في عالم الإدارة الحديثة لم يعد المنصب هو ما يفرض القيمة، بل الشخص هو من يصنع المعادلة ويغيّر ميزان النجاح، قد يكون الموظف في مرتبة وظيفية عادية، لكنه يؤدي عمله بعقلية وزير، وبرؤية قيادي كبير، وبمسؤولية تتجاوز حدود مكتبه لتصل إلى مستوى صاحب قرار، هؤلاء الموظفون هم رأس المال الحقيقي لأي مؤسسة، وهم الفارق بين بيئة جامدة لا تنمو، ومنظومة تتطور بخطوات ثابتة. الموظف بمواصفات وزير ليس لقبًا، بل سلوك يومي، هو ذلك الموظف الذي يتعامل مع كل مهمة -مهما صغرت- وكأنها قضية وطنية تستحق التخطيط والمتابعة والإتقان، يفكر قبل أن ينفذ، يحلّل قبل أن يحكم، ويقترح قبل أن يُطلب منه، لا ينتظر التعليمات، بل يصنع الحلول ويختصر الطريق على الجميع. هذا النوع من الموظفين يُدهشك بثباته واحترافيته، لا يتأثر بالصعوبات، ولا يستسلم للروتين، ولا يسمح للضغوط أن تُسقط جودة عمله، يعرف أن نجاحه جزء من نجاح المؤسسة، وأن الولاء ليس شعارًا بل أداءً، يعمل بعقلية القائد، لكنه لا يتجاوز حدود صلاحياته؛ يجمع بين الحكمة والانضباط، وبين الطموح والاحترام. وعندما يمتلك الموظف صفات الوزير، تتغير لغة العمل من «ماذا أفعل؟» إلى «كيف ننجح؟»، تتحول المهام إلى مبادرات، والتحسينات إلى ثقافة، والنجاحات إلى منهج يومي، فالمؤسسات العظيمة لم تبنها الألقاب، بل بنتها العقول والقلوب التي تعطي بإخلاص بعيداً عن الأضواء. في كل جهة هناك وزراء بلا حقائب؛ رجال ونساء يحملون همّ العمل ويديرون الوقت والموارد بوعي وإتقان. وجودهم يرفع مستوى الأداء، ويصنع الفارق، ويعطي انطباعاً قوياً بأن المنصب ليس شرطاً للقيادة، وأن القيادة تبدأ من الداخل.. من طريقة التفكير. رسالتي للمخلصين إذا أردت أن ترتقي في عملك، فكن موظفاً بمواصفات وزير: واسع النظر، قوي القرار، راقيًا في التعامل، ثابتا في المبدأ، ومخلصًا في العمل، فالمناصب قد تُمنح، لكن القيمة تُصنع.. وتُثبت كل يوم.