بلغ عدد القضايا التي استقبلتها فروع جمعية حقوق الإنسان في 9 مناطق 440 قضية. وبالمقابل، فاق عدد الذكور عدد الإناث؛ إذ بلغ عدد المتقدمين بالشكوى 235 ذكرًا مقابل 205 إناث، وفقا لتقرير جمعية حقوق الإنسان 2025. وتصدرت منطقة الرياض إجمالي القضايا الواردة لجمعية حقوق الإنسان حسب الفروع، بواقع 137 قضية، تلتها مدينة جدة بإجمالي 89 قضية، ثم المنطقة الشرقية ب77 قضية. وشملت هذه القضايا: قضايا الأحوال الشخصية، والأحوال المدنية، والإدارية، والتعليم، والسجناء، والصحية، والعمالية، والعنف الأسري، والعنف ضد الطفل، والقضائية، والمساعدات، والمنازعات. الوعي الحقوقي تؤكد الباحثة الاجتماعية مها الأحمدي أن كثرة الشكاوى لا تُعد مؤشرًا سلبيًا، بل تمثل في معظم الحالات نموًا في الوعي بالحقوق، وازديادًا في جرأة الأفراد على التقدم ببلاغاتهم عبر القنوات الرسمية. وتضيف أن المجتمع أصبح أكثر إدراكًا لأهمية حل النزاعات بطريقة مؤسسية بعيدًا عن الاجتهادات الفردية. التطور التقني توضح مها أن التطور التقني الذي وفرته الجمعية وغيرها من القطاعات، من خلال منصاتها الإلكترونية، سهّل عملية تقديم الشكوى، ما أسهم في ارتفاع الأعداد المسجلة، خصوصًا في المدن الكبرى التي تتوافر فيها خدمات الاتصال والوعي الرقمي على نطاق واسع. لافتة إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب ليس فقط معالجة القضايا بعد وقوعها، بل تعزيز البرامج التوعوية والوقائية التي تسهم في الحد من حدوث المشكلات قبل تطورها إلى نزاعات تستدعي تدخل الجهات الحقوقية. فجوة معرفية يرى الباحث الاجتماعي محمد خالد أن ارتفاع عدد القضايا لدى الجهات القانونية لا يرتبط فقط بكثافة السكان، بل يعكس وجود فجوة معرفية لدى بعض الأفراد في فهم الأنظمة والحقوق والواجبات، ما يؤدي إلى نشوء نزاعات كان يمكن تجنبها لو توفر الوعي القانوني الكافي. البلاغات الحقوقية يشير خالد إلى أن نسبة كبيرة من الشكاوى تتعلق بممارسات يومية بسيطة، مثل عقود العمل أو الحقوق الأسرية، وهو ما يدل على حاجة المجتمع إلى تثقيف أعمق في التعامل مع الأنظمة، سواء للمواطنين أو المقيمين. ويضيف أن المدن الكبرى، على الرغم من توافر الخدمات فيها، تعاني تعقيد العلاقات الاجتماعية والوظيفية نتيجة التنوع الثقافي والاقتصادي، ما يجعل سوء الفهم أو الخلافات أكثر احتمالًا، وبالتالي زيادة البلاغات الحقوقية. معالجة الظاهرة يضيف أن معالجة هذه الظاهرة لا تقتصر على استقبال الشكاوى، بل تتطلب برامج تدريبية ومبادرات توعوية تُنفذ في المدارس والجامعات وبيئات العمل، لتعريف الأفراد بحقوقهم وطرق حل النزاعات بشكل قانوني ومنظم، مؤكدًا أن استمرار ارتفاع الوعي وتوافر آليات الإبلاغ يُعدان مؤشرين على تطور إيجابي، إلا أن الأهم هو تحويل هذه الثقافة إلى وقاية مسبقة تحد من نشوء القضايا من الأساس.