عندما شن صدام حسين حربه على الكويت فضل الجندي العراقي جمعة جابر المخاطرة بحياته والفرار من الجيش على ان يقاتل اشقاءه فكان جزاؤه قطع اذنه اليمنى ليكون عبرة للاخرين. ويتجول جابر في شوارع بغداد التي عمتها الفوضى في اعقاب سقوط نظام صدام حسين ولكنه لم ينس معاناته خلال12عاما من المعاملة الوحشية التي تلقاها نتيجة قراره الفرار من الجيش. ويلاحظ من يرى جابر اختفاء اذنه اليمنى والتي كانت ثمنا لفراره من الجيش وهي العقوبة التي كانت تطبق على كل من يفر من الجيش ليكون عبرة لمن يفكر في الاقدام على هذه الخطوة. ويقول جابر (35 عاما) وهو يشير الى اذنه يستطيع الجميع ان يرى ما حصل لي بسبب ما فعلته. ثم يبرز جابر بطاقة هويته الحمراء اللون بدلا من اللون الاسود المعتاد لاظهار انه فر من الجيش ايضا. ويوضح جابر كنت مجبرا على ابراز البطاقة في اي مكان كنت ابحث فيه عن عمل. وكنت احاول العثور على اي عمل حتى كعامل بسيط. لكن لم يقبل احد توظيفي بسبب البطاقة. ويؤكد جابر انه امضى ثلاث سنوات في السجن فور القبض عليه وكشف لنا عن ستة اثار للتعذيب على بطنه خلال فترة سجنه. الا ان نظام صدام على ما يبدو لم يكتف بمعاقبة جابر فقط بل قام بسجن افراد عائلته المكونة من11شخصا لفترات تصل الى ستة اشهر. ويقول جابر لوكالة فرانس برس بينما كان يتجول في منطقة قريبة من مستشفى فلسطين وسط بغداد انه يأمل الالتقاء بمحمد الزبيدي الذي نصب نفسه رئيسا للجنة التنفيذية في المدينة ووعد بمساعدة كافة المواطنين. ويضيف جابر قال الزبيدي ان على كل من لديه مشكلة ان يأتي لرؤيتي، ربما كان بامكانه مساعدتي. الا انه لم يستطع تجاوز القوات الامريكية التي تحرس الفندق ولم يكن متأكدا من انه سيتمكن من تجاوزها في المستقبل. ويبدو جابر بجلابيته المهلهلة ووجهه الذي خلا من اي تعبير رجلا مهزوما. وكان يسير الى جانبه رجل فقد هو الاخر اذنه اليمنى ومر بتجارب قاسية كذلك. ويقول محمد شنان (32 عاما) انه فر من موقعه كحارس في الجيش العراقي بالقرب من الحدود الايرانية قبل شهرين. ويوضح لم اكن اريد القتال ضد الامريكيين. لم اكن ارغب في القتال ابدا. ويضيف محمد الذي كان يرتدي حذاء مهترئا برز منه اصبع قدمه المتسخ ان فراره من الجيش مؤخرا كان ثاني محاولة يقوم بها للفرار اذ انه حاول الفرار عام 1991 خلال الغزو العراقي للكويت بعد عامين على تجنيده في الجيش العراقي. ويقول ذهبت لزيارة عائلتي لمدة يومين ولم اعد الى الجيش. الا انه تم القاء القبض عليه بعد فترة قصيرة وقطعت اذنه اليمنى خلال فترة اعتقال امتدت سبع سنوات. ويؤكد محمد انه فقد حاسة السمع بعد قطع اذنه كما انه لا يزال يعاني من الالم في اذنه. وعلى عكس جابر فقد امر محمد بالعودة الى الجيش بعد اطلاق سراحه. ويقول محمد واصفا عودته للجيش كان ذلك مروعا. لم يكن لدينا طعام او مال. ويؤكد جندي عراقي سابق في بغداد يدعى حيدر علي انه في ظل نظام صدام تم اجبار كافة الذكور الذين تتراوح اعمارهم بين17و55 عاما على الالتحاق بالجيش خلال فترة الحرب. ويقول حيدر انه رغم عمليات الترهيب المروعة لم يلتحق سوى عدد قليل من الناس بالجيش في الفترة التي سبقت الحملة العسكرية الامريكية على العراق التي اطاحت بنظام صدام حسين مقارنة مع حرب عام 1991 على الكويت والحرب الايرانية العراقية (1980-1988). ويوضح علي الجيش كان اضعف بكثير (قبيل الحرب الامريكية على العراق) بسبب المعاناة والفساد. ويضيفلم يكن الجنود يحصلون على اية اموال لان الضباط الكبار كانوا يستولون على الاموال.