تعد ريادة الأعمال الاجتماعية إحدى المجالات الحيوية التي تجمع بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مجتمعات الأعمال، حيث تسعى إلى تحقيق تأثير إيجابي على تلك المجتمعات، والنهوض بالمستوى المادي والاجتماعي والثقافي للأفراد عمومًا، ولرائدات الأعمال النساء بشكل خاص. وفي السعودية شهدت ريادة الأعمال الاجتماعية النسائية نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مدعومةً بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها البلاد. فبالرغم من التحديات التقليدية التي واجهتها رائدات الأعمال النساء في السعودية، فإن رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فتحت آفاقًا جديدة أمام رائدات الأعمال السعودية، إذ شجعت على تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، وتفعيل دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية باعتبارها دورها فاعل وأساسي في عملية التنمية والتطوير. وقد تبين من خلال دراسة ميدانية للكاتبة تناولت دوافع اختيار مجال ريادة الأعمال الاجتماعية النسائية، والعوامل المؤثرة فيه لدى رائدات الأعمال الاجتماعيات السعوديات بغرفة القصيم بمدينة بريدة أن الرغبة في إثبات الذات كانت من أهم دوافع رائدات الأعمال الاجتماعية لاختيار مجال ريادة الأعمال الاجتماعية، يليه توافر عنصر الخبرة، ثم العوامل الذاتية المتمثلة في وجود تشجيع من الغير، والرغبة في الابتكار والإبداع، كما تبين أن التغييرات الاجتماعية التي أحدثتها رؤية المملكة 2030 ودورها في خلق توجهات إيجابية للمرأة نحو ريادة الأعمال الاجتماعية كانت هي أبرز دوافع اختيار مجال ريادة الأعمال الاجتماعية النسائية. ويعزز ذلك التوجه لدى المرأة السعودية لريادة الأعمال توافر خبرات ريادية لديها في المجال، إضافة إلى التفرغ التام لدى رائدة الأعمال السعودية لإدارة المشروع الخاص بها، ثم يضاف لذلك توافر رأس مال كافي، مع القدرة على المتابعة المستمرة للمشروع، ولا يغيب موضوع الشغف لدى رائدة الأعمال، فالشغف يعد من أكثر العوامل المساعدة على النجاح، مع توافر الخبرات المناسبة عند إقامة المشروع الريادي. وقد بينت نتائج الدراسة العلمية أيضًا أن رائدات الأعمال بمدينة بريدة بمنطقة القصيم يؤكدن على أهمية بعض العوامل التي تساعد في نجاح ريادتهن للأعمال ومن أولى هذه العوامل: العوامل الشخصية لدى رائدة الأعمال والتي تتجلى في القدرة على التعامل مع مشاكل ومصاعب العمل، وإنجاز العمل بأسلوب متطور ومتجدد، والرغبة في خدمة المجتمع في مجالات اجتماعية حديثة مع ضرورة وجود الشغف نحو العمل، والمثابرة، والإصرار على النجاح. وثانيًا: العوامل الثقافية والمتمثلة في تطور الأنظمة والقوانين الخاصة بالاستثمارات وما تمخضت عنه رؤية المملكة 2030 في هذا المجال، والتغير الإيجابي المجتمعي نحو ثقافة ريادة الأعمال الاجتماعية النسائية، ويتم التأكيد أيضًا على دور التعليم الجامعي كعامل ثقافي مؤثر على ريادة الأعمال الاجتماعية النسائية. وثالث تلك العوامل: العوامل الاجتماعية والتي تتمثل في سعي المرأة السعودية لاكتساب مكانة اجتماعية متميزة، وحاجة المرأة لضرورة تقبل المجتمع لعملها في مجال ريادة الأعمال الاجتماعية. إضافة إلى دور الأسرة والأهل كعوامل اجتماعية إيجابية مؤثرة على ريادة الأعمال الاجتماعية النسائية. ورابعًا: العوامل الاقتصادية والتي تتمثل في سعي المرأة للاستقلال المادي، وتوفير مصدر دخل مستقل يثبت دورها ومكانتها الاجتماعية الريادية في الوقوف جنبًا إلى جنب بجانب الرجال لبناء