الرئيس الفلسطيني يشكر المملكة على جهودها    جامعة الباحة تُطلق 9 برامج تدريبية    جولف السعودية تشارك فايف آيرون    سباق الأندية يشتد في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    البرازيلية لوسيانا تتحدى وتلهم الأجيال في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    «فيتش» تؤكد التصنيف الائتماني للمملكة عند A+    زيلينسكي: أوكرانيا تحتاج لإنتاج 1000 طائرة اعتراضية يوميًا لمواصلة الحرب مع روسيا    ضبط شخصين في عسير لترويجهما (26) كجم "حشيش"    الأخضر الأولمبي يخسر بخماسية أمام اليابان في افتتاح مشاركته بالدورة الودية بأوزبكستان    "بيت الشاورما" تعزز دعم المحتوى المحلي من خلال شراكتها مع تلفاز 11    32 لاعباً يتأهلون إلى دور ال16 في بطولة العالم للبلياردو بجدة    ترمب: فرصة التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي 50%    عرض إنجليزي من أجل ميتروفيتش    رئيس مجلس الأعمال السعودي السوري: نؤسس لشراكة تنموية في مرحلة إعادة إعمار سوريا    مركز التنمية الاجتماعية بجازان ينفذ مبادرة"خدمتنا بين يديك"في مجمع الراشد مول بجازان    الخارجية الفلسطينية ترحب بإعلان فرنسا عزمها على الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية    وزير الصحة: انخفاض الوفيات بنسبة 17% ثمرة السياسات الوقائية    الجهني: يدعو لتقوى الله وينهى عن التشاؤم بالأيام    الشيخ القاسم: الرسالة النبوية أعظم نعم الله ومصدر النجاة في الدنيا والآخرة    وزارة الرياضة تعلن تخصيص أول ثلاثة أندية (الأنصار والخلود والزلفي) وفتح المجال للتخصيص في بقية الأندية الرياضية    فتح التقديم لجائزة "إثراء للفنون" بقيمة 100 ألف دولار    أتربة ورياح نشطة على عدة مناطق اليوم    "آل مداوي" يحتفلون بالدكتور "جبران" بحصوله على درجة الدكتوراه    أمير جازان يطلع على جملة المشروعات المنجزة والجاري تنفيذها بمحافظة الدائر    القيادة تعزي رئيس روسيا في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب    جمعية الإعاقة السمعية في منطقة جازان تزور مسنًا تجاوز التسعين من عمره    أكثر من 40 ميدالية في ختام بطولة المملكة البارالمبية لرفع الأثقال للرجال والسيدات    القمامة الإعلامية وتسميم وعي الجمهور    «بيئة جازان» تنظم ورشة عمل عن طرق الاستفادة من الخدمات الإلكترونية الزراعية    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنَيْن من الغرق أثناء ممارسة السباحة    وفد ثقافي وفني يزور هيئة التراث في جازان لتعزيز التعاون في مجالات الهوية والتراث    المملكة تشارك في مؤتمر الأطراف باتفاقية الأراضي الرطبة "رامسار"    أمير جازان من الدائر: البن ثروة وطنية والدعم مستمر    6300 ساعة تختتم أعمال الموهوبين في أبحاث الأولويات الوطنية بجامعة الإمام عبد الرحمن    هيئة الأدب تستعد لإطلاق النسخة الرابعة من معرض المدينة المنورة للكتاب2025    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدائر    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي وزيري الخارجية والداخلية الأفغانيين في كابل    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيذ الدورة العلمية الصيفية الثالثة    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب لتقليل الألم    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    تحطم طائرة الركاب الروسية المفقودة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    السعودية تدين مطالبة الكنيست الإسرائيلي بفرض السيطرة على الضفة والأغوار المحتل    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    الوفد السعودي بدأ زيارته لدمشق.. اتفاقيات اقتصادية لدعم التنمية في سوريا    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    توجه رئاسي لحصر القوة بيد الدولة.. غضب على «حزب الله» في الداخل اللبناني    وسط تحذيرات دولية وركود في مفاوضات الهدنة.. غزة على شفا مجاعة جماعية    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ بن حميد في خطبة عرفة: يوم عرفة محطة إيمانية عظيمة تتجلى فيها معاني التوحيد وتُستجاب فيه الدعوات
نشر في الوطن يوم 05 - 06 - 2025

أكّد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، أن يوم عرفة يوم عظيم يجتمع فيه المسلمون على صعيد واحد، وتتراءى فيه معاني الإيمان والتقوى في أبهى صورها، إذّ يُستدعى إلى الأذهان جوهر الدين، وأركانه، ومراتبه، وما ينبغي أن يتحلى به المسلم من صفات العبودية الخالصة لله تعالى، حاثًا الحجيج على الإكثار من الثناء على الله، وذكره، ودعائه في هذا اليوم الذي يُعدُّ موطنًا لإجابة الدعاء ومضاعفة الحسنات.
