تحت ظلال الشهر الكريم، وفي أفيائه الايمانية الوارفة.. يتفيأ المسلمون في كل بقاع الدنيا بما يحمله من اجواء روحانية تغري بالسمو عن الصغائر، والتشبث بمكارم الاخلاق، ولين الجانب، ولطف المعشر، والانصراف الى العبادة طلبا للرحمة والغفران، لذلك نرى كل هذه المعطيات تنعكس بشكل ايجابي على تصرفات وسلوك الناس، ممن يخافون الله، ويرجون ثوابه، ويخشون عقابه، فينصرفون الى عمل الخير بشتى ألوانه واشكاله، وقلوبهم مطمئنة الى رحمة الله وغفرانه، فيزداد رصيدهم من الحسنات اضعافا مضاعفة. لكن بعض الصائمين يتجاهلون النعم الكثيرة القادمة مع قدوم الشهر الكريم، وكأن هذا الضيف العزيز لاقدر له عندهم والعياذ بالله، فلا يمنحونه ما يستحق من التكريم، ولا يولونه ما يستحق من العناية، فيمرون عليه او يمر عليهم دون ان تستيقظ في نفوسهم الرغبة في الاستفادة من هذا الضيف العزيز، واستغلال ايامه ولياليه في تجنب الموبقات، والانصراف على عمل الخيرات، والتركيز على العبادات. وبعض الصائمين ايضا لايجدون في الشهر الكريم سوى انه فرصة للاقبال على انواع جديدة من المأكولات والمشروبات، لم يتذوقوها طوال العام، فيقبلون عليها في رمضان بنهم الحيوان الجائع، لابروح العبد الطائع. وبعضهم لايجد في رمضان سوى هذه المسلسلات التي تبثها الفضائيات العربية لتشغل الناس عن العبادات، وتشغلهم عن واجبات الصيام وشروطه، لأنهم ينصرفون اليها عما سواها، وان كان من المهمات الاساسية في حياتهم، فهذه المسلسلات لها اولوية كبيرة لديهم، تفوق الاولويات الشرعية مع الاسف الشديد، وهؤلاء قد تبلدت احاسيسهم، وانعدمت مشاعرهم تجاه حقوق وواجبات هذا الشهر الكريم. ان الانشغال بتوافه الامور عما هو أهم وأجدى، وانفع في نتائجه في الدنيا والآخرة. هذا الانشغال دليل على الضعف، فأين قوة الايمان؟ واين الغيرة على الدين الحنيف؟ وأين تكريم هذا الشهر الفضيل، الذي كرمه الخالق عندما أنزل فيه القرآن، وكرمه بليلة القدر، كما كرمه بالانتصارات التي حققها المسلمون في رمضان، فغيرت وجه التاريخ. وقوة الايمان هي ما يحتاجه المسلمون لمواجهة الضعف والانهزام والدعة والخمول. والتغلب على الانكسارات المتوالية، في اكثر من مكان من عالمنا الاسلامي الكبير.