أكد الفنان ناصر القصبي أن الدراما السعودية خسرت برحيل الكاتب عبدالرحمن الوابلي «فارساً خلاقاً»، رغم قصر المدة التي تعاون فيها معه إلا أن بصمته عميقة ومؤثرة، مشيراً إلى أمرين لافتين في شخصية الدكتور الوابلي، هما تفانيه في العمل واصفاً إياه ب«العجيب» والآخر «شجاعته» في تناول ما تعد أنها خطوط حمراء، جاء ذلك خلال كلمة مسجلة للقصبي بثت في احتفاء بتكريم الراحل الوابلي، نظمه منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء أول من أمس، بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، على مسرح الجمعية، وسط حضور ثقافي وإعلامي وعدد من الشخصيات الاجتماعية، وحضور عقيلة الراحل وأفراد أسرته. أفكار ومواقف شارك في هذا الاحتفاء الذي أداره عاطف الغانم، جعفر الشايب وعبدالله الوابلي والدكتور عبدالسلام الوايل والفنان ناصر القصبي ومنسي حسون والشاعر السيد هاشم الشخص والإعلامي ميرزا الخويلدي، كما تخلل الحفل فيلم تصويري لمقاطع من لقاءات ومقابلات مع المحتفى به، متحدثاً فيها عن بعض أفكاره وآرائه التي كشفت عن غزارة عقله ووافر ثقافته. تحدث راعي منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف جعفر الشايب، قائلاً «إننا نحتفي اليوم بمثقف تنويري تفاعل مع قضايا مجتمعه الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية، مجسداً في مسيرته قيماً إنسانية ومواقف ثابتة، موظفاً ما يمتلك من أدوات في تنمية الوعي الوطني والاجتماعي لمواجهة الفكر الظلامي واتجاهات التطرف عبر طرح أفكار تميزت بالبساطة في العرض والعمق في المضمون، أسهمت في تشكيل وعي نقدي وبناء ضد مختلف أشكال الممارسات الإقصائية». كان مبتسماً دائما تحدث عبدالله الوابلي شقيق المحتفى به عن قربه من أخيه الراحل عمراً وفكراً، حيث أورد بعض قصص الطفولة التي قرأ من خلالها شخصية الراحل التي اتسمت منذ صباه بالصدق ومحبة الناس ومساعدة ذوي الحاجة. كما أشار إلى أن مسيرته الدراسية داخل وخارج الوطن ومن خلال تداخله مع طلبة من خارج بيئته كشفت منذ وقت مبكر عمق الانسجام الاجتماعي لديه وتجاوز الفوارق المصطنعة بين الأطياف في شخصيته، وفي كلمة أخيرة معبرة قال «كان مبتسماً دائما رغم ما كان يعانيه من آلام». المثقف العضوي وصف أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالسلام الوايل الراحل بأنه من القلائل الذين انطبق عليهم مصطلح «المثقف العضوي»، حيث تجلى ذلك في اهتماماته الاجتماعية وكتاباته. فمشاركته حلقات «طاش ما طاش» تركزت على هم الوحدة الوطنية ومنطلقاتها الإنسانية،كما تطرق الدكتور عبدالسلام إلى تحلي الراحل الوابلي بالصدق والعدالة، لأنه تناول بالنقد بعض «التوجهات الليبرالية»، ووصف حضوره الصحفي والدرامي بأنه تجسيد حقيقي لتحمل المسؤولية الاجتماعية. تفكيك العقد ألقى الشاعر السيد هاشم الشخص قصيدة رثاء بعنوان «فقيد المجد»، ليقدم بعده الكاتب ميرزا الخويلدي كلمة استهلها بالقول «لم يترك لنا عبدالرحمن الوابلي لوناً رمادياً نتجادل فيه، كان منحازاً بالكلية والمطلق لقيم العدالة والحرية والمواطنة والإصلاح والحداثة». وأضاف«الراحل كان في ذروة الاشتباك الثقافي مبادراً لتفكيك العقد قبل أن تتحول إلى أزمات، وكان دوره طليعياً في تطوير أدوات الحوار والتفكير المنطقي. قيم وطنية تحدث الصديق المقرب من الراحل الناشط الاجتماعي المهندس منسي حسون عن علاقته بالدكتور الوابلي واصفاً إياها ب«الفرادة لأنها تعمقت بشكل تدريجي بسبب القيمة الفكرية العالية في الحوار بينهما»، وكذلك لما تتمتع به هذه الشخصية من وطنية تجاوزت الحدود المناطقية والعرقية واصفاً وطنيته «بالخيالية». وأضاف أن اشتهاره بكاتب دراما من خلال حلقات «طاش ما طاش» هو تحجيم لشخصيته، فقد كان أكبر من ذلك، حيث كان يتتبع معاناة الناس، ويتفاعل معها بشكل لافت.
