في أجواء الإيمان والسلام، حيث تلتقي القلوب على أرض مكةالمكرمة، تبرز القضية الفلسطينية كقضية تجمع الأمة. المملكة العربية السعودية، بقيادتها وشعبها، تظل الركيزة الأساسية في دعم هذه القضية، بمواقف ثابتة لا تتزعزع بتقلب الظروف. خلال استقبال ضيوف الرحمن في قصر منى، أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان- ولي العهد– في كلمته مجددًا على الموقف السعودي الراسخ تجاه فلسطين، وعلى مسؤولية المجتمع الدولي في إنهاء «المأساة الإنسانية» الناتجة عن العدوان الإسرائيلي، وحماية المدنيين، وإرساء سلام عادل وفق قرارات الشرعية الدولية. وقال سموه: «إن عيد الأضحى هذا العام يأتي والشعب الفلسطيني يعاني من عدوان يستهدف الأرض والإنسان والمقدسات». لم تكن المملكة يومًا مجرد متفرج على معاناة الأشقاء الفلسطينيين، بل ظلت في طليعة المدافعين عن حقوقهم؛ من المناصرة السياسية في المحافل الدولية إلى الدعم الإنساني والتعليمي. وكان اختيار مفتي القدس الشيخ محمد حسين لإلقاء كلمة الوفود الإسلامية رسالة واضحة بأن القدس إسلام وعروبة، وأن القضية الفلسطينية قضية كل مسلم.وإن حضور فلسطين في موسم الحج ليس وليد اللحظة، فقد ظلت حاضرة في قلوب الحجاج ودعائهم عبر العصور، لكن تأكيد القيادة السعودية عليها في هذا الوقت بالذات يحمل دلالة عميقة: أن القدس ليست وحيدة، وأن القضية الفلسطينية باقية في ضمير الأمة. وفي هذا السياق الروحي والسياسي العميق، جاء موسم حج عام 1446ه شاهدًا على وحدة الأمة وتماسكها، حيث نجحت المملكة– بتوفيق من الله– في تقديم صورة مشرقة للإسلام والمسلمين، تجلت فيها القيم الرفيعة، والتنظيم المحكم، والخدمة المتقنة لضيوف الرحمن، وقد مثّل هذا النجاح الكبير امتدادًا طبيعيًا لرسالة المملكة في خدمة قضايا الإسلام، وعلى رأسها قضية فلسطين التي لم تغب عن الكلمات، ولا عن الدعاء، ولا عن وجدان الحجيج. وإن هذا الإنجاز العظيم ما كان ليتحقق لولا تظافر جهود القيادة الحكيمة مع كافة قطاعات الدولة، وإسهامات أبناء هذا الوطن المعطاء، الذين قدموا أروع صور الكرم والتفاني في خدمة الحجاج. وإزاء هذا النجاح المشرف، نرفع أسمى آيات الشكر والعرفان لقيادتنا الرشيدة، ولجميع العاملين في خدمة ضيوف الرحمن، وللشعب السعودي الكريم. وختامًا، فإن القضية الفلسطينية ليست مجرد ملف سياسي عابر، بل هي قضية إسلامية وتاريخية، متجذرة في وجدان الأمة وضميرها، وإن المملكة العربية السعودية، بقيادتها الحكيمة وشعبها الأصيل، ستظل– بعون الله– حصن الأمة المنيع، والمدافع الأول عن قضاياها المصيرية، مهما عظمت التحديات وتعاظمت المسؤوليات.