جاء ذلك في خطبة عرفة التي ألقاها فضيلته اليوم بمسجد نمرة، وتقدم المصلين فيها صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس لجنة الحج المركزية، وسماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، ومعالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، ووزير الحج والعمرة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، وفيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العزيز العلام، الملك القدوس السلام، نحمده أن هدانا لدين الإسلام، وبناه على خمسة أركان عظام، وأشهد أن لا إله إلا الله ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله وأصحابه وأتباعه البررة الأعلام، أما بعد.. فيا أيها المؤمنون اتقوا الله بفعل أوامره وترك مناهيه فإن الله يحب المتقين ويجعل العاقبة للتقوى. فالتقوى سبب خيري الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: ( لِلَّذِينَ تَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا لْأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَنٌ مِّنَ للَّهِ وَللَّهُ بَصِيرٌ بِلْعِبَادِ)، وقال تعالى:(وَلَو أَنَّ أَهلَ لقُرَى ءَامَنُواْ وَتَّقَواْ لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَت مِّنَ لسَّمَاءِ وَلأَرضِ). وخاطب سبحانه الحجاج آمرًا لهم بالتقوى، فقال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ). وأمر خلقه كافةً بالتعاون على التقوى، فقال عز شأنه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، والتقوى، هي تمسك بدين الله وعمل بشرعه خوفًا من عقابه ورجاء حسن ثوابه، دين الله الذي أكمله في مثل هذا اليوم حينما نزل قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
أيها المسلمون، دين الإسلام على ثلاث مراتب أعلاها رتبة الإحسان وبيّنها نبينا -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، وقال تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ). وثاني مراتب الدين، رتبة الإيمان والإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية هو بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان. ومن الإيمان صلة الأرحام وبر الوالدين وقول الصدق وطيب اللفظ والوفاء بالعقود والعهود وحسن الأخلاق، قال تعالى: (وَعْبُدُواْ للَّهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيًْا وَبِلْوَلِدَيْنِ إِحْسَنًا وَبِذِي لْقُرْبَى وَلْيَتَمَى وَلْمَسَكِينِ وَلْجَارِ ذِى لْقُرْبَى وَلْجَارِ لْجُنُبِ وَلصَّاحِبِ بِلْجَنبِ وَبْنِ لسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَنُكُمْ إِنَّ للَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا)، وقال تعالى:(يَأَيُّهَا لَّذِينَ ءَامَنُوا أَوْفُوا بِلْعُقُودِ )، وقال تعالى:(وَقُل لِّعِبَادِى يَقُولُواْ لَّتِي هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ لشَّيْطَنَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ لشَّيْطَنَ كَانَ لِلْإِنسَنِ عَدُوًّا مُّبِينًا)، وقال تعالى:(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ، وَمَا يُلَقَّىهَا إِلَّا لَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّىهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
ومن الإيمان الصبر عند البلاء، والشكر عند النعماء، والتوبة والندم بعد المعصية والجفاء، قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى لصَّبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، وقال تعالى:(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)، وقوله تعالى:(وَأَنِ سْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِى فَضْلٍ فَضْلَهُ). معاشر الحجيج أركان الإيمان ستة: هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، قال تعالى: (لَّيْسَ لْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ لْمَشْرِقِ وَلْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ لْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِللَّهِ وَلْيَوْمِ لَْاخِرِ وَلْمَلَئِكَةِ وَلْكِتَبِ وَلنَّبِيِّنَ)، وقال سبحانه:(إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَهُ بِقَدَرٍ). وبالإيمان تحصل النجاة والفوز بخيري الدنيا والآخرة قال تعالى: (وَعَدَ للَّهُ لْمُؤْمِنِينَ وَلْمُؤْمِنَتِ جَنَّتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا لْأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا وَمَسَكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّتِ عَدْنٍ وَرِضْوَنٌ مِّنَ للَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ لْفَوْزُ لْعَظِيمُ)، وقال تعالى:(لَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَنَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ لْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ).
