في مشهد طبيعي غريب بولاية كاليفورنيا، تغمر حديقة «ستيت كابيتول بارك» رائحة كريهة تشبه الزبدة الفاسدة والقيء، مصدرها أشجار «الجينكو» الذهبية التي تعود جذورها إلى عصر الديناصورات. فمع حلول الخريف، تبدأ أوراق هذه الأشجار في التساقط، مصحوبة ببذور تنبعث منها رائحة نفاذة ناتجة عن مادة «حمض البوتيريك» الموجودة في غلافها الخارجي، وهي المادة نفسها المسؤولة عن رائحة القيء. ويبلغ عمر الشجرتين الأنثويتين في الحديقة نحو 75 عامًا، وقد دفعت شدة الرائحة السلطات إلى وضع حواجز معدنية ولافتات تحذيرية لمنع الزوار من قطف الثمار المتساقطة، التي تجعل الأرض زلقة بسبب قشرتها اللزجة. ورغم هذا الإزعاج، تحتفظ أشجار الجينكو بسحرها الخاص بأوراقها المروحية الذهبية التي تضيء المشهد الخريفي، بينما تؤدي الرائحة الكريهة دورًا بيولوجيًا مهمًا في جذب الحيوانات لنشر البذور. والمفارقة أن بذور الجينكو تُستخدم بعد تنظيفها في المطبخ الآسيوي كمكوّن غذائي تقليدي. وتبقى هذه الأشجار، التي يعود تاريخها إلى 270 مليون سنة، شاهدة على توازن الطبيعة بين الجمال والنفور، والحياة التي تتجدد رغم كل المفارقات.