حيا معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الامين العام لرابطة العالم الاسلامي حجاج بيت الله الحرام، المتوجهين للوقوف على صعيد عرفات وحيا شعوب الامة الاسلامية ودعا الله ان يتقبل من حجاج بين الله الحرام هذا النسك العظيم، الذي فرضه الله على الناس بقوله: (ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا). جاء ذلك في رسالة وجهها معاليه الى حجاج بيت الله الحرام، والى قادة الامة المسلمة وشعوبها في يوم عرفة دعا فيها الى استلهام المعاني السامية العظيمة لشعيرة الحج، والى وقفة لمراجعة الذات، والتعرف على ما في الحج من معان ومبادئ تؤصل في حياة المسلمين روح الاخوة والوحدة والتضامن والقوة وقال معاليه في رسالته: لابد لنا نحن المسلمين ان نعلم العالم اجمع ان امتنا الاسلامية العظيمة قدمت عبر القرون للانسانية خيرا عظيما، وذلك عندما كانت تحتكم الى الشريعة الاسلامية الغراء، ولابد للامة ان تعود اليوم الى مرجعيتها في التشريع والاحتكام الى كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في جميع شؤون الحياة، واكد معاليه ان ما عانت منه الامة من تخلف وانحسار بعد تلك القرون الزاهرة كان بسبب ابتعادها عن شريعة الله مما أدى الى جرأة اعداء الاسلام على بعض شعوب الامة وحذر معاليه من استمرار تعرض الامة للمخاطر اذا لم تأتمر بامر الله الذي به يكون الاعتصام والمنعة والقوة: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) آل عمران 103. وتوقف معاليه عند عدد من القضايا الساخنة في الساحة الاسلامية وعلى رأس هذه القضايا قضية القدس والمسجد الاقصى، مشيرا الى ان سلطات الاحتلال الاسرائيلي تقتل في كل يوم عددا من ابناء فلسطين، كما انها مازالت تعمل على تهويد مدينة القدس، وتخطط لهدم المسجد الاقصى اولى القبلتين، واكد ان رابطة العالم الاسلامي التي يؤلمها ما يحدث في فلسطين اشد الالم تتابع الانتهاكات الظالمة التي ترتكبها السلطات الاسرائيلية التي تجتاح قواتها المدن، وتهرق الدماء، وتهدم بنى المجتمع المدني، مشيرا كذلك الى ان التقارير التي تلقتها الرابطة تؤكد ان السلطات الاسرائيلية تمهد لهدم المسجد الاقصى من اجل بناء الهيكل اليهودي المزعوم مكانه، فقد حفرت الانفاق تحت اساساته وجدرانه، وتمت مصادرة الاراضي الموقوفة التابعة له، مما يعد انتهاكا صارخا لكل المواثيق والقرارات الدولية التي تمنع اسرائيل من احداث اي تغيير في الاراضي التي احتلتها عام 1967م بما فيها مدينة القدس، وها هي اليوم تسعى الى جعل القدس عاصمة للدولة الصهيونية، وازاء هذا اهاب د. التركي بقادة المسلمين ان يتخذوا المواقف الحازمة المناسبة لمنع اسرائيل من استمرار اغتصابها لمدينة القدس وايقاف انتهاكاتها واعتداءاتها واحداثاتها فيها، لتعود القدس عربية اسلامية كما كانت عبر التاريخ الاسلامي المجيد، ولتكون عاصمة دولة فلسطين المستقلة. واعرب معاليه في الرسالة عن قلق الشعوب والاقليات والمنظمات الممثلة في الرابطة للتوتر الدولي الحاصل بشأن ازمة العراق، وقال: ان الامة المسلمة لا ترغب في الحروب، وان شعوبها تدعو الى حل سلمي لهذه الازمة وابان معاليه ان رابطة العالم الاسلامي تؤيد المبادرات السلمية التي تنادي بها جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الاسلامي والمملكة العربية السعودية. وحول ما يستفاد من الموقف العظيم في عرفات قال د. التركي في رسالته: ان رابطة العالم الاسلامي بمناسبة يوم عرفة تدعو جميع حكومات العالم ومنظماته الى التعرف على مبادئ حقوق الانسان في الاسلام والتي تضمنتها خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وقال: انه منذ نيف واربعة عشر قرنا اعلن نبي الامة محمد صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع، حرمة القتل وحرمة الظلم وحرمة اراقة الدماء تكريما للانسان وحماية له وضمانا لحقوقه فقال: (ان دماءكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام) وذلك الى جانب ما تضمنته خطبته صلى الله عليه وسلم من توجيهات عظيمة، تقوي المجتمع الاسلامي وتصوغ بنيته الروحية والاجتماعية والسياسية والتربوية والاقتصادية وشؤون الاسرة والمرأة واكد معاليه ان الامة الاسلامية اليوم في أمس الحاجة للاستفادة من ذلك التوجيه النبوي الكريم ليعم السلام ديار الاسلام والعالم اجمع. واوضح ان الامة تواجه الى جانب مشكلاتها الداخلية تحديات دولية خارجية يظهر بعضها في الهجمة على دينها، والحملة على حضارتها، بالاضافة الى تحديات عامة اوجدها تيار العولمة الذي يستهدف شخصية الانسان وثقافته وفكره بل ويستهدف عقيدته كذلك وقال: ان رابطة العالم الاسلامي وضعت خطر هذا التيار في حسبانها، وهي تتابع الحملات الاعلامية التي تسعى الى عرقلة حوار المسلمين مع اتباع الحضارات والثقافات الاخرى، وشدد معاليه على ضرورة قيام مؤسسات للعمل الاسلامي المشترك بين الجهات الرسمية الحكومية والمنظمات والهيئات الشعبية في العالم الاسلامي، وقال: لا يخفى على قادة الامة المسلمة ما للتعاون بين الحكومات والشعوب من منافع عظيمة تعود على المسلمين بخير عظيم، كما لا يخفى ان الاسلام وما فيه من تشريع هو الضامن الوحيد لحماية الامة المسلمة من جميع المخاطر المستجدة في الساحة العالمية وبناء على هذه الحقيقة فانه ينبغي على الحكومات والمنظمات الرسمية والشعبية ان توجد مؤسسات مشتركة قوية وشاملة، في مجالات العمل الاسلامي المشترك. وبين معاليه ان رابطة العالم الاسلامي اصدرت العديد من النداءات والبيانات والمذكرات بشأن العمل الاسلامي الجماعي ابدت فيها المبادرات التي تفيد في حل مشكلات الامة، ومنها مبادرة المملكة العربية السعودية لاصلاح اوضاع الامة العربية، والدفاع عن مصالحها، ودعا معاليه شعوب الامة الاسلامية الى الوقوف صفا واحدا الى جانب المبادرات الحكيمة الواعية التي تسعى الى التضامن والتعاون والوحدة والدفاع عن الاسلام وشريعته العادلة. وفي ختام رسالته قال د. التركي: لقد شهد التاريخ ومازال يشهد ان توجيهات النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع اتت اكلها يانعة، حيث تربى عليها جيل الصحابة رضوان الله عليهم فكانوا حماة الاسلام ودعاة السلام وتظل هذه الاسوة نبراسا لأمتنا في هذا العصر، فهي اسوة الخيرية التي وصف بها الله هذه الامة الوسط، وجعل امرها كله وسطا لا افراط ولا تفريط ولا مغالاة او جنوح، ولا تهاون او غلو.. وانما منهاج الاسلام الوسط الذي اختاره الله للامة المسلمة: (وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) البقرة 143.