كان الطالب يرى المدرسة مصدر خوف ورعب، ومن حين دخوله صباحا وحتى خروجه، يعيش حالة ترقب واستعداد لأي تعنيف، تخيل... طالب في المرحلة الابتدائية يتعرض للضرب المبرح، ما أثر ذلك على صحته الجسدية والنفسية، والغريب أن تسمع المعلم يقول: لا نضربه إلا لأجل مصلحته ومستقبله، كلام لا مبرر له، وبعيد كل البعد عن العملية التربوية الصحيحة، في الغرب مثلا أجيالهم صنعت السيارات والطائرات، وأنتجت عقولهم اختراعات غيرت العالم، دون عنف، كيف يبدع الطالب وهو خائف ومشتت، يفقد تركيزه مع كل نظرة من معلمه، العجيب أن المعلمين أنفسهم في تلك الفترة غير مقتنعين بالضرب؛ بدليل أن أبناءهم في المدارس لا يتعرضون مثل أقرانهم للعقوبات الجسدية، ولا حتى النفسية من تهديد وتخويف وانتقاص. لا يعني تلقين الطالب وحفظه للنصوص مجبرا، ومكرها، وخائفا، أنه استفاد من دراسته، كل هذا مجرد حفظ لا يقدم إبداعاً وتميزا مستقبليا؛ بالعكس من تعرض للعقاب الجسدي واللفظي، يعيش حياة غير مستقرة في مستقبله، ويعاني نفسياً جراء ما تعرض له في صغره، علم بذلك أم لم يعلم، وتسمع أحدهم يقول: إذا رأيت المعلم في مكان لا اقترب منه، وهذا ينم عن وضع نفسي خطير، يشكل صورة مخيفة عن المعلم في مخيلة الطالب، ولا نغفل أن ثمة من لم يكمل تعليمه الدراسي بسبب ما تعرض له من ضرب. الآن بعد منع الضرب وكافة وسائل تعنيف الطالب السابقة، تغيرت شخصية الطالب، وبات يناقش، ويسأل المعلم دون خوف، أو توقع عقاب جسدي أو لفظي؛ بالتالي الطالب يذهب لمدرسته، في حالة نفسية مستقرة، قادر على تلقي المعلومات بطريقة طبيعية، حتى العنف بين الطلاب قل بكثير؛ كون الضرب الذي كان يُمارس سابقا، سببا رئيسيا في انتشار العنف بين طلاب المدارس، كردة فعل لما يتعرضون له، وما اعتادوا عليه. أخيراً، تسمع بعض المعلمين يقول بعد منع الضرب لا أستطيع ضبط الطلاب، ولا فرض احترامي، ولا يصغون لي، ولا يهتمون بواجباتهم المدرسية، حقيقة هذه أعذار واهية، لا قيمة لها، فقط للتنصل من المسؤولية، وكرد فعل على منع الضرب، الذي يعد أسهل وسيلة لإسكات الطلاب وتخويفهم، وربما البعض يجد متعته في هذا النوع من التعنيف، وهناك من وصل لمرحلة عجيبة مفادها اسمحوا لي بتعنيف الطالب، أو لن أعلمه بالشكل الصحيح، ولا ننسى أن نقول شكراً وزارة التعليم، على هذا القرار الذي جعل أطفالنا يذهبون لمدارسهم مطمئنين، فرحين بيومهم الدارسي، ولا يضعون أيديهم على قلوبهم في فصولهم منتظرين على أحر من الجمر نهاية اليوم الدراسي.