في قلب منطقة الباحة، وتحديدًا في محافظة بلجرشي، تقع بني كبير، إحدى القرى التاريخية والمراكز الحيوية التي تمتاز بموقعها الجغرافي الفريد وطبيعتها الجبلية الخلابة وثرائها البشري والثقافي. هذا المركز، الذي يحتضن آلاف السكان ويعد من أكبر مراكز المحافظة، يقع على طريق الجنوب - طريق الملك عبدالعزيز - الذي يربط بين الطائف وأبها، ما يمنحه أهمية إستراتيجية بوصفه نقطة عبور رئيسية بين مدن المملكة الجنوبية والغربية. مع ذلك، لا يزال ينتظر نصيبه المستحق من الخدمات الأساسية التي تواكب نموه السكاني والعمراني، وتحقق تطلعات أهله نحو جودة حياة أفضل تتسق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030. ومن أبرز احتياجات أهالي بني كبير مستشفى يخدمهم بشكل مباشر، فمع الكثافة السكانية واتساع النطاق الجغرافي يضطر المرضى إلى قطع مسافات طويلة، للوصول إلى مستشفيات بلجرشي أو العقيق، لتلقي العلاج، وهو ما يشكل عبئًا كبيرًا على المرضى وكبار السن والنساء الحوامل، خصوصًا في الحالات الطارئة التي تتطلب التدخل السريع. وجود مستشفى عام في بني كبير أصبح مطلبًا ملحًا لا يحتمل التأجيل، ليس فقط لتقديم الرعاية الطبية الأساسية، بل لتخفيف الضغط عن المستشفيات الأخرى، وتوزيع الخدمات الصحية بين المراكز التابعة لمحافظة بلجرشي. كما يمثل الطريق الرابط بين وسط بني كبير وطريق العقيق «بني كبير - بلجرشي» أحد أكثر الملفات أهمية للأهالي، حيث يشهد هذا الطريق الحيوي كثافة مرورية متزايدة، نظرًا لكونه يربط بين محافظتين، ويمر عبر مناطق سكنية وتجارية متعددة. إلا أن حالته الراهنة لا تتناسب مع حجم الحركة اليومية عليه، إذ يحتاج إلى تحسينات هندسية شاملة، تشمل التوسعة وإعادة السفلتة، وتوفير وسائل السلامة المرورية والإضاءة المناسبة. وقد شهد الطريق حوادث متكررة خلال الأعوام الماضية، مما يعكس الحاجة إلى تطويره وفق معايير وزارة النقل والخدمات اللوجستية، خاصة أنه يعد منفذًا رئيسيًا لطلاب الجامعات والموظفين والمتنقلين بين بلجرشي والعقيق والباحة. كما يشكل امتدادًا حيويًا لطريق الملك عبدالعزيز الرابط بين الطائف وأبها، وهو ما يمنحه أهمية إضافية على المستوى الوطني. ولا تقتصر احتياجات المركز على الخدمات الصحية والطرق فحسب، بل تمتد إلى تحسين وتطوير البنية التحتية لقطاع الاتصالات والإنترنت، الذي يعد اليوم أحد أهم مقومات الحياة الحديثة. فمع توسع رقعة بني كبير، وازدياد أعداد السكان والمنازل والمرافق التعليمية والخدمية، لا تزال بعض القرى تعاني ضعفا في تغطية الشبكات وصعوبة في الاتصال بالشبكة العنكبوتية. ويؤكد الأهالي أن دعم مشاريع الاتصالات في المركز أصبح ضرورة ملحّة، لضمان وصول خدمات الإنترنت العالي السرعة إلى جميع المنازل والمؤسسات التعليمية، خصوصًا في ظل التحول الرقمي الكبير الذي تشهده المملكة في مختلف القطاعات. كما أن تعزيز شبكة الاتصالات سيسهم في رفع كفاءة الخدمات الإلكترونية الحكومية والتعليمية والصحية، ويمكّن الشباب من الاستفادة من فرص التعلم والعمل عن بُعد، انسجامًا مع رؤية 2030 التي جعلت التحول الرقمي ركيزة من ركائز التنمية الوطنية. ومن المطالب المهمة التي يجمع عليها الأهالي كذلك إنشاء شعبة مرور في مركز بني كبير، لتخدم المركز والقرى التابعة له، وتسهم في تنظيم الحركة المرورية المتزايدة، وتطبيق الأنظمة بفعالية، فوجود شعبة مرور قريبة سيسهم في الحد من المخالفات المرورية، وضبط السرعة في الطرق الحيوية، إلى جانب تسهيل الإجراءات على المواطنين عند استخراج الرخص أو إنجاز المعاملات، دون الحاجة للتنقل إلى مدينة بلجرشي. كما أن وجود هذه الشعبة سيعزز الوعي المروري لدى الشباب، ويساعد في سرعة مباشرة الحوادث، وتقليل آثارها، وهو ما ينعكس على سلامة الأرواح والممتلكات. التنمية المتوازنة بين المدن والمراكز والقرى تمثل أحد المحاور الأساسية في رؤية المملكة 2030، التي أكدت أهمية تحسين جودة الحياة في جميع مناطق المملكة دون استثناء. ومركز بني كبير بما يمتلكه من مقومات طبيعية وسكانية وموقع إستراتيجي على طريق الملك عبدالعزيز مؤهل لأن يكون مركزًا نموذجيًا في محافظة بلجرشي إذا ما تم استكمال الخدمات الحيوية فيه، فالمشروعات الصحية والطرق والبنى الأساسية ليست مجرد مشاريع خدمية، بل هي استثمار في الإنسان والمكان، وضمان لاستقرار الأهالي، وتنمية قدراتهم، ومشاركتهم في تحقيق التنمية الوطنية الشاملة. أبناء بني كبير يؤمنون أن التنمية مسؤولية تشاركية بين المواطن والجهات الحكومية، لكن الدور الأكبر يبقى في سرعة الاستجابة لاحتياجاتهم الأساسية. لقد أثبتت السنوات الأخيرة أن المملكة تمضي بخطى واثقة نحو تنمية شاملة لا تقتصر على المدن الكبرى، بل تمتد إلى القرى والمراكز في مختلف المناطق. ومن هذا المنطلق، يأمل أهالي بني كبير أن تحظى منطقتهم بما تستحقه من اهتمام ورعاية، لتتحول من مركز منتظر إلى مركز مزدهر يواكب التطور الوطني الكبير الذي تشهده بلادنا في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد - حفظهما الله. «بني كبير» قلب نابض يستحق أن تُمد له يد التنمية، ليكون مثالًا حيًا على أن التنمية الحقيقية تبدأ من الاهتمام بالإنسان في كل مكان.