في ثقافة التطرف القديم والحديث كثير من المصطلحات التي ترسخ مفهوم التطرف والعنف وتنظِّر للانعزال عن المجتمع والبراءة من بعض أفراده. ومن تلك المصطلحات على سبيل المثال: "براءة المجتمع الجاهلي المفاصلة الجماعة التكفير العزلة والخلطة...." وهي مصطلحات كثيرة تجدها في ثنايا مؤلفات الجماعات الإسلامية كالإخوان المسلمين وغيرها من التنظيمات المتطرفة، ممن يعيشون على ثقافة ضحلة تتسم بالجهل ومحاولة تغرير الشباب بتلك المصطلحات. لا أعرف دراسة جامعية أو غيرها ركزت على جانب المصطلحات في فكر الجماعات المتطرفة، والتي تبث من قديم وتروج لتلك المصطلحات، وتستدل عليها بشواهد من الكتاب والسنة. أتذكر أحد زملاء الدراسة المتحمسين لجماعة الإخوان أيام الدراسة في الجامعة، الذي فاجأني بأنه جمع الآيات القرآنية التي ذكر فيها كلمة "إخوان" فقلت له: إن القرآن الكريم لم يحدد جماعة بعينها لهذا الوصف وإنما حث على الأخوة بشكل عام، ووجّه إليها جميع المسلمين ليكونوا متحابين متعاضدين، ويدا واحدة وألا يكونوا متفرقين أو متحزبين، والإسلام أعم من أن يحصر في دائرة حزبية ضيقة. توعية الشباب في مقاعد الدراسة بتحديد المصطلحات وضبطها وعدم تنزيلها على واقع معين أو تنظيم خاص واجب المربين في المدارس والجامعات، وإزالة الغبش والانحراف عن هذه المصطلحات التي ربما يكون لها أصل في الشريعة الإسلامية كالجهاد والجماعة، وعلى المشتغلين بدراسة الجماعات المتطرفة أن ينبهوا إلى أخطاء استعمال تلك المصطلحات، وإزاحة الغطاء عن طريقة تحوير المصطلحات الدينية لخدمة أغراض سياسية أو حزبية محدودة. إن دراسة المصطلحات العلمية والشرعية وضبطها وتدوينها وجمعها في كتاب واحد يتم تدريسه وإضافته إلى المناهج الدراسية، لهو مطلب مُلحّ ومهم في يوميات التربية والتعليم، وينبغي أن تعنى به مراكز البحث والدراسات العربية في عالمنا الذي يموج بجماعات غُلوّ تستغل العاطفة الدينية لدى الشباب وتغرر بالجهلة منهم، وتحاول بث التشويش على عقول الشباب في فترة مبكرة من العمر، وعلى الباحثين في الدراسات الشرعية العليا الاهتمام بهذا الجانب المهم في العلوم والمعرفة، خلال دراسات علمية معمقة في بحوث الماجستير والدكتوراه بجامعاتنا العربية، والتي ربما تكون مشغولة في أحيان كثيرة بدراسات نظرية بحتة لا تنسجم مع التطور المعرفي، وواقع المجتمع المدني وتطوره وحاجاته اليومية.