المجتمع والإسهام في التقدم والنمو المجتمعي من خلال السعي لتحسين الدخل المادي لها ولأسرتها، فالمرأة أصبحت تشارك أسرتها في تحمل المسؤولية، ويقع عليها عبء الحياة نظرًا لزيادة مصادر الضغوط الناتجة عن الواجبات المنزلية وتربية الأولاد، كما تشارك المرأة بشكل فعال في الحفاظ على قوة الأسرة في مواجهة ضغوط الحياة بأشكالها الاقتصادية والمالية والبحث الدائم عن الاستقرار، وبالتالي فإن تنمية وعي المرأة المستثمرة يعد مدخلًا أساسيًا إلى تنمية مواردها الريادية، وزيادة دخلها المادي، ودخل أفراد الأسرة. وبالتالي فإن ريادة الأعمال النسائية الاجتماعية تعد ضرورية لكونها تسهم في تحقيق عدة أهداف منها: الهدف الاجتماعي المتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية في تكافؤ فرص العمل بين الجنسين لتحسين مستوى المعيشة في المجتمع، وثانيًا تحقيق هدف اقتصادي يتضمن استثمار أمثل للموارد البشرية وتحقيق نمو اقتصادي، وإنتاجية عالية، وعائد مناسب للفرد والمجتمع، وثالثًا هدف ثقافي يتضمن ترسيخ ثقافة إيجابية لمكانة المرأة ودورها في المجتمع، وتعظيم قيمة العمل بأنواعه ومستوياته المختلفة للمرأة والرجل على السواء. ولكن بالرغم من الإيجابيات العديدة لدعم رائدات الأعمال النساء، والمتمثلة في الدعم الحكومي الكبير، حيث تقدم السعودية دعمًا كبيرًا للمشاريع النسائية الرائدة، مما يسهل دخول النساء إلى عالم ريادة الأعمال، بالإضافة إلى أن المرأة السعودية تمتلك عنصر الريادة والابتكار، والقدرة على تقديم حلول مبتكرة لمشاكل مجتمعية، مما يسهم في تطوير ريادة الأعمال الاجتماعية. ويضاف إلى تلك الإيجابيات توافر الشراكات الرائدة حيث يمكن للنساء الرياديات في الأعمال الاستفادة من الشراكات مع منظمات غير ربحية وحكومية لتعزيز مشاريعهن. وتواجه ريادة الأعمال الاجتماعية النسائية عددًا من التحديات، منها: وجود بعض القيود الثقافية الاجتماعية، حيث ما تزال بعض التقاليد تعيق مشاركة النساء بشكل فاعل في ريادة الأعمال، وصعوبة الوصول إلى التمويل اللازم بالوقت المناسب لدعم مشاريعهن، كما تواجه رائدات الأعمال النسائية الافتقار إلى الشبكات الاجتماعية التي تساعدهن في تعزيز أعمالهن، مما يجعل من الصعب عليهن التواصل مع المستثمرين أو الشركاء المحتملين. أيضًا تعاني كثير من رائدات الأعمال من صعوبة تحقيق التوازن بين التزامات العمل والأسرة، مما قد يؤثر على أدائهن وإنتاجيتهن، كما تواجه بعض رائدات الأعمال النساء نقصًا في المهارات والمعرفة اللازمة لإدارة الأعمال بنجاح، مما يتطلب الحاجة إلى المزيد من برامج التدريب والتطوير. ومن التحديات أيضًا قوة المنافسة في بعض القطاعات، حيث قد تكون المنافسة شديدة، مما يتطلب من رائدات الأعمال ابتكار إستراتيجيات جديدة للتنافس بقوة، وامكانيات كبيرة للحصول على المناقصات وإستراتيجيات لجذب العملاء والاحتفاظ بهم. الأمر الذي يتطلب تقديم مختلف مجالات الدعم لرائدات الأعمال السعوديات وتسهيل العقبات والموارد للتغلب على هذه التحديات وتعزيز فرص نجاحهن في عالم ريادة الأعمال السعودي. وختامًا، يمكننا القول بأن ريادة الأعمال الاجتماعية النسائية في السعودية عمومًا، وبمنطقة القصيم خصوصًا، يعد مجالًا واعدًا يمكنه من خلال الدعم الحكومي والمجتمعي، تحقيق إنجازات كبيرة تساهم في إثراء الاقتصاد السعودي وتعزيز القيم المجتمعية، وتشجيع النساء على الانخراط في ريادة الأعمال، والإسهام في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الدور الاجتماعي للمرأة، وتحقيق رؤية المملكة 2030.