في تطور جديد يحيي آمالًا حذرة بإنهاء الحرب الدامية في غزة، انطلقت محادثات غير مباشرة بين مسؤولين من إسرائيل وحركة حماس في منتجع شرم الشيخ المصري، عشية الذكرى الثانية لاندلاع الحرب. غير أن الاجتماع، الذي يُفترض أن يكون خطوة حاسمة نحو تطبيق خطة السلام الأمريكية، اتسم بغياب لافت لكبار المفاوضين الإسرائيليين وتأرجح في المواقف الميدانية. وبهذا، تقف شرم الشيخ اليوم أمام اختبار حاسم: إما أن تمهّد الطريق لتسوية تُنهي أطول حروب غزة وأكثرها دمارًا، أو أن تبقى المحادثات رهينة غياب القرار السياسي وتناقض المصالح بين اللاعبين الكبار. الجمود السياسي والانقسام ورغم الأجواء التفاؤلية الحذرة، يرى مراقبون أن غياب الشخصيات البارزة عن الجلسة الأولى للمفاوضات يكشف عن انقسامات داخلية في القيادة الإسرائيلية وتردد في المضي قدمًا نحو تنفيذ بنود الخطة الأمريكية. كما يشير تأخر حضور المبعوثين الأمريكيين إلى أن واشنطن تراقب تطورات الميدان قبل الانخراط الكامل في العملية. وفي المقابل، يواجه قادة حماس ضغوطًا داخلية متزايدة من سكان القطاع الذين أنهكتهم الحرب والنزوح، وسط دعوات أممية متكررة لوقف إطلاق النار واستئناف المساعدات الإنسانية دون عوائق. غياب ديرمر يثير التساؤلات ورغم إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن رون ديرمر، وزير الشؤون الإستراتيجية والمقرّب من نتنياهو، سيقود الوفد الإسرائيلي، إلا أنه تغيب عن المحادثات في اللحظة الأخيرة. وأوضح مسؤولون إسرائيليون أنه سينضم «في مرحلة لاحقة» بعد الانتهاء من التفاهم على القضايا التقنية مثل قوائم الأسرى وخطوط الانسحاب العسكري. ويضم الوفد الحالي ممثلين عن الجيش والموساد والشاباك ومستشار الأمن القومي أوفير فالك، إضافة إلى منسق شؤون الرهائن غال هيرش. ويُعتقد أن غياب ديرمر يعكس استمرار الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن حدود التنازلات، فضلًا عن رغبة تل أبيب في اختبار تجاوب حماس قبل إشراك كبار المفاوضين. مشاركة محدودة للأمريكيين كما تأجل حضور المبعوثين الأمريكيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى يوم ثانٍ «إذا تحقق تقدم ملموس»، بحسب وكالة «فرانس برس»، ما يشير إلى أن المرحلة الحالية تقتصر على التفاهمات المبدئية. وفي المقابل، أشاد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في كلمة متلفزة بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر بجهود ترمب، معتبرًا أن «وقف إطلاق النار وبدء عملية سياسية لإقامة الدولة الفلسطينية يعني أننا على الطريق الصحيح نحو السلام الدائم». وأكد السيسي أهمية الحفاظ على النظام الإقليمي الذي أرسى أسسه التحالف الأمريكي – المصري منذ سبعينيات القرن الماضي. محادثات على وقع القصف وجاءت المحادثات في ظل تصاعد القصف الإسرائيلي على القطاع، إذ أعلنت وزارة الصحة في غزة وصول جثث 19 شخصًا، بينهم مسعفان، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ما رفع عدد القتلى منذ بدء الحرب إلى 67.160 شخصًا ونحو 170 ألف مصاب، نصفهم من النساء والأطفال. وأفادت مصادر ميدانية بأن الغارات تواصلت رغم طلب واشنطن من تل أبيب وقف العمليات العسكرية تمهيدًا لإطلاق سراح الرهائن. في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه ينفذ «ضربات دفاعية محدودة» لحماية قواته. لكن الأممالمتحدة وصفت الوضع الإنساني في القطاع بأنه «كارثي»، مشيرة إلى تزايد أعداد النازحين وانهيار البنية الصحية. خطة ترمب على الطاولة وتعد هذه المفاوضات أول اختبار عملي ل«خطة السلام الأمريكية» التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الأسبوع الماضي، والتي تهدف إلى إنهاء الحرب عبر وقف شامل لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المتبقين في غزة مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين في إسرائيل. وتنص الخطة على نزع سلاح حماس وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية، إضافة إلى تشكيل إدارة انتقالية في غزة تمهيدًا لبدء عملية سياسية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليًا. كما تتعهد واشنطن بتقديم حزمة دعم لإعادة إعمار القطاع وضمانات أمنية للطرفين. ورغم موافقة إسرائيل المبدئية، أعربت حماس عن تحفظها على بعض البنود، مطالبة بجدول زمني واضح للانسحاب وضمانات بعدم استهداف قياداتها. ومع ذلك، أكدت الحركة قبولها بالمرحلة الأولى التي تشمل إطلاق سراح الرهائن خلال ثلاثة أيام. تحركات دولية وضغوط شعبية وبالتوازي، أعلنت إسرائيل ترحيل 171 ناشطًا أجنبيًا شاركوا في «أسطول الحرية» المتجه إلى غزة، بينهم الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ، في خطوة أثارت انتقادات دولية. كما شهدت مدن تركية، أبرزها إسطنبول وأنقرة، تظاهرات نسائية شكلت «سلاسل بشرية» تضامنًا مع نساء وأطفال غزة. وفي إسرائيل، تقدمت عائلات الرهائن المحتجزين لدى حماس بطلب رسمي إلى لجنة نوبل النرويجية لترشيح ترمب لجائزة نوبل للسلام، مشيدة بدوره في «إحياء الأمل بإنهاء الكابوس الإنساني». أبرز ما توصلت إليه خطة السلام الأمريكية: • وقف شامل لإطلاق النار بإشراف مصري – أمريكي مشترك. • إطلاق سراح الرهائن المتبقين خلال ثلاثة أيام مقابل إفراج إسرائيل عن سجناء فلسطينيين. • انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من القطاع. • نزع سلاح حماس تدريجيًا وتسليم إدارة غزة إلى هيئة انتقالية. • بدء عملية سياسية لإقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليًا. • إطلاق برنامج دولي لإعادة إعمار غزة وتمويله عبر حلفاء واشنطن في المنطقة.