الرياض-الوئام: قال الكاتب علي سعد الموسى في مقاله بصحيفة الوطن إن حجبنا مسلسل طاش فلن نستطيع أن نحجب الحقيقة أن في كل حياتنا اليومية من – تلفزة الواقع – ما هو طاش طائش في كل شيء: في الفساد وفي العنف، وفي الرشوة وأيضاً في أمراض التطرف وحتى في نفاق الليبرالية. واعتبر توقف مسلسل طاش خسارة، بسبب غياب الاحتشاد النقدي من الأدبيات المكتوبة أو المحكية عن المسلسل لأنه كان يهز عروش مصالحنا أو مصالح بعضنا أو نفعيتنا. لمطالعة المقال: هزيمة (طاش) في الغياب القسري لإطلالة (طاش ما طاش) السنوية، غاب كثير من الجدل واختفت مساحات كبرى من النقاشات والمداولات الساخنة التي كانت تحركها بضع حلقات منه. والذين كانوا يشكون صداعه قد لا يعلمون أن المجتمع في غيابه ينام على وسادة التخدير، فالمجتمعات التي تؤجل نقاش قضاياها الساخنة مثل المريض الذي يستمرئ المهدئات خوفاً من ساعة الجراحة.نعم، هزموا (طاش) بعد أن كان للجميع موعداً سنوياً لفضح ما كان تحت الستار من ممارساتنا في كل شيء. نحن حتى وإن حجبناه فلن نستطيع أن نحجب الحقيقة أن في كل حياتنا اليومية من – تلفزة الواقع – ما هو طاش طائش في كل شيء: في الفساد وفي العنف وفي الرشوة وأيضاً في أمراض التطرف وحتى في نفاق الليبرالية. نحن بجملة مختصرة نعيش مسلسلاً حياً من (طاش) وفي كل العام، ولكننا نرفض منه حلقة شاردة بالتمثيل لربع ساعة في يوم من شهر من عام. لم يترك (طاش) جرحاً واحداً من جراحنا الكبرى والصغرى إلا ونثر فوقه الملح، ومع هذا هزمناه أخيراً واحتفلنا بهزيمته لأنه تجرأ في مرات معدودة وشاردة أن يفتح الجمجمة لينثر الملح على جرح العقل. وأنا اليوم لا أفتقد (طاش) كفكرة ترفيهية فأنا – جادٌ – بامتياز مع التلفزيون ومهووس حد الجنون بنشرات الأخبار. لم أكن أتابع جديده قدر متابعتي لحواشي النقد الثقافي معه أو ضده بين التيارات الاجتماعية. نحن خسرنا بهذا الاحتشاد النقدي من الأدبيات المكتوبة أو المحكية عن (طاش) أكثر من خسارتنا، بل أضعافها من فكرة مسلسل. ومع أمراضنا الاجتماعية المختلفة، أجزم أن المخلصين لها وحولها يخسرون أشياء كبرى وأرقاماً أكبر من قائمة رصيدهم الاجتماعي. نحن مجتمع يتلذذ بالتشفي من وعلى تجربة – الفاشل – مثلما يرقص طرباً بهزيمة الناجحين منه، وسأكتب عن هذه الجملة الشاردة فيما بعد. مجتمع يحول كل قصة اجتماعية إلى شأن فردي ثم يظن وهماً أنها قصته الشخصية. نحن هزمنا (طاش) لا لأنه يفتح من جروحنا ما لم (يأخذ منها بطرف) فحسب، بل لأنه هز عروش مصالحنا أو مصالح بعضنا أو نفعيته. وإذا كانت الأمراض الاجتماعية أشبه ما تكون بالجروح، فإن لكل (جرح) ديدانه التي تقتات عليه، ويهمها أن يبقى الجرح حياً بدلاً من رشة ملح.