في خضم الحياة المتغيرة، والأحداث المتسارعة، والمفاجآت التي لا تُستأذن، يبقى التكيّف مع الواقع أحد أهم المهارات التي يجب أن يتحلى بها الإنسان العصري. فالواقع قد لا يشبه أحلامنا، ولا يحقق دائمًا ما نطمح إليه، لكنه ما نعيشه كل يوم، وما يجب أن نفهمه ونتعامل معه بحكمة بدلًا من مقاومته بالشكوى والضيق. حقيقة التكيف التكيّف لا يعني الاستسلام أو الرضوخ، بل هو وعي بالمتغيرات. وتقبل ما لا يمكن تغييره. والمرونة في التعامل. وتحويل القيود إلى فرص. موسوعة علم النفس والتحليل النفسي تعرف التكيف بأنه "خطوة أبعد من المواءمة على طريق التوافق سواء في المجال البيولوجي أو الاجتماعي أو النفسي". والمعنى أن نحاول ننجح في العيش والتطور رغم الظروف، لا أن تنتظر الظروف المثالية لتبدأ. فحقيقة الحياة لا تتبع مقاييسنا، لسنا دائمًا في المكان المثالي، أو مع الأشخاص الذين نرغب، أو في الوظيفة التي نحلم بها. فإما أن نتذمر، أو نتكيّف ونصنع من الممكن شيئًا جميلاً. فالتكييف يحقق السلام الداخلي بينما مقاومة الواقع بلا جدوى تستهلك النفس، بينما تقبله بذكاء يمنحنا راحةً وقدرة على التفكير الواضح. الناجحون ليسوا من عاشوا حياة مثالية، بل من تأقلموا مع التحديات وتجاوزوها. وفي الواقع نماذج كثيرة من التكيف، وعلى سبيل المثال في حوار سابق أجريته في إحدى الصحف مع بروفسور ناجح كان حلمه أن يتخصص في طب الكلى ولكنه صرف نظره إلى تخصص آخر وتكيف معه فنجح في ذلك الأمر نجاحا باهرا حتى أصبح يشار إليه بالبنان. الخاتمة التكيّف مع الواقع ليس ضعفًا، بل دليل نضج وقوة عقلية ونفسية. وقدرة على النجاح بإذن الله دون ضجيج، والتطور بصمت، وصناعة الأمل من بقايا الألم ، تذكر دائما بأن الحياة لا تتوقف لأن حلمًا لم يتحقق، فربما في الواقع طريق آخر أجمل فقط إذا أحسنت التكيّف معه.