بتوجيه من القيادة.. وزير الداخلية يوقع اتفاقيات أمنية مع الجهات الأميركية النظيرة    أحبَّكم كلكم    إنتاج أوبك+ في يوليو    المهندس محمد السلوم: رؤية 2030 قادتنا نحو مشاريع نوعية وتحول جذري في قطاع المقاولات في المملكة    اجتماع سعودي صيني يبحث عن حلول عاجلة للتحديات التي تواجه مستهلكي السيارات الصينية    من المملكة إلى العالم.. مركز الملك سلمان للإغاثة يضيء الأمل    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن المشروع التطوعي لإعادة تأهيل المنازل في محافظة أرخبيل سقطرى    من أفران أوشفيتز إلى رماد غزة    دماء سعودية تتدفق لحماية الأمة    عميد الذهب    نيابةً عن ولي العهد.. وزير الخارجية يرأس وفد المملكة في القمتين «الخليجية والآسيان والصين»    الاتحاد يكسب ضمك ويحتفي بلقب دوري روشن للمحترفين    الأهلي يتغلّب على الرياض بهدف في دوري روشن للمحترفين    «الداخلية» تصدر قرارات إدارية بحق (20) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    أفوكادو المثقفين    منطق القوة لايخدم السلام    دورة علمية لإيصال رسالة الحج الوسطية    الشماتة.. عدالة القدر الإلهي    نائب أمير القصيم يستقبل المحافظين ومدير الشرطة والأمين    أمير الشرقية يستقبل سفير مالطا    «إكسبو» يرصد «حكايات البحر» بين المملكة واليابان    «الجودة الورقية» تثقل كاهل مؤسسات التعليم وتشتت أعضاء هيئة التدريس    رئيس «الدينية» التركي يزور معالم الرياض التاريخية    الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق (20) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    "دفاع مدني المدينة" يواصل الإشراف الوقائي    المملكة تطلق مبادرة «طريق مكة» في المالديف    جاهزية المطاف    دامت الأفراح    إسقاط الكبار كلمة السر    الثنائي بطل لموسمين متتاليين    الفتح يقلب الطاولة على النصر بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    375 مليونا لتمكين المرأة في الزراعة    13.4% نموا الصادرات غير البترولية    74% إشغال فنادق المدينة المنورة    القاسمي يقدم لوحتين في أثناء زيارة سمو أمير منطقة جازان ونائبه لمحافظة بيش    أمير تبوك يطلع على التقرير السنوي لمديرية السجون بالمنطقة    مُحافظ الطائف يُكرِّم الطالبة "لمياء النفيعي" لتحقيقها المركز ال 3 عالميًا في معرض "آيسف 2025"    موسكو: هجماتنا ردع لأوكرانيا ومسودة السلام تحت المراجعة    أمير تبوك يقف على الجهود المبذولة لخدمة ضيوف الرحمن بمنفذ حالة عمار الاربعاء    نائب أمير تبوك يشهد حفل تكريم طلاب وطالبات مدارس الملك عبدالعزيز النموذجية بالمنطقة    عشرات الشُّهداء في مجازر غزة    توقيع اتفاقيات سعودية أمريكية في عدد من المجالات الأمنية    1.033 مليون حاج قدموا عبر المنافذ الدولية حتى نهاية أمس الأحد    100 ألف ريال غرامة بحق ناقلي حاملي تأشيرات الزيارة إلى مكة والمشاعر    جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة تعلن الفائزين بها في دورتها 11    100 ألف غرامة وإحالة للنيابة لمستودع أدوية في الرياض    أمير منطقة جازان يتفقّد محافظة بيش    نائب أمير المنطقة الشرقية يرعى الحفل السنوي لمجمع الأمير سلطان للتأهيل " إيفاء "    المفتي العام ونائبه يتسلمان تقرير برنامج الإفتاء والشباب من فرع الإفتاء بجازان    " فهد الطبية " تنجح في علاج ورم عظمي نادر في العمود الفقري العنقي لطفل باستخدام التردد الحراري ثنائي القطب وبدون جراحة    نائب أمير مكة يطّلع على جاهزية التقنيات الرقمية في المشاعر المقدسة لخدمة حج 1446ه    حملات توعوية عن أهمية اللقاحات لكافة الأعمار    البوسنة والهرسك تعفي السعوديين من تأشيرة الدخول    فكرة التكريم    عيون لا تنام.. حقَّقت أعظم الأحلام    هل الحب جريمة؟.. سؤال للمستقبل    دواء اكتئاب يكافح السرطان    فطريات قاتلة تنتشر في الصيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كي لا يموت بلا اسم ولا قبر
نشر في الوطن يوم 25 - 05 - 2025

يقول ميخائل نعيمة: «الناس يولدون شبه أموات، ثمّ ينهضون من الموت بالتدريج إلى أن تكتمل قواهم، ثمّ يأخذون يموتون بالتدريج إلى أن يدركهم الموت الكامل»، ونقول، إن الناس يولدون ويموتون مرة واحدة بغير إرادة منهم، لكنهم بين هته وتلك، يختارون عشرات الولادات والميتات؛ كل يوم، بإرادتهم الحرة الخالصة، وإنما يفعلون ذلك بشيء واحد، هو إما أن يختاروا أنفسهم وأحلامهم وأهدافهم فينضبطون في السعي في تحقيقها، أو أن يختاروا أن تسوقهم رغباتهم ومُتعهم اللحظية فيموتون مع انطفاء وهج كل متعة عابرة، وهذا ما يشكل الفرق بين البطل والجبان، وإن شئت قل، بين الخالد والمنسي.
من هو البطل، سوى رجل اختار أن يولد حرًا ويموت بشرف الاسم الذي يحمله: محمد بن عبدالله كان بطلًا اختار أن يتحمل حقد وجهل قومه لكي يولد في الخلود نورًا أبديًا، بوذا كان بطلًا؛ اختار أن يترك ملكًا عظيمًا، ليجوع ويعرى في الغاب، ويحيا بحبة أرز وكوب ماء، كي يولد حكيمًا مستنيرًا، غاندي اختار الكلمة سلاحًا وقوة، فولد في صرخات الأحرار وذاكرتهم إلى يوم الدين، فاختر من تكون، واحذر أن تموت فيقال عنك كما قال دوتسويفسكي «لم يكن حتى حشرة»، فليس في عيوب الناس شيء كعيب القادر الذي يبخل نفسه، ويظلم اسمه ويكون نسيًا منسيًا ويموت بلا اسم بلا قبر.
ماذا فعل الأبطال ليكونوا أبطالا؟ لقد صبروا وصابروا وعقدوا على قلوبهم حتى تولت عنهم الملذات، وضبطوا أنفسهم ومنعوا الهوى عنهم، وذاك كل ما في الأمر.
وقد يسأل سائل، وكيف الطريق إلى الانضباط هذا؟، وليس أفضل من قصة سقراط والرجل تجيب، إذ جاء رجل يدعى خارميدوس إلى سقراط الحكيم وسأله: ما الانضباط يا سقراط؟
قال سقراط: وما ظنك فيه، ما تحسبه؟
قال الرجل: لعله التعلُّم في هدوء، قال سقراط: التعلم والهدوء وحدهما لا يضبطان النفس.
قال الرجل: إذن الانضباط هو الحياء، أي أن يستحي المرء من أن يأتي فعلًا ما أو يتركه.
قال سقراط: ضبط النفس خير؛ وليس كل الحياء خير في حقيقته.
قال الرجل: لا بد أن يكون الانضباط هو القيام بالواجب والالتزام به.
أجاب سقراط: ما كل الواجب خير.
فدخل عليهما رجل آخر يدعى كريتياس، فقال للسقراط: أوليس الانضباط هو معرفة النفس وفهم أغوارها وسياستها بما ينفعها، أجابه: إن معرفة النفس هو جوهر الانضباط ومبتدأه.
إذن الانضباط، لا يعني أن ترهق نفسك بالواجبات والحسابات، أو أن تحيا حياة الخنيق على بعد ثانيتين من الغرق، فتفوتك اللحظة الحاضرة، ولا أن تعيش حياة القديسين فتحرم على نفسك ما أحل الله لها، ولا أن تعيش كما تصور لك السوشال ميديا الحياة، كما لو أن عليك تكون بطلا من ورق، بمقاييس مثالية: جسم هرقل، وعفة يوسف وسماحة المسيح، وحياة قارون، إنما حسبك أن تعرف من أنت، وما الذي يريده منك حلمك؟ ما الذي يحتاجه اسمك ليُشع ويصبح نورًا يستضيئ به الآخرون؟
ربما كل ما تحتاجه منك نفسك، أن تكون في صحة جيدة، لتكون قادرًا على إعالة أسرة وإكرام معيشتها، أو أن تكوني امرأة واعية فطنة؛ تكونُ مرجعًا أخلاقيًا ومعرفيًا للنشء الجديد، أو أن تكون ولدًا خلوقًا مستقيمًا في حارة مخمورة مُدخنة ماجنة، يصعب فيها على الولد أن يكون قويمًا، أو أن تكوني شابة تسعى في عفاف نفسها وشحذ عقلها وحفظ مفاتنها؛ في عالم تتهافت فيه أغلب الشابات على مُتع رخيصة..
واعلم أن الكِبر ليس من الانضباط والبطولة في شيء، فليس عليك أن تكون كبيرًا في التزامات كبيرة، لأن الكبير والصغير يفرضه عليك حلمك وطريقك وليس المجتمع والسوشال ميديا، ربما أقصى من يمكن لنفسك أن تكونه، أن تكون معلمًا وفيًا لطلبته في مدرسة صغيرة في قرية بعيدة، لكنها عند أهلها أعظم مدرسة في الكون، إذ لا تحتاج منك أن تكون عالمًا أو حامل شهادة دكتوراه، بينما يمكنك أن تكون حاملا أجمل ابتسامة، أو صدقة، أو أحسن من يميط الأذى عن طريق.
في النهاية أن تموت بطلًا، ليس بالأمر المُعجز، ويكفي في ذلك أن تتذكر أنك تستحق أن تموت باسم كريم يستحق الذكر، فكن جديرًا باسمك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.