تركي الحربي بعد موافقة وزارة الثقافة والإعلام على إصدار تراخيص لدور السينما أصبحت هنالك مسؤولية على الفنانين بالمملكة، وهي أنه ليس من المعقول أن تعرض دور السينما بالمملكة أفلاما من هوليوود وأفلاما أوروبية ومن آسيا وحتى الأفلام العربية، والسعوديون لا يكون لهم أي بصمة سينمائية، خصوصا أن جميع المقومات متوفرة لصناعة سينما سعودية متميزة تليق باسم المملكة ومكانتها، وهناك كفاءات وطنية من ممثلين وسيناريست ومصورين محترفين ومتخصصين بالإنتاج والإخراج السينمائي، والأهم هو الدعم الشامل والتشجيع الكبير من القيادة الرشيدة التي كان لها المبادرة بإنشاء جمعيات وهيئات ومراكز حكومية وأهلية تدعم الإبداع والتميز. يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار بأن لا تكون البداية في صناعة السينما السعودية بداية خجولة ومتواضعة، بل يجب أن تكون بداية قوية تعكس احترافية عالية، وأن تبدأ السينما السعودية من حيث انتهى الآخرون لا من حيث ابتدؤوا، وعلى صناع السينما بالسعودية التخطيط والتفكير لهدف التفوق والتميز للمنافسة في شتى المهرجانات والجوائز السينمائية العالمية وليس للتواجد فقط! لأن المجتمع السعودي يزخر بكم درامي كبير جدا من الكوميديا والتراجيديا، تفتح شهية أي كاتب للنقد ومعالجة قضايا محلية، وكذا للكتابة الكوميدية وصناعة الضحكة من مواقف محلية اجتماعية، وأيضا بالكتابة التاريخية لنقل صورة تاريخنا القديم والمعاصر على الشاشة الفضية لأجل تخليدها، لذا فإن ثقافة المجتمع السعودي هي أرض خصبة لكل كاتب وفنان ومخرج مبدع، لصناعة أفلام تعكس تطور وحضارة المملكة وشعبها الذي لم يتم في السابق مخاطبته عن طريق الشاشة الفضية، لذلك لن تجد مثيلا لثقافة المجتمع السعودي حتى في ثقافات شعوب المنطقة والدول المجاورة، هذا بما تتمتع به المملكة من خليط اجتماعي وتنوع ثقافي، وما يتميز به الشعب السعودي من حيوية الشباب والحس العالي للفكاهة. السينما هي أجمل صورة يتم فيها النقد والتوجيه والتسلية، وهي كما أرى أفضل من كتاب أو مقال أو عمل تلفزيوني متواضع وأفضل حتى من الأعمال المسرحية، ذلك لأن الجمهور السعودي حاليا ليس جمهور مسرح! بسبب أنهم يملكون حسا فكاهيا عاليا لا يحتمل كرسي المسرح، وبتواضع الحركة المسرحية بالمملكة فإن الفن السابع هو الحل والبوابة للإبداع الفني، إلى أن يؤسس معهد عال للفنون المسرحية ينتج كوادر أكاديمية تؤسس فرقا مسرحية متمرسة ومتمكنة بالتمثيل والديكور والإخراج والموسيقى وغيرها من الفنون المسرحية، لتقديم مسرح سعودي متكامل وليس بدائيا كما هو الحال عليه الآن. وعلى النقيض تماما فإننا نجد عند الشباب السعودي تعطشا كبيرا للسينما، وفي هذه الفرصة التي سمحت بإصدار تراخيص لدور السينما بالمملكة وصناعة سينما سعودية متميزة، سينتج من ذلك جمهور مثقف ولديه حس عالٍ للنقد الفني، وليس غريبا على الجمهور السعودي، فهو متذوق للفن بشكل عام وبشهادة كثير من فناني العرب والخليج الذين كان من ضمنهم المرحوم عبدالحسين عبدالرضا، فقد امتدح وشكر الجمهور السعودي في أكثر من لقاء. أتمنى بألا يكون شكل السينما السعودية مثل شكل وتواضع الدراما السعودية بالتلفزيون، والتي تكللت بأخطاء فادحة في البداية، وأخطاء أدهى وأمر من بعد الفضائيات والتخصيص وشركات الإنتاج المحلية، وقد سببت هذه الأخطاء فشلا ذريعا، بسبب عدم إصلاح أخطاء الماضي، وعدم أخذ الدروس والعبرة منها، مما زاد من الفشل بكثرة المحسوبيات والواسطات وإغفال الموهوبين وقلة الإبداع، وهذا ما جعلها بلا مضمون وبلا هدف تعكس ما تمر به من فشل فني، وللأسف أنها تحمل اسم «دراما سعودية»، واستثني بضع الحلقات والأعمال، مع أن أغلب الكوادر التي قدمت تلك الأعمال، سواء الأعمال الفاشلة أو المستثناة من الفشل، هي كوادر ليست مؤهلة وتقوم على التصنع والتهريج، فهي عاجزة عن الإبداع، أما إذا ضلع المنتجون للتغيير والتجديد فإنه يتم استدعاء «المنقذين»، وهم كوادر من فنانين وفنانات وطاقم تصوير وإخراج يستعان بهم من خارج الحدود، وقد أظهروا لنا الدراما السعودية بشكل أضعف مما سبق، أما سبب فشل هؤلاء (المحترفين الأجانب) فهو بالتأكيد عدم معرفتهم وتمكنهم من الثقافة واللهجة السعودية، وكذلك عدم كفاءة بعضهم. من منطلق إحساسنا بالمسؤولية تجاه هذا الوطن الغالي وخجلنا من كل ما تقدم لنا القيادة الرشيدة من تسهيلات ودعم، أدعو أن يسعى جميع الفنانين من أفراد ومؤسسات وكل صاحب موهبة في التمثيل والكتابة والإنتاج والتصوير والصوت والإخراج، وأي موهبة تخدم صناعة السينما، إلى التعاون على إنشاء الفرق السينمائية وشركات الإنتاج السينمائي الوطنية، للوصول إلى هدف واحد، وهو بناء وتقديم صناعة سينما سعودية تظهر بشكل احترافي وصورة متميزة تليق باسم السعودية ومكانتها العالية.