والإيمان بالله يتضمن الإيمان به ربًا وخالقًا ومدبرًا للكون متصفًا بالصفات العلا والأسماء الحسنى، قال تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ للَّهُ لَّذِي خَلَقَ لسَّمَوَتِ وَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ سْتَوَى عَلَى لْعَرْشِ يُغْشِى للَيْلَ لنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَلشَّمْسَ وَلْقَمَرَ وَلنُّجُومَ مُسَخَّرَتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ لْخَلْقُ وَلْأَمْرُ تَبَارَكَ للَّهُ رَبُّ لْعَلَمِينَ ، دْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ لْمُعْتَدِينَ ، وَلَا تُفْسِدُوا فِي لْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَحِهَا وَدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ للَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ لْمُحْسِنِينَ). ومن الإيمان بالملائكة الكرام لا يعصون الله فيما أمر، قال تعالى: (وَلْمَلَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي لْأَرْضِ). والإيمان بما أنزل الله من الكتب ومنها التوراة والإنجيل وجعل الله القرآن الكريم مهيمِنًا على ما تقدمه من الكتب، قال تعالى: (للَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لْحَىّي لْقَيُّومُ ، نَزَّلَ عَلَيْكَ لْكِتَبَ بِلْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ لتَّوْرَىةَ وَلْإِنجِيلَ، مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ لْفُرْقَانَ)، وقال تعالى:(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ لْكِتَبَ بِلْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ لْكِتَبِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ). ونؤمن برسل الله عليهم السلام، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِلْبَيِّنَتِ فَنتَقَمْنَا مِنَ لَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ لْمُؤْمِنِينَ). والإيمان باليوم الآخر يوم القيامة يوم الجزاء والحساب وما فيه من الجنة لأولياء الله، وما فيه من النار والعذاب لأعدائه، قال تعالى: (وَلَلدَّارُ لَْاخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ). والإيمان بأن الله قدَّر جميع الوقائع والحوادث وسجَّل جميع الكائنات في اللوح المحفوظ وشاءها وخلقها، قال تعالى: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا)، وقوله:(إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).
أيها المسلمون حجاج بيت الله، أما الإسلام فقد فسّره النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا). فشهادة أن لا إله إلا الله تتضمن أن العبادة حقٌ لله وحده لا يُصرف شيء منها لغيره سبحانه ولو كان من الملائكة أو الأنبياء أو الصالحين أو الأولياء، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وقال تعالى:(فَلَا تَدْعُ مَعَ للَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ فَتَكُونَ مِنَ لْمُعَذَّبِينَ)، وقوله:(قُلْ يَأَهْلَ لْكِتَبِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا للَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيًْا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ للَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا شْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). معاشر المسلمين، في تحقيق التوحيد والعبادة لله عزة النفس فلا ذلّ إلا لله تعالى، قال تعالى: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). وشهادة أن محمدًا رسول الله تقتضي طاعته -صلى الله عليه وسلم- في أمره وتصديقه في خبره والسير على طريقته فلا يعبد الله إلى بما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال تعالى: (لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)، وقوله:(لَّذِينَ يَتَّبِعُونَ لرَّسُولَ لنَّبِي لْأُمِّي لَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي لتَّوْرَىةِ وَلْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَىهُمْ عَنِ لْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ لطَّيِّبَتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ لْخَبَئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَلْأَغْلَلَ لَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَلَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَتَّبَعُوا لنُّورَ لَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ لْمُفْلِحُونَ)، وقوله:(فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا).
وفي تقرير الرسالة المحمدية، رَفعُ لما يكون من نزاع بين الأمة وتوحيد لمصدر التلقي فيها، وفيه تتحد العبادات ولا تختلف طرائق أدائها فنسلم من البدع بعبادة الله بما لم يرد في الكتاب والسنة، وبذا يجتمع الخلق وتتآلف القلوب. والركن الثاني من أركان الاسلام إقامة الصلاة لتكون صلة بين العبد وربه، وطريقًا لاستشعار العبد لمراقبة ربه له، وبذلك يتدرب على القيام بالمهام والمسؤوليات، وفي الصلاة طهارة الظاهر والباطن والطهارة المعنوية والحسية، وفي صلاة الجماعة ترابط المجتمع ومحبة بعضهم لبعض، قال تعالى: (حَفِظُوا عَلَى لصَّلَوَتِ وَلصَّلَوةِ لْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَنِتِينَ)، (إِنَّ لصَّلَوةَ كَانَتْ عَلَى لْمُؤْمِنِينَ كِتَبًا مَّوْقُوتًا)، وقال تعالى:(إِنَّ لصَّلَوةَ تَنْهَى عَنِ لْفَحْشَاءِ وَلْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ)، وقوله:(قَدْ أَفْلَحَ لْمُؤْمِنُونَ ، لَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَشِعُونَ)، وقوله سبحانه(يَأَيُّهَا لَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى لصَّلَوةِ فَغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى لْمَرَافِقِ وَمْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى لْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَطَّهَّرُوا)، وقوله:(وَأَقِمِ لصَّلَوةَ طَرَفَىِ لنَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ لليْلِ إِنَّ لْحَسَنَتِ يُذْهِبْنَ لسَّيَِّاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّكِرِينَ). ومن أركان الإسلام إيتاء الزكاة بدفع جزء من المال المعلوم في مصارف محدودة، تعود على المجتمع بالنفع وتزداد به حركة الاقتصاد، وفيها تطهير للنفوس من البخل والشح والأنانية، وتدريب للنفس على البذل والعطاء، وتفقد حاجة المحتاجين، وتقوية الصلات الاجتماعية، وربط أفراد المجتمع بعضهم ببعض بما يجلب المحبة ويزرع الألفة ويحقق التكافل الاجتماعي، قال تعالى: (وَأَقِيمُوا لصَّلَوةَ وَءَاتُوا لزَّكَوةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ للَّهِ إِنَّ للَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، وقوله تعالى:(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ لزَّكَوةَ وَلَّذِينَ هُم بَِايَتِنَا يُؤْمِنُونَ)، وقوله:(خُذْ مِنْ أَمْوَلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا)، وقوله تعالى:(إِنَّمَا لصَّدَقَتُ لِلْفُقَرَاءِ وَلْمَسَكِينِ وَلْعَمِلِينَ عَلَيْهَا وَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى لرِّقَابِ وَلْغَرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ للَّهِ وَبْنِ لسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ للَّهِ وَللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
والركن الرابع: صوم شهر رمضان بما يتضمن تعويد النفوس على الصبر ومقاومة الشهوات واستشعار حاجة المعدومين، وتربية النفوس للتخلص من العادات السيئة، وفيه التقليل من طغيان محبة الدنيا على القلب والتواضع وصحة الأبدان، قال تعالى: (يَأَيُّهَا لَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ لصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى لَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، أَيَّامًا مَّعْدُودَتٍ). والركن الخامس: هو ما وفق الله له حجاج بيته من أداء مناسك الحج بما يتضمن التذكير باليوم الآخر، وتعظيم الرب وأوامره في النفوس مع قبولها بالتسليم والرضا، وفي الحج الانتظام مع الجماعة وفيه إطعام الطعام وتنظيم الوقت وتوظيفه فيما ينفع، قال تعالى: (وَأَتِمُّوا لْحَجَّ وَلْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا سْتَيْسَرَ مِنَ لْهَدْي)، وقال:(لْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ لْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي لْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ للَّهُ).
حجاج بيت الله الحرام: تقبل الله حجكم وذنبكم مغفورًا وإن ما توليه قيادة المملكة العربية السعودية من عناية واهتمام بالغين بعمارة الحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة، وما تقدمه لحجاج بيت الله الحرام ممثلة في أجهزتها الخدمية والأمنية من رعاية وعناية فائقين؛ مكّن لهم أداء مناسكهم وشعائرهم بأمن وطمأنينة ويسر. ومن هنا يجب الالتزام بالأنظمة والتعليمات والتوجيهات المنظمة للحج، وهو جزء من تحقيق مقاصد الشريعة، ويُعدُّ واجبًا دينيًّا وأخلاقيًّا وسلوكًا حضاريًّا يُعبّر عن روح التعاون والانضباط، وسهولة أداء المناسك دون عناء أو مشقة. حجاج بيت الله الحرام: وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعرفة بعد أن خطب وصلى الظهر والعصر جمعًا وقصرًا حتى غربت الشمس، ثم ذهب إلى مزدلفة فصلى بها المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين جمعًا، وبات في مزدلفة إلى أن صلى الفجر، فجلس يذكر الله حتى أسفر ثم ذهب إلى منى فرمى جمرة العقبة بسبع حصيات، ثم نحر هديه وحلق رأسه فتحلل التحلل الأول ثم ذهب إلى البيت المشرف فطاف حول الكعبة سبعة أشواط طواف الإفاضة ثم عاد إلى منى يبيت بها ويرمي الجمرات في أيام التشريق الثلاثة يرمي في كل يوم بإحدى وعشرين بدءًا من الصغرى فالوسطى ويدعو بعدهما ثم يرمي جمرة العقبة، وأجاز التعجل في يومين قال تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَسِكَكُمْ فَذْكُرُوا للَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ لنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي لدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي لَْاخِرَةِ مِنْ خَلَقٍ ، وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي لدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى لَْاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ لنَّارِ ، أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَللَّهُ سَرِيعُ لْحِسَابِ ، وَذْكُرُوا للَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ تَّقَى وَتَّقُوا للَّهَ وَعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ). حجاج بيت الله: يومكم هذا يوم فاضل يعتق الله فيه الرقاب من النار، ويدنو فيباهي الملائكة بأهل الموقف فأكثروا من الثناء على الله وذكره ودعائه سبحانه فإنه من مواطن إجابة الدعاء، قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ دْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
اللهم اغفر ذنوبنا ويسر أمورنا وأصلح ذرياتنا وأدخلنا الجنة وأعذنا من النار، اللهم تقبل حجنا وطاعتنا وأعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك. اللهم أصلح أحوال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم ألّف قلوبهم وتول جميع شأنهم وازرع المحبة فيما بينهم، اللهم تول شأن إخواننا في فلسطين، اللهم أشبع جائعهم وآوِي مشردهم وآمن خائفهم واكفهم شر أعدائهم، اللهم وفِّق ولاة أمور المسلمين لكل خير واجعلهم من أسباب الهدى والتقى، اللهم وفِّق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين واجزِهما خير الجزاء على ما قدّماه ويقدمانه للإسلام والمسلمين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبيه الأمين. (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). إثر ذلك أدى حجاج بيت الله الحرام صلاتيّ الظهر والعصر جمعًا وقصرًا؛ اقتداءً بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.