تركيا: رسوم إضافية 40 % على جميع واردات السيارات من الصين    بعد الهزيمة ساوثجيت يحذر لاعبي إنجلترا قبل بطولة أوروبا    الطقس: حار إلى شديد الحرارة على معظم مناطق المملكة    نائب أمير مكة يتفقد العمل بصالات الحج    "أبل" تدعم تطبيق البريد ب "الذكاء"    مقتل صاحب أول صورة ملونة لكوكب الأرض من الفضاء    "قاع الحاج" بالعُلا.. استراحة الحجيج قديماً    بن نافل وناظر والمهيدب يقتربون    الهلال يعلن برنامج تحضيراته للموسم الجديد    الأخضر يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الأردن    "آبل" تخرج بعض إصلاحات "آيفون" من الضمان    سوء التغذية يسبب اكتئاب ما بعد الولادة    الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    بيئة نجران تدشن اليوم العالمي للبيئة تحت شعار "أرضنا مستقبلنا"    تأهّل الحزم والنور والابتسام والصفا إلى نصف نهائي بطولة المملكة لكرة اليد الشاطئية للكبار        الجبير يرأس وفد المملكة المشارك في الحدث رفيع المستوى بشأن العمل من أجل المحيطات    المملكة عضواً في المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) للفترة 2025-2027م    بعثة المنتخب السعودي تزور صالة مبادرة "طريق مكة" بباكستان    100 ألف زائر في كرنفال القادسية الأسطوري    انطلاق الدورة العلمية الكبرى تحت عنوان "التوحيد في الحج"    الدفاع المدني ينفذ فرضية حريق بالعاصمة المقدسة    «هيئة النقل» تنفذ أكثر من 98 ألف عملية فحص حتى بداية شهر ذي الحجة    منصور ابو شهران في ذمة الله    ضيوف المليك: استضافتنا للحج امتداداً لأعمال المملكة الإنسانية    فرع هيئة الصحفيين بمكة ينظم ورشة الإعلام في الحج    «الأرصاد» ينبه من شبورة مائية على محافظة ينيع ومركز الرايس    ضبط (3) مواطنين بالشرقية لترويجهم (5.5) كجم من مادة الحشيش المخدر    نائب رئيس جمهورية جامبيا يغادر المدينة المنورة    بتوجيه ومتابعة الأمير خالد بن سلمان.. «الدفاع» تنهي استعداداتها لدعم خطط الأجهزة الأمنية في الحج    الحكومة اليمنية تدين حملة اختطاف الحوثيين لعشرات الموظفين الأمميين    جامعة الملك خالد تتقدم 160 مركزًا في تصنيف QS العالمي للجامعات 2025م وتحقق المركز 601    بايدن يعتذر لزيلينسكي عن تعليق المساعدات الأمريكية 6 أشهر    فيصل بن مشعل يقدر لامين وأمانة القصيم جهودها في مدينة حجاج البر    «الأحوال»: منح الجنسية السعودية لشخصين.. وقرار وزاري بفقدانها لامرأة    400 مشروع فني وتصميمي لطالبات كلية التصاميم بجامعة الإمام    «أرامكو»: 27.25 ريال سعر الطرح النهائي للأسهم للمكتتبين الأفراد    «ميدل إيست آي»: مقترح «الهدنة» الإسرائيلي لا يتضمن إنهاء الحرب    حظر دخول أسطوانات الغاز للمشاعر المقدسة    اليحيى يُراجع خدمات الحجاج بمطار المؤسس    المفتي: الحجّ دون تصريح "يأثم فاعله"    البسامي يدشن مركز المراقبة على الطرق    زيادة مقاعد برنامج "طب الأطفال" بتجمع القصيم الصحي إلى 100 متدرب    تقارير.. فيرمينو على أبواب الرحيل عن الأهلي    أغنيات الأسى    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    لاعبون بكلية مزروعة    الصيف الساخن يعكر نومك.. 3 نصائح تساعدك    هل نجح الفراعنة في علاج سرطان المخ قبل 4 آلاف عام؟    وزير التعليم يرعى جائزة الفالح للتفوق العلمي والإبداع    "الأخطبوط" عبادي الجوهر.. "أرينا" أكبر تكريم والسعودية نعمة    وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    فضائل الدول الصناعية وعيوب من عداها    «التحيّز».. الداء الخفي    حفلات التخرج.. من الجامعات إلى رياض الأطفال    وقوف امير تبوك على الخدمات المقدمة في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيمفونية قرية
نشر في الوطن يوم 23 - 12 - 2015

"آل خلف".. هذا الاسم له وقعه الرنان في أذني، عندما أسمعه أشعر بمعزوفة موسيقية تفوق إحدى سيمفونيات بيتهوفن.. لا أعلم ما الشعور الذي ينتابني!! العزة! الفخر! الحنين! عشق الثرى! في النهاية أصل إلى جواب واحد: أن هذه القرية جمعت كل هذا لتكون أسطورة رسمتها بمخيلتي منذ الصغر، ولتكون قصة حب هذه القرية العريقة مزروعة بداخلي، سقاها والدي بقصصه ورواياته عن هذه القرية الجميلة، ولم أجد ما يوازي جمالها ورائحة المطر تغازل ذرات ترابها.
وقفت على نهر "التايمز" في لندن وتجولت في "الشانزلزيه" في باريس، وزرت أماكن عدة.. عذرا كل هذا لا أراه يفوق جمال قريتي.. لم أجد هناك رائحة الخزامي ممزوجة بالريحان تحملها نسمة هواء لتعطر الأزقة.. في باريس وجدت أكبر دور للعطور الفاخرة والتي ما إن تخطو خطوات قليلة حتى تختلط بها رائحة الخمور التي تعج من البارات.. هناك أشم رائحة الحطب ولكنها ممزوجة برائحة شواء لحم الخنزير فتتحول إلى رائحة نتنة.. أما في قريتي فتشم رائحة الحطب ممزوجة برائحة الخبز الشهي.. في قريتي أصوات المآذن تملأ المكان وتبعث في النفس الطمأنينة والروحانية.. في ضواحي بريطانيا لا يكاد يخلو شارع من شجرة التفاح اللذيذة، ولكن يصعب عليك قطف تفاحة واحدة خوفا من نظامهم الذي يمنع قطف التفاح، أما في قريتي فأشجار الخوخ والتين متناثرة بين المزارع والكل يستطيع قطفها، حتى العصافير، فأشجارها تعد صدقة جارية لكل مخلوق.
قريتي جمعت الجمال والمعمار الهندسي المتقن والأزقة الآمنة.. جمعت البطولة والشجاعة والعلم والكرم والعزة. رجالها يشار إليهم بالبنان وتضرب بهم الأمثال.. جمعوا الرجولة والحكمة والأصالة، وعقولا تميزهم عن الآخرين.. لا يكادون يخطون خطوة إلا بتدبير مسبق، يستثنون من ذلك مواقف "الفزعات" لأنك تجدهم في لمح البصر.
نساؤها لا يختلفون في حزمهم عن الرجال، لكن يغلب عليهن الطابع الأنثوي.. جمالهن ساحر، ويزداد كل ما تقدم بهن العمر، وبيوتهن يحولنها إلى تحفة فنية غاية في الأناقة والذوق.. يجمعن الأدب والعقل والرزانة والعلم، ويحملن طابع فتيات القرية ذوات القلوب النقية.. وأطفالها مزيج من المرح والجمال والبراءة التي يفتقدها أطفال هذا العصر.
ولكن كل ذلك اليوم؛ بدأ ينهار في قريتي.. هذه هي القرية التي عرفتها في الماضي، فماذا بقي منها الآن؟
أهلها ودعوا القناعة، وفارقوا الوداعة، وبعضهم هجرها إلى المدينة. استبدلوا ماديتها بروحانيتهم، وقلقها المزمن بطمأنينتهم، وبعضهم مكثوا فيها وتقاعسوا عن خدمتها، وأرادوا أن يجعلوها مدينة مصغرة، فأحالوا ترابها قارا، وخضرتها أحجارا، وجعلوا بينهم وبين الطبيعة ستارا، فتسمم هواؤها وغاض ماؤها. لقد تهالكت قلاعها -رمز بطولاتها- وتكاد تسقط لولا البقية الباقية التي آلت على نفسها أن تحميها، فهل تراها تستطيع؟
بوفاة والدي بدأت قريتي بالانهيار بالنسبة لي، فلقد كان يروي عشقي لقريتي برواياته عنها، ويحكي لي قصص بطولاتها، ويردد على مسامعي أهازيجها بألحان مختلفة. رسمها في عيني بأجمل صورة. وعند وفاته نبض نهر المعلومات التي كنت أنهل منه تاريخ قريتي، وبعده رأيت الكثير من كبار القرية، رجالا ونساء، تأخذهم المنية ويذبل مع رحيلهم جمال القرية، من قصص وقصائد وروايات. حزنت عندما رأيت المقابر تستضيف كل يوم ضيفا جديدا من قريتي، ماتوا وقد خلفوا وراءهم قرية وضعت بصمتها في كل مجال، وذاع صيتها حتى وصل إلى العنان.
سأورث حب هذا المكان الذي سكن بين أضلعي لأبنائي بإذن الله.. وسأظل أحكي روايات وقصائد أبي للأجيال القادمة، لتبقى هذه القرية جميلة كما عهدتها، وستبقى كذلك في عيون الأحفاد كما رسمها الأجداد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.