تدفعها إلى مسار التفريق والتباعد، حيث تصبح القوة مصدراً للصخب الاعلى. من المثقف؟ اكد الباحث السوري سهيل عروسي ان تعريف المثقف بانه المتعلم الحاصل على الشهادة الجامعية تعريف سطحي، لانه يعني ضمنياً ان كل متعلم مثقف، والحقيقة ان التعليم شرط لازم، لكنه غير كاف، وذلك لان للمثقف وظائف اخرى تميزه عن بقية المتعلمين، وهذا ما يذكرنا بوجود شكلين من الامية، الامية الابجدية والامية الثقافية، الاولى واضحة المعنى ويمكن معالجتها، اما الثانية فتشكل تحدياً حضاريا يقتضي جهداً نوعياً خاصاً للتغلب عليه. واشار عروسي إلى ان المثقف العربي حالياً يعكس حالة التجزئة والشرذمة الموجودة في المجتمع العربي ويعيش حالة اتهام، فهو متهم بأنه فقد فاعليته، وهذا الاتهام يعكس رؤية ايديولوجية اغترابية، فعدم الفاعلية ليس عائداً لكون المثقف لم يعمل بخصوصيته، وهي انتاج المعرفة، بل عائداً لكونه لم يعمل بخصوصيته، وهي هنا انتاج المعرفة قومياًَ، بما تعنيه من مظاهر الالتزام الفكري القومي، والعمل من اجل قضايا الامة وتجسيد تطلعاتها، وهو لهذا السبب امسى في مؤخرة المجتمع وفي عزلة عن الناس، فالخصوصية هنا ليست انتاج المعرفة، بل الفعل المعرفي المطابق لاحتياجات الامة ومفاهيمها. اما منصور ابو شناف (ليبيا) فقد اشار إلى ان مصطلح (مثقف) ظل مصطلحاً غامضاً ومطاطاً يتسع احياناً ليشمل كل من كتب سطراً او قال حكمة او حتى مقطع شعر او من روى حكايات او نكتة عبر بها عن معرفة وان كانت مغلوطة، ويضيق احياناً ليطرد منه كتاب وشعراء وسياسيون، والثقافة مصطلح عربي شائك ايضاً، فهو احياناً يعني الحضارة، واحياناً يستعمل للاشارة إلى المنجزات الحضارية القديمة، فما ان نقول الحضارة العربية حتى نعود إلى النتاجات الثقافية القديمة ونتناسى حتى نعود إلى النتاجات الثقافية القديمة ونتناسى ما انجز في العصر الحديث، اما الثقافة في معناها الصحيح فهي مجموعة المعارف والخبرات التي تنتج او التي يتم استيعابها من نتاج اآاخر، والتي تشكل مجموعة القيم والمعايير الاجتماعية، وكل ذلك مكتوب او منطوق بلغة محددة وعبر تاريخ معروف. وعلى هذا النحو يكون المثقف هو ذلك المنتج والمستوعب والناشر لتلك القيم والمعايير داخل مجتمعه والعامل على ترسيخها وتطويرها والغائها ان تطلبت الظروف التاريخية ذلك.