سعادة رئيس التحرير المحترم ازاء ما تتعرض له بلادنا وما نقرأه من نعم الله تعالى على هذه البلاد ان جعلها رائدة للعمل الإسلامي، ومحط أنظار الأمة الاسلامية من شرقها الى غربها ومن شمالها الى جنوبها، ومن منطلق هذه النعمة حملت المملكة منذ دولتها الأولى على يد الإمام محمد بن سعود، والإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب على عاتقها مسؤولية الدعوة الى الله ونشر دينه الحنيف فقد قال تعالى: (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة.. الآية) فأرسلت الدعاة الى جميع أنحاء المعمورة، لينشروا دين الله الحنيف وأنشأت المؤسسات المختصة لهذه المهمة، وتطورت هذه المؤسسات حتى صدر الأمر السامي الكريم عام 1414ه بإنشاء وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، التي عملت على تكريس جل امكاناتها في هذا السبيل سبيل الدعوة الى الله فكثفت العمل الدعوي من خلال زيادة عدد المكاتب التعاونية في الداخل، والمكاتب والمراكز الدعوية في الخارج، وأرسلت الدعاة وطبعت الكتب والأشرطة بلغات مختلفة حتى توصل دين الله الى العالم أجمع بكافة اللغات. ومع التطور الحاصل في التقنية والاتصالات بدأت المملكة تواجه حربا جديدة لم تواجهها أي دولة أخرى وهذه الحرب هي حرب فكرية وليست حربا بالسلاح، حرب اعتمدت على تشويش فكر الشباب المسلم وتشكيكهم بالقيم الإسلامية، والمشكلة العظمى أنهم استطاعوا ان يؤثروا في أفكار بعض أبناء أمتنا. ولمواجهة تلك الحرب لابد من تكاتف الجميع من مختلف الجهات الحكومية والمؤسسات والهيئات الأهلية، ومن أكبر تلك الوزارات استقطابا للشباب واحتضانها لهم هي وزارة المعارف المشرفة على تعليم شباب وشابات هذه البلاد من الصف الأول الابتدائي الى نهاية المرحلة الثانوية، فالشباب يدخل المدرسة وهو طفل ويتخرج من سلك التعليم العام وهو في بداية مرحلة التمييز وانقضاء مرحلة الطيش فاذا استطعنا ان نقوم فكره، ونوجهه التوجيه السليم فانه بمشيئة الله لن ينحرف وراء هذه الأفكار الواهية المدمرة، اما عن كيفية تقويم الفكر فهناك عدة طرق من ضمنها تطوير المعلم بجميع مراحل التعليم خصوصا معلمي المواد الدينية لأنهم يعتبرون في الواجهة أمام هؤلاء الشباب والأطفال فاذا كان المعلم لديه القدرة على جذب هؤلاء الشباب اليه وترغيبهم في الاستماع له فسيكون له أكبر الأثر في ايصال المعلومات التي يستهدفها، أما خلاف ذلك حين لا تتوافر فيه تلك المواصفات فان علاقته بهم سوف تنتهي بانتهاء الحصة الدراسية، بالاضافة الى ذلك فان بعض المدرسين يضطر الى التوسع في الشرح الذي قد يفوق استيعاب الطلاب وبذلك يكون التأثير عكسيا على الطلاب. وفي هذا الجانب استشهد بما قاله معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد في اللقاء الذي أجري معه في احدى الصحف في 23/8/1422ه من وجوب وجود كتاب معلم لمعلمي المواد الدينية. وكما هو معلوم فان وزارة المعارف خصصت حصة دراسية اضافية من كل يوم ثلاثاء في الأسبوع وهذه الحصة خصصت للنشاط المدرسي، فنناشد الوزارة وعن طريق إدارات التعليم بالمناطق والمحافظات بالتنسيق مع فروع وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد بمناطق المملكة بخصوص جعل حصة شهرية لكل مدرسة يأتي فيها أحد الدعاة لالقاء محاضرة على طلاب المدرسة، فهذه الخطوة سيكون لها بإذن الله مردود ايجابي على هؤلاء الشباب. اما الجهة الأخرى التي لديها جمهور كبير فهي وزارة الاعلام ممثلة في التلفزيون السعودي بقناتيه والإذاعة والصحف، فالتلفزيون يعتبر وسيلة دعوية جذابة اذا أحسن استخدامها فعن طريق التلفزيون نستطيع ان نقوم بنقل المحاضرات المقامة في المساجد وليس شرطا ان يكون هذا النقل مباشرا ولكن تسجل هذه المحاضرة ويتم بثها في وقت آخر، وكذلك تكثيف البرامج الدعوية التي ليست بالقليلة ولكن قد يكون لبعض تواقيتها سبب في عدم متابعة الناس لها، اما الوسيلة الثانية من وسائل الإعلام وهي الصحافة التي نجد انها تستعرض أحيانا نشر أخبار عن فنانين وفنانات والمطرب الفلاني طلق زوجته والممثلة الفلانية تزوجت، أهذه ثقافة؟ ونجد أحيانا خبرا عن مطرب أمريكي او فرنسي قام بحلاقة شعره بطريقة معينة، فهذه الصفحة لا يمكن ان تسمى ثقافة بل احرى ان يطلق عليها سخافة. أما الجهة الثالثة التي لا يستغنى الناس عنها اطلاقا ولا يقل اقبال الناس عليها عن وزارة الاعلام ووزارة المعارف فهي وزارة المواصلات التي تشارك بجهود مقبولة او جيدة نوعا ما في سبيل الدعوة فقد نشرت الكثير من الأدعية على طرق السفر وهي وسيلة دعوية جيدة وتشكر عليها. اما دور القطاع الخاص ورجال الأعمال فيعد من الأدوار المهمة في تفعيل والمساهمة في الدعوة الى الله فرجال الأعمال يجب عليهم ان يقفوا في وجه هذه الحملة الشرسة على الإسلام. أما عن كيفية وقوفهم في وجه تلك الحملة فهناك عدة طرق من ضمنها انشاء قنوات تلفازية دعوية ذات منهج سليم يشرف عليها نخبة من أصحاب الفضيلة العلماء وكأنني أرى بوادر تدشين قناة من هذا النوع ولكن هذه القناة لن تكفي وحدها بل يجب وجود العديد من القنوات وبلغات مختلفة. وفي حالة عدم اتجاه رجال الأعمال الى إنشاء قنوات فضائية فأقل شيء يقدمونه للقنوات التي تؤدي رسالة إسلامية ودعوية تخدم أبناء الأمة وتغنيهم عن بدائل أخرى هو الدعم لأن هذه القنوات لن تستطيع الاستمرار بدون دعم ونقصد الدعم المادي والمعنوي والدعم المادي ليس شرطا بتقديم المال ولكن هناك العديد من الطرق التي تفيد الطرفين ومن أهمها تقديم الاعلانات التجارية التي سوف تزيد من دخل تلك المحطة وسيساعدها على الاستمرار. وقد يتساءل البعض وهل هذه المحطات العربية الفضائية لا يوجد بها من يقوم بهذا الدور نجيب ان هناك من يقدم بعض البرامج الدعوية الجيدة ولكن المصيبة ان بعد هذا البرنامج يتم عرض فيلم او مسلسل ليس له أي هدف إلا الإغراء، ورغم وجود بعض المحاولات من بعض فاعلي الخير لتقديم رسالات دعوية إلا انها تعتبر خجولة نوعا ما فهناك ما يسمونه الناس هذه الأيام دعاية وهي ليست دعاية بل انها رسالة دعوية فعالة تؤثر فيمن يراها ولكن للأسف نجد هذه الرسالة تعرض أحيانا بين أغنيتين. وهنا أتقدم بهذا المقترح البسيط الذي أتمنى ان يجد من ينفذه او يدخل عليه بعض التعديلات ويتبناه ليتم تنفيذه وهو إنشاء صندوق وقفي لدعم الدعوة عبر وسائل الاعلام والانترنت، فنتمنى ان يتم انشاء هذا الصندوق ومخاطبة رجال الأعمال لدعمه وفتح باب التبرع ويتم استثمار ريع هذا الصندوق لانشاء محطات فضائية اسلامية هادفة وبعد ان يتم المشروع وتستطيع المحطة ان تسير أمورها المادية عن طريق الاعلانات التجارية يتم وقف هذا الدعم والبدء بمشروع آخر. وهنا أود ان أشير الى جهود وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد حاملة لواء الدعوة في المملكة العربية السعودية فهي توفر كل ما من شأنه دعم الدعوة والدعاة ومحاولة تسهيل الصعوبات لديهم وخدمة الاسلام والمسلمين في كل مكان، فقد أعلن معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ عن انشاء مركز اعلامي دعوي وهذا المركز هدفه انتاج برامج دعوية ذات منهج سليم وتستطيع المحطات الفضائية ان تستفيد من هذا المركز من خلال البرامج التي سوف ينتجها هذا المركز، فقد سهلت الوزارة من الجهد المبذول لدى هذه المحطات فهذه المحطات ما عليها إلا التنسيق مع الوزارة للحصول على هذه البرامج. عبدالله بن حمد الحلوة