يواجه الصومال أزمة غذائية متفاقمة بعد انخفاض التمويل الأمريكي الموجه لبرامج الإغاثة، مما تسبب في إغلاق عشرات المراكز الصحية ومرافق التغذية الأساسية، وسط تحذيرات من منظمات إنسانية من كارثة وشيكة قد تطال آلاف الأطفال. وكانت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) تمثل سابقًا نحو 65 % من إجمالي المساعدات الخارجية المقدمة للصومال، إلا أن التحوّلات الإدارية الأخيرة داخل الحكومة الأمريكية، وبدء عملية نقل إدارة البرامج إلى وزارة الخارجية اعتبارًا من يوليو المقبل، أدت إلى تباطؤ عمليات التمويل، وفقًا لمصادر إنسانية ودبلوماسية مطلعة. مجاعة جديدة وقالت منظمة «أنقذوا الأطفال»، وهي أكبر منظمة غير حكومية تعمل في مجال تغذية الأطفال في البلاد، إنها ستضطر إلى إغلاق 121 مركزًا للتغذية بحلول يونيوالمقبل، وهو ما قد يعرض حياة 55 ألف طفل لخطر مباشر. وأشارت المنظمة إلى أن نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد ارتفعت إلى 11 %، مقارنة بالعام الماضي. وحذرت منظمة «كير» الدولية من أن نحو 4.6 ملايين شخص داخل الصومال سيواجهون مستويات شديدة من الجوع خلال الأشهر القادمة، بزيادة قدرها مئات الآلاف عن التقديرات السابقة. تمويل غامض ورغم تصريحات رسمية من وزارة الخارجية الأمريكية تؤكد استمرار بعض البرامج «المنقذة للحياة»، فإن المنظمات الميدانية أفادت بأن التفاصيل المتعلقة بهذه البرامج غير واضحة حتى الآن، ولم يتم تحديد ماهية الدعم الذي سيُستمر به بعد نقل الصلاحيات في يوليو. ويعاني النظام الصحي في الصومال من هشاشة مزمنة، إذ تُعدّ البلاد من بين الأدنى عالميًا من حيث مؤشرات الرعاية الصحية. وتقول مصادر طبية إن عشرات المراكز التي كانت توفر الرعاية الغذائية للأطفال أُغلقت بالفعل في مقديشو ومدن أخرى، مما تسبب بزيادة حالات القبول في المستشفيات بصورة غير معتادة. ضغط ميداني وأفادت مصادر طبية أن أكثر من 500 طفل يعانون من سوء تغذية حاد تم إدخالهم خلال شهري أبريل ومايو إلى مركز التغذية الرئيسي في مستشفى بنادر بالعاصمة مقديشو، وهي زيادة تقارن فقط بفترات الكوارث الكبرى كالجفاف والمجاعة. وأكد مسؤولون صحيون أن تقليص التمويل أثر كذلك على العاملين في المجال الطبي، حيث تم تخفيض الرواتب وأُلغيت بعض البرامج التدريبية والدعم اللوجستي للمراكز العاملة. ووفقًا لمنظمة اليونيسف، يعاني نحو 15 % من الأطفال الصوماليين من سوء التغذية الحاد، في وقت يتضاءل فيه الدعم الميداني. وذكرت المنظمة أن تخفيض التمويل حرم شركاءها المحليين من القدرة على توفير الإمدادات العلاجية الأساسية، بما في ذلك الأغذية العلاجية الجاهزة والمكملات الغذائية. بيئة شديدة التعقيد وتُضاف أزمة التمويل الأمريكي إلى معاناة البلاد من آثار الصدمات المناخية المتكررة، مثل الجفاف والفيضانات، والنزوح المستمر جراء انعدام الأمن. وتحتضن مقديشو وحدها أكثر من 800 ألف نازح داخلي، معظمهم يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة في ضواحي العاصمة، حيث أُغلقت عديد من مراكز الإغاثة التي كانوا يعتمدون عليها. ومع غياب البدائل الفعالة، تشير التقديرات إلى أن الوضع الإنساني في الصومال يتجه نحو مزيد من التدهور، ما لم تتم معالجة الفجوة التمويلية المتسارعة بشكل عاجل وشفاف، وفق ما تطالب به المنظمات الدولية والمحلية العاملة في الميدان.