منذ قديم الزمان وأجدادنا وأسلافنا الأوائل يبنون الحضارات، منها ما هو شاهد لهم وعليهم إلى يومنا هذا من آلاف السنين، ولا تزال اكتشافات آثارهم وما كانوا عليه حينها تبهرنا إلى يومنا هذا. الحضارة هي تلك التركة الثقيلة التي يبنيها الإنسان بمعاونة غيره ويتركها لمن بعده حتى يواصل عليها ويسعى إلى تطويرها وترويضها، وفق حاجاته وظروفه التي تحيط به وتكون معينة له في حياته، وكل حضارة كان أصلها صراعا مع الحياة للبقاء على قيد الحياة. وما وصل إليه العالم اليوم من ثورة فاقت وتجاوزت حد الوصف ولا تزال وبشكل متسارع في الانتشار والتطور على كل الأصعدة من اتصالات وطفرة في المعلومات وشبكة المواصلات، التي باتت تربط بين القارات برا وجوا وبحرا ما هي برأيي إلا حضارة الزيف والوهم، ما لم يتم إيجاد ما يجعلها حضارة لا تندثر كبقية الحضارات على مر الزمان. فعلى سبيل المثال وسائل النقل التي بين أيدينا وعلى اختلافها ما هي إلا خردة بدون وجود ما يحركها من وقود ونحوه، والأجهزة الإلكترونية لا فائدة منها في غياب الكهرباء التي لو انقطعت عن العالم لأسبوع واحد فقط لأعادت العالم عقوداً إلى الوراء، وقد أدى ذلك إلى إيجاد حلول لهذه المشكلة عبر توظيف ما يسمى بالطاقة النظيفة، وبناء المدن الذكية التي لا تعتمد على الطاقة التقليدية في أمور حياتها كالمحروقات والكهرباء، وهذا نوع من صراع البقاء لتخليد الحضارات للأجيال القادمة. وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة الدولة الوحيدة تقريباً في العالم العربي التي أدركت أهمية إيجاد موارد مستدامة للطاقة غير الموارد التي باتت مهددة بالنضوب خلال العقود القليلة القادمة، وهي تسير في هذا المجال بخطى جادة وحثيثة، ومدينة مصدر في أبو ظبي خير دليل على ذلك، فمتى سنرى عالمنا العربي ينهج هذا المسار لكيلا تكون حضارتنا أثرا بعد منظر؟