اللهُ بديعُ السماوات والأرض، أوجد الحياة بقدرته، وجعل من سننه أنها تقوم على الحركة والتجدّد المستمر، فالحياة لا تتوقف، ولا تمنح ثمارها لمن يقف على الهامش؛ بل تمضي في مسارها بدقّة وانسجام كما أرادها خالقها. وفي هذا الكون الفسيح، تتجلى صورة النظام الإلهي؛ فالأجرام السماوية تتحرك وفق مسارات ثابتة، والليل والنهار يتعاقبان بلا خلل، والقلوب تنبض والأنفاس تتردد بين شهيق وزفير، كل شيء يعمل وفق ميزان محكم، يؤكد أن الحركة أساس الوجود واستمرار الحياة. وفي قلب هذا المشهد، يأتي الإنسان الذي ميّزه الله بالعقل، ومنحه قدرات تمكنه من عمارة الأرض والابتكار وتطوير سبل العيش، وما نراه من تطور تكنولوجي ومعرفي متسارع، شاهد على ما يحققه الإنسان حين ينهض بقدراته، ويستثمر ما أُوتي من إمكانات. لكن في المقابل، هناك من تقاعس وتراجع أداؤه، وغاب عن مواكبة حركة الحياة، فخرج من دائرة الفاعلية والإسهام، بينما أولئك الذين فهموا إيقاع الزمن وعملوا بجد، هم من صنعوا التطور ووضعوا بصمتهم في مسيرة التقدم، ورغم ذلك، يبقى باب العودة مفتوحًا، فالحياة لا تُغلق أبوابها أمام من أراد النهوض، وما دام في العمر فسحة وفي القلب نبض، فإن اللحاق بركب المجتهدين ممكن، متى ما صدقت النية وبدأ السعي.. الحياة تمضي.. ومن أراد مكانًا فيها فعليه أن يتحرك